خبر ذئب ذئب- هآرتس

الساعة 10:05 ص|24 نوفمبر 2014

بقلم: عميرة هاس

منذ سنين ونحن نصرخ "ذئب، ذئب" والذئاب لا تأتي، المرة تلو الاخرى لا تأتي. أو يأتي جراء ذئاب، تنجح قوانا في "احتوائهم"، على حد تعبير اللغة الامنية. فما الغرو في أن هتافات "ذئب ذئب" تستقبل بالاستخفاف، بالهزء وبالتجاهل؟ فهل هي التحذيرات بانه تقترب حرب دينية هي أيضا نوع من جرس التحذير اليائس؟

أمس اتصل صديق متدين من حي بيت حنينا وقال ان قتل المصلين في الكنيس يتعارض ومشاعره وأساس ايمانه الديني. وعلى لسانه ايضا كان اخطار "الذئب". فقد سأل: "الاسرائيليون لا يفهمون بان سكان جبل المكبر هم بدو، والولاء القبلي لديهم قوي جدا. اذا ما هدموا بيتا واحدا، فان الهدوء لن يخرج من هذا؟ قلت ان في الصحيفة مكتوب ان بعض جهات الامن يعارضون الهدم، ولكن موقف القيادة السياسية تغلب. ونحن قلقون.

"نحن"، هم كل من لا يفهم كيف يمكن التفكير بانه يمكن مواصلة السيطرة على نحو 4.5 مليون نسمة خلافا لارادتهم، التنكيل بهم كل يوم وكل لحظة، وتجاهل وجود نحو 5 مليون آخرين من اخوانهم يعيشون في المنافي وفي الشتات، ومواصلة التعامل مع نحو مليون وستمائة الف مواطن من الدولة كمواطنين مع وقف التنفيذ.

"نحن"، هم كل من يعرف بان تفاصيل السيطرة المنكلة هذه كثيرة بحيث لا يمكن استيعابها أو احصاءها. "نحن" ايضا نعرف بان الاغلبية الساحقة من الاسرائيليين – اليهود غير معنيين بمعرفة التفاصيل وحتى اولئك الذين يعرفون رغم أنفهم غير معنيين بها. "نحن" منذ زمن اضطررنا لان نهجر التفكير الانساني بان الناس لا يريدون أن يكونوا جهلة. ولماذا يهم الاسرائيليين ان تكون سياسة اسرائيل منذ ليفي اشكول وتيدي كوليك داست وهدمت الفلسطينيين في القدس كي يكون لليهود نور وفرح؟

"ذئب" هو الانفجار الواسع الذي نتوقع أن يحصل لان شعبا كاملا لا يمكنه أن يعاني التنكيل الى الابد. نحن نقول "ذئب" على أمل أن تكون الاسباب لظهوره – ستلغى. عندما كان الفلسطينيون المقدسيون هادئين، قالوا لنا: "أترون، هم مرتاحون. لديهم تأمين وطني وصندوق مرضى وليست عليهم قيود حركة ويمكنهم أن يعملوا كحمالين ومنظفين في المجمعات التجارية في غربي المدينة وان يشتروا من المجمعات التجارية". وعندما لا يكونوا هادئين – مظاهرات، صدامات مع الشرطة، عمليات دهس، قتل في الكنيست ومرة اخرى مظاهرات وصدامات – يقولون لنا: هم ناكرون للجميل. هم محرضون، هم قتلة في جوهرهم. بسبب اهمال البنى التحتية عندهم يقتلون بالسكين الجزارين؟ بسبب حظر البناء يدهسون للموت؟ بسبب سحب مكانة اقامتهم وطردهم من البلاد يطلقون المفرقعات على الشرطة؟

          "بسبب معدلات الفقر العالية جدا، الاستيطان الاستفزازي داخل احيائهم المهملة، الاكتظاظ في المنازل، هدم المنازل التي بنيت بلا تراخيص بناء، خراطيم مياه المجاري التي ترش الاحياء ("الاحتواء")، منع النشاط السياسي، الطرد من منازلهم لانه قبل 1948 كانت الارض مسجلة على اسم يهود (مثل الارض والمنازل في احياء الطالبية، البقعة، المصرارة، عين كارم وما شابه كانت فلسطينية، ولكن لا تعاد لهم)؟ بسبب شق طريق مديني في قلب حيهم لتقصير زمن سفر مستوطني غوش عصيون الى القدس وبسبب قطعهم بسور وبجدران وبقوانين جديدة عن باقي الضفة الغربية، يرشقون الحجارة على القطار الخفيف؟"

احدى طرق الاحتواء الانجح التي اتخذتها اسرائيل لمنع الذئاب من الوصول، هي بالطبع تقطيع المجتمع الفلسطيني الذي يوجد تحت حكمها منذ 196. لهذا فاننا نضطر للحديث هنا عن القدس بشكل منفصل. بالتدريج منذ 1993 قطعت اسرائيل القدس الشرقية عن عموم السكان الفلسطينيين في الضفة وغزة. وقدر "المحتوون" بانها وحدها – لن تتمكن من الثورة.

الصديق المتدين من بيت حنينا واصل سؤالي: "هذا يوم الجمعة الثاني الذي لا يكون فيه قيد على عمر الدخول الى الاقصى، وفجأة لا يحج النواب وكل أنواع غريبي الاطوار الى النطاق. ولا يوجد ما تسميه الشرطة "اعمال اخلال بالنظام"، بعد أو قبل الصلاة. ألا يفلهم الاسرائيليون بان المظاهرات كانت ردا على المنع والاستفزازات؟" ولخيبة أمله قلت له ان الامر ليس ان الاسرائيليين فهموا بل ان الملك عبدالله تدخل. فقال: "عن اي حرب دينية يتحدثون في اسرائيل؟ فاذا كان لا بد، فان الاسرائيليين هم الذين يثيرونها. كل المظاهرات والتوتر والغضب – هذا لاننا ملنا جدا هذا الحكم الشرير". بمعنى أن رفع القيود عن الدخول الى الاقصى لا يكفي.

صديق آخر، ملحد معلن من حي شعفاط، هو ايضا تحفظ من وصف "الحرب الدينية". وذكر بان غسان وعدي ابو جمل اللذين قتلا أربعة مصلين يهود وشرطي في الكنيس، هما من عائلة تتماثل مع الجبهة الشعبية – منظمة علمانية. وهو يقدر بانهما ذهبا للثأر. على كل شيء. على غزة أيضا. ويضيف: "كل المتظاهرين في الاحياء، في الاشهر الاخيرة. يقال ان هذا بسبب الاقصى؟ نصف ممن اعتقلوا بالاجمال لا يصلون".