خبر ربيع القدس.. الأستاذ رامز الحلبي *

الساعة 11:49 ص|22 نوفمبر 2014

أُشغل العرب في ربيعهم العربي المزعوم، وبسرعة لافتة ومشبوهة انحرفت بوصلة الجماهير عما أرادوا، وسقط قطار تغييرهم عن مساره، وما هي إلا أشهر حتى أصبح حال أصحاب الربيع العربي كالمستجير من الرمضاء بالنار، فبدل القمع السياسي الذي مارسته الأنظمة الرجعية أصبح القتل بالجملة ليصل إلى عشرات الآلاف على يد (التغيريين) ومعارضيهم، والتشرذم والتطاحن الداخلي وإنهاء منظومة الدولة الوطنية وسرقة الاقتصاد الوطني وبيعه لعصابات السوق السوداء، وأسواق النخاسة، كل هذا أصبح سمة للربيع العربي، ليقف أهل السلامة ويدعو بالخير من قلوبهم لأيام حكم الدكتاتوريات.

وأمام هذا المشهد المريع والذي ما زال قائما التفتت جماهير الأمة بعمومها أو لُفتت عن فلسطين والقدس، لتصبحان في أدنى قائمة اهتماماتهم هذا إن بقيت أصلا في بالهم، وهكذا غرقت القضية المركزية للأمة في بحر العتمة والتهميش كما كان يسعى لذلك أعداء الأمة من الصهاينة والأمريكان، حتى يمارسوا بغيهم على مقدساتهم وكرامة الأمة في فلسطين.

وأثناء هذا الغرق للأمة يتقدم الحاكم العربي للأمة بعمومه محليا وإقليميا ليتمم الدور الإجرامي الذي يشرف عليه المشروع المعادي للأمة، فيكيد كيدهم ويسير في مكرهم في محاور عدة، فعلى المستوى المحلي قمعت الجماهير الفلسطينية خاصة في القدس والضفة وفلسطين المحتلة عام 48 من خلال الاعتقالات العشوائية والمصادرات والتضييق المشغل عن النضال وكذلك الدور المرعب للتنسيق الأمني والذي يستعمل الحديد والنار لقمع الجماهير وتحديدًا في الضفة .

ثم التسويف والمماطلة في إعمار غزة وكل ما يتعلق به من القرار السياسي وإدخال مواد البناء والمواد اللازمة وفتح المعابر علمًا أن جماهير شعبنا تعرف من يقف خلف عدم الإعمار .

أما على المستوى العربي فلم يعد خافيًا على كثير من المهتمين الدور المشبوه بل المدان الذي تمارسه بعض العواصم العربية لنزع فتيل الانتفاضة الثالثة خدمة لإسرائيل أولًا وحتى لا تتجه الجماهير ببصرها إلى قضيتها الأولى وتظل غارقة في بحر ظلماتها فما قامت به أكبر عاصمة دينية إسلامية لمنع دخول السلاح الإيراني عبر السودان إلى غزة, وما قامت به أكبر عاصمة سياسية عربية من إحكام الحصار, وما قامت به صاحبة أطول حدود برية من دول الجوار وإدخال القدس والأقصى تحت تاج الملك, وما يحمله هذا التصرف من استئمان الذئب على الغنم ، كل هذا وغيره يأتي في سياق الحرب المسعورة على الأمة عمومًا وعلى الشعب الفلسطيني والقدس خصوصًا وبتخطيط أمريكي صهيوني وتنفيذ عربي رسمي في جزء كبير منه .

في ظل هذا الواقع المعتم والقاتم تأتي بارقة الأمل وبواكير الفرح والنصر ، حين يتقدم أبطال فلسطين خاصة أبطال القدس بسلسلة من العمليات الفدائية والبطولية والتي لن تتوقف بإذن الله ، تلك العمليات التي نسفت إلى حدٍ ما خطط الصهاينة والغرب وأدواتهم ، وأعادت الاعتبار للقدس وفلسطين ، وقالت للعرب من جديد ها هو مقدسكم يدنس فهبوا ، فرغم كل ما مورس ويمارس من مؤامرات ضد القضية الفلسطينية إلا ان الله المتكفل بالشام ( بالقدس ) يدك مؤامراتهم على يد الشلودي ومعتز حجازي وعكاري وأبو جمل وأبو حاشيه والهشلمون ولسان حالهم لكل أعداء الأمة ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ) .

لكن يبقى الموقف التاريخي الذي سيقفه كل واحد منا أمام الشهداء والقدس والأقصى ومقاومة المشروع الصهيوني، ما هو المطلوب منا، نقول ونحن نقف في حضرة الشهداء والأقصى ، على الفصائل التوقف الآن عن أي مهاترة سياسية داخلية والارتقاء إلى حجم المؤامرة التي تحاك ضد الأمة ومقدساتها والتخلي عن كل حظوظنا الحزبية والفصائلية ثم تسخير الإعلام والأموال لدعم الهبة المقدسة والانتفاضة الثالثة وتبني الشهداء والجرحى والبيوت المنسوفة خاصة في القدس الشريف .

على أثرياء الأمة أن يقدموا ما يمكنهم من الدعم المالي للقدس ولجهاد أهلنا هناك وعلى السياسيين والمفكرين والإعلاميين الوطنيين تعزيز مفاهيم الوعي لدى الجماهير بتحديد خندق الأعداء والأصدقاء وتحديد الأدوات لمواجهة المشروع الصهيوني .

على دعاة الإسلام عمومًا ، أن يكونوا أكثر تنقيبًا ووعيًا ونقدًا لكل ما يروه ويسمعوه لأن خبراء الصهاينة وأعداء الأمة قد جهزوا الفتاوى والكليبات والفيديوهات حتى يتم تسويقها على ألسن الكثير من الدعاة السذج أو المستأجرين، لتقسم الأمة فوق تقسيمها ويغرق أبناؤها في دم بعضهم بعض ..

إذاعة صوت الأسرى .