خبر التخوف الفلسطيني لم يعد هذيانا- هآرتس

الساعة 11:35 ص|21 نوفمبر 2014

ترجمة خاصة

التخوف الفلسطيني لم يعد هذيانا- هآرتس

بقلم: شاؤول اريئيلي

(المضمون: الاحتجاج الفلسطيني موجه ضد الذهاب الى الحرم وايضا ضد محاولة اسرائيل تغيير الواقع في القدس - المصدر).

بعد الحرب العالمية الاولى لم يكن للمفتي الحاج أمين الحسيني أية فرصة في مواجهته للحركة الصهيونية، التي كانت منظمة جيدا وحظيت بتأييد دولي واسع. المعسكر الفلسطيني الذي وقف على رأسه كان مفككا ومتصارعا ومليئا بالفساد. وكان هذا المعسكر وحيدا لأن الدول العربية المحيطة كانت مشغولة بأمورها. لذلك طلب المفتي تجنيد العالم الاسلامي لمساعدة عرب فلسطين زاعما أن اليهود يريدون هدم المسجد الاقصى واقامة الهيكل على أنقاضه.

قبل نحو مائة عام كان هذا الزعم هذيانا وعاريا عن الصحة لأن مواقف الحركة الصهيونية كانت تحافظ على مكانة الاماكن المقدسة. وقد استمر ذلك بعد حرب الايام الستة لأن الحكومات الاسرائيلية امتنعت عن تغيير الوضع الراهن في الحرم. ولكن اليوم وبسبب السياسة العمياء للحكومة الاسرائيلية فان الخطر على الاقصى فعليا وحقيقيا.

نتنياهو ونفتالي بينيت واوري اريئيل وميري ريغف ورفاقهم لم يتعلموا أي شيء حول خصوصية الحرم. هذا المكان الذي يشكل المادة اللاصقة التي توحد المجتمع الفلسطيني بكافة أطيافه ويحرك من هم غير منظمين لتنفيذ عمليات مثل القتل في الكنيس في القدس. الزيادة الدراماتيكية للزيارات من قبل اليهود في الحرم بما في ذلك اعضاء كنيست ووزراء وتصريحات ممثلي الجمهور بضرورة تمكين اليهود من الصلاة في الحرم بل واقامة الهيكل من جديد، وزيادة القيود على دخول المصلين المسلمين بل واغلاق الحرم – الامر الذي لم يحدث منذ عام 1967 – كل ذلك يزيد من شعور الفلسطينيين أن نبوءة المفتي ستتحقق، وعليهم منع ذلك.

وهم سيفعلون ذلك سواء لوحدهم أو بمساعدة التنظيمات الاسلامية التي تزداد قوة في اسرائيل وخارجها.

اذا كان باستطاعة الحرم تحريك اعمال احتجاجية وعنيفة، فلا يمكن أن نفصله عن الاحداث التي تحدث في محيطه والتي تؤكد الانطباع أن اسرائيل تريد تغيير الواقع في القدس. حتى الآن تم البناء في القدس في مناطق ضُمت الى المدينة من الضفة الغربية، ليس في القدس الشرقية في حدودها من عام 1967. هناك التواجد اليهودي شبه معدوم وفقط نحو 2500 يسكنون في تجمعات صغيرة، مثل معاليه هزيتيم في رأس العمود. إن دخول عشرات العائلات الى مدينة داود في سلوان والاعلان الممصوص من الاصبع لبينيت حول الاغلبية اليهودية واستمرارا لاعلان حديقة الملك كحديقة وطنية، كل ذلك يتم فهمه كتسريع اسرائيلي من اجل الدخول الى القدس الشرقية، ولا سيما الى الحوض المقدس. هذا التوجه يعتبر تهديدا لعروبة القدس المطلقة، التي تم الحفاظ عليها بعد 47 عاما من الاحتلال والتوحيد ظاهريا.

ايضا الدوائر البعيدة عن المدينة مهددة من قبل التوجهات الاسرائيلية بشكل يمنع اقامة العاصمة الفلسطينية في القدس الشرقية. المقصود هنا بناء أحياء جفعات همتوس وتوسيع جبل أبو غنيم جنوبي القدس والبناء في منطقة "إي 1" من اجل الربط بين معاليه ادوميم وجبل المشارف، وشق طريق تقسم بيت صفافا وهذا كجزء من خطة لاقامة حزام يهودي حول القدس الشرقية، وبالتالي تقسيم المدينة وربطها بالمحيط اليهودي.

كل هذا يتماشى مع الصديد الاجتماعي المعروف: الفلسطينيون في شرقي القدس الذين هم 40 بالمئة من سكان المدينة، يحظون بـ 10 بالمئة فقط من الميزانيات، 82 بالمئة من أولادهم تحت خط الفقر وينقص الجهاز التعليمي 1500 صف. الموجات الاخيرة من العنف والعنصرية ضد الفلسطينيين التي بدأت بخطف وقتل محمد أبو خضير حركت الاحتجاج العنيف الذي نشهده اليوم.

السلطة الفلسطينية وحماس تحاولان استغلال الاحتجاج الشعبي. حماس التي يذكرنا وضعها بوضع المفتي في حينه ترى في هذه الاحداث فرصة لتحييد السكان في غزة عن نتائج الحرب هناك. والضغط على اسرائيل ومصر لتعجيل عملية الاعمار وفتح المعابر في القطاع. كما قال رئيس "الشباك" هذا الاسبوع إن محمود عباس لا يشجع الارهاب بل هو يستنكره، ولكنه تعلم الدرس من المواجهة في غزة في الصيف، حيث تم دفعه باتجاه الهامش بينما تحظى حماس بالتأييد. لذلك هو ينضم الآن في محاولة لتحويل الاحداث الى خطوات احتجاج شعبية وزيادة الضغط على اسرائيل من اجل المفاوضات.

هكذا وبسبب سياسة حكومة نتنياهو، فقد تم كسر الهدوء النسبي الذي ساد في القدس حتى في ذروة الانتفاضة الثانية. وضمانات رئيس الحكومة للملك عبد الله ووزير الخارجية الامريكية جون كيري في عمان هذا الاسبوع تشبه خطاب بار ايلان، ليست ذات قيمة طالما أنه لا يستخدم صلاحياته لمنع الاستفزاز من قبل اعضاء حزبه وحكومته. وفي السياق عليه تغيير خدعة "القدس الموحدة" بالاعتراف أن المدينة لم توحد أبدا. وعليه أن يفهم أن فرصة المدينة الوحيدة هي انفصالها عن الاحياء العربية التي ستكون جزءً من عاصمة فلسطين.