خبر رهان إسرائيلي على الكونغرس الأميركي لإحباط الاتفاق مع إيران.. صالح النعامي

الساعة 11:05 ص|21 نوفمبر 2014

تُقرّ إسرائيل أنها في سباق مع الزمن، ليس لإحباط فرص التوصل لاتفاق بين إيران والقوى العظمى بشأن مستقبل البرنامج النووي فقط، بل تجاهر حتى بمطالبتها القوى العظمى، بالإقدام على تشديد العقوبات على الإيرانيين فوراً. وعلى الرغم من تضارب التسريبات بشأن طابع التقدم الذي تحقق في المفاوضات النووية، إلا أن إسرائيل أعلنت أن تحركاتها الدبلوماسية المكثفة تهدف لتقليص فرص التوصل للاتفاق، لا بل هددت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بتجاوزها وتوظيف الكونغرس للإطاحة بالاتفاق في حال تم إنجازه بالفعل.

وقد كان المسؤول عن تنسيق الجهود الإسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني، وزير الاستخبارات الإسرائيلي، يوفال شطاينتس، واضحاً عندما أكد أن "تل أبيب لا تكتفي بإجراء اتصالات مع الإدارة الأميركية بهدف تنسيق المواقف معها، بل إنها على اتصال دائم بقادة الكونغرس لتجنيدهم، لإحباط فرص التوصل لاتفاق سيئ".

وأوضح شطاينتس في مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي، يوم الثلاثاء، أن "إسرائيل مستعدة للاتصال بالعالم بأسره من أجل منع التوصل لاتفاق مع إيران، لا يلبي المصالح الإسرائيلية". وأشار إلى أن "المعلومات التي تملكها إسرائيل، تؤكد أن لدى القوى العظمى استعدادا للتسليم بأن تكون إيران دولة على حافة قدرات نووية، من خلال السماح بالإبقاء على آلاف أجهزة الطرد المركزي التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم، والإبقاء على المنشآت النووية الإيرانية بدون تفكيك".

ويطالب الوزير الإسرائيلي، الغرب باستنساخ الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع ليبيا عام 2003، والذي تم بموجبه تصفية البرنامج النووي الليبي بالكامل. ويعتبر شطاينتس، أنه حتى لو لم يتم التوصل لاتفاق بحلول 24 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، وتم التوافق على تمديد المفاوضات، فإن ذلك سيُعتبر "نتيجة سيئة" بالنسبة لإسرائيل، على اعتبار أن هذا يعني أن القوى العظمى مستعدة للتعاطي بإيجابية مع ما أسماه "الحيل الإيرانية".
وانتقد شطاينتس ممثلي القوى العظمى، قائلاً إن "هناك ما يؤشر على أن الغرب وقع ضحية تكتيك الابتسامات، الذي يعتمده الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف". ولفت إلى أنه "باستثناء اللهجة، فلا يوجد ثمة فرق بين روحاني وسلفه أحمدي نجاد".

ولم يبدُ شطاينتس يائساً من نجاح إسرائيل في تغيير مسار الأمور في جنيف في آخر لحظة، مشيراً إلى أن "إسرائيل تمكنت من تغيير صيغة الاتفاق المؤقت، الذي تم التوصّل إليه قبل ستة أشهر، في آخر 24 ساعة قبل التوقيع عليه". وحسب شطاينتس، فقد تمكنت الدبلوماسية الإسرائيلية من تضمين الاتفاق المؤقت في آخر لحظة، بنداً يحرم إيران من الحق في مواصلة تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة.

لكن هناك في إسرائيل من يحذر من خطورة الرهان على الفوز الكاسح الذي حققه الجمهوريون في الانتخابات النصفية لمجلسي الكونغرس. ويرى المعلق في قناة التلفزة العاشرة نداف إيال، أنه "بسبب الفوز الذي حققه الجمهوريون يمكن أن يتجه أوباما لعقد الصفقة مع الإيرانيين". وحسب إيال، فإن "أوباما يرى أن الاتفاق مع إيران فقط يمنحه الفرصة لترك أثر تاريخي على الأوضاع في العالم، بعد أن تهاوت أماله في التأثير على الأوضاع الداخلية بعد فوز الجمهوريين".

وفي السياق، كشفت صحيفة "هآرتس" في عددها، أمس الأربعاء، أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يكتفي بالتحرك لدى الكونغرس، وضمان وقوفه ضد أي اتفاق لا يلبي المطالب الإسرائيلية، بل عمد أخيراً إلى تكثيف المقابلات التي يمنحها لقنوات التلفزة الرائدة في الولايات المتحدة، في مسعى واضح للتأثير على الرأي العام الأميركي وإقناعه بخطورة الاتفاق مع إيران".

ويندرج تحرك نتنياهو، في سياق الخشية من توقيع أي اتفاق يعتبره على حساب إسرائيل، على الرغم من أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري اتصل به مساء الإثنين، وأطلعه على مسار المفاوضات، وأكد على التزام واشنطن بعدم التوصل لاتفاق يمكن أن يهدد أمن إسرائيل.

وذكرت الصحيفة أن "تركيز إسرائيل على النصف الفارغ من الكأس لا يشي بحجم التنازلات التي قدمتها إيران، وعلى رأسها: موافقتها على إحداث تغييرات تقنية في مفاعل أراك للمياه الثقيلة، وذلك من أجل تقليص قدرة الإيرانيين على إنتاج البلوتونيوم، علاوة على التزام طهران بعدم بناء منشأة جديدة لتحويل البلوتونيوم إلى سلاح نووي".

وتشير "هآرتس" إلى أن "الإيرانيين رفضوا إغلاق منشأة تخصيب اليورانيوم التحت أرضية في بوردو، لكنهم وعدوا ممثلي القوى العظمى بتحويلها إلى منشأة بحثية، بحيث تكون تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة النووية".

وبحسب الصحيفة، فإن "لدى الإيرانيين 8 أطنان من اليورانيوم المخصب بنسبة 5 في المائة، ويبدي الغرب استعداده لأن يبقي في يد الإيرانيين كمية رمزية لا تتجاوز 350 كيلوغراماً، وهي كمية لا تكفي لصناعة قنبلة نووية".

ويقترح ممثلو الدول الغربية أن يتم نقل ما تبقى من يورانيوم إلى روسيا، لتحويله إلى وقود نووي يستخدم في محطة توليد الطاقة النووية في "بوشهر". وتنقل "هآرتس" عن مسؤولين أميركيين تقديرهم، بأن هناك ما يؤشر على قبول الإيرانيين هذا العرض.

وبحسب "هآرتس"، فإن "الخلاف بين الطرفين، ينحصر في ثلاث قضايا رئيسية. وعلى رأس هذه القضايا، عدد أجهزة الطرد المركزي التي يمكن لإيران الاحتفاظ بها. فالإيرانيون متمسكون بحقهم بالاحتفاظ بما لديهم من أجهزة، والتي يصل عددها إلى 19 ألف جهاز، في حين أن القوى العظمى مستعدة لإبقاء 4500 جهاز فقط في حوزتهم. وفي حين تطالب إيران برفع فوري وشامل للعقوبات الدولية عليها، فإن ممثلي الدول العظمى يصرون على أن العقوبات سترفع بشكل متدرج، يتم ربطه بمدى التزام طهران بالاتفاق". وتشير الصحيفة إلى أنه "في الوقت الذي يطالب الغرب بأن يظل العمل بالاتفاق سارياً لمدة 15 عاماً، فإن الإيرانيين مستعدون للعمل به لمدة سبع سنوات، على أكثر تقدير".