خبر « الانتفاضة » ترعب الاقتصاد الإسرائيلي

الساعة 06:34 ص|20 نوفمبر 2014

القدس المحتلة

"هذا ما كان ينقص الاقتصاد الإسرائيلي، فوضى وعلامات انتفاضة ثالثة يقودها العرب"، هكذا بدأت مقدمة أحد البرامج الصباحية في الإذاعة العبرية الناطقة باللغة العربية، برنامجها الذي خصص للحديث عن تراجع أداء الاقتصاد الإسرائيلي.

وجاء حديث المذيعة لاحقاً للعملية التي نفذها الشهيدان غسان وعدي أبو جمل، من القدس، أول من أمس الأول، في معهد ديني أسفر عن مقتل 5 إسرائيليين وإصابة آخرين، بحسب الشرطة الإسرائيلية.

وبدأت وسائل إعلام عبرية، وكتّاب أعمدة إسرائيليين، وفلسطينيين، بتكثيف تداول مصطلح "انتفاضة" على الأحداث الأمنية الجارية في مدن الداخل الفلسطيني المحتل، وخاصة مدينة القدس، وعجز الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ ردود فعل تنهي هذه الفوضى.

ويعاني الاقتصاد الإسرائيلي في الوقت الحالي، من تراجع كبير، إذ انخفض النمو إلى 0.4٪ خلال الربع الثالث من العام الجاري.

ويرى الباحث الفلسطيني، أنطوان شلحت، أن الوقت الحالي - بحسب وجهة النظر الإسرائيلية - ليس مناسباً أبداً لأي تدهورات أمنية في مدينة القدس أو أي من مدن الداخل (في الأراضي المحتلة عام 1948)، لأن الوضع الاقتصادي في إسرائيل لا يتحمل عدة ضربات في آن واحد.

وأضاف شلحت، خلال حديث مع مراسل "العربي الجديد"، أن وصف الأحداث الأمنية الجارية داخل المجتمع الإسرائيلي بـ "الانتفاضة"، سيزيد من مخاوف المستثمرين، سواء القائمين أو الجدد، وسيقلّل من حركة وقوة

أسواق التجزئة المتراجعة أصلاً، ما سيضع الاقتصاد الإسرائيلي تحت الضغط.

وتداول الإعلام الإسرائيلي، خاصة ملحقي "ذي ماركر" و"كلكليست" المتخصصان في الاقتصاد الإسرائيلي، بحسب شلحت، العديد من التقارير الاقتصادية والأرقام التي سيتعرّض لها الاقتصاد الإسرائيلي في حال استمرت الفوضى الأنية داخل مدن الاحتلال.

وعلى سبيل المثال، بلغ إجمالي الناتج المحلي في إسرائيل عام 2004، وهي السنة التي شهدت أوج انتفاضة الأقصى، نحو 100 مليار دولار، بينما ارتفع عام 2008 مع استقرار الأوضاع الأمنية داخل إسرائيل إلى 174.9 مليار دولار، ليستقر عند 291 مليار دولار نهاية العام الماضي، 2013.

وقال شلحت إن الحكومة الإسرائيلية مصدومة من أرقام نمو الاقتصاد للأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري، "هناك تراجع كبير في الاقتصاد الإسرائيلي، فيما لا تستطيع وزارة الاقتصاد أو المالية أو بنك إسرائيل السيطرة على هذا التراجع".

وتابع: "هذا التراجع تزامن مع حرب على قطاع غزة، والتي أفقدت الاحتلال كثيراً من متانته الاقتصادية. وفوق كل ذلك، يتعرّض الشيكل الإسرائيلي إلى تدهور كبير، ما أفقده أكثر من 10٪ من قيمته أمام الدولار الأميركي".

وبحسب أرقام بنك إسرائيل، أمس الأربعاء، فقد بلغ سعر صرف الدولار نحو 3.83 شيكلات، بينما كان قد بلغ مطلع يونيو/ حزيران الماضي 3.4 شيكلات.

وقال الباحث في الاقتصاد الإسرائيلي، مهند عقل، إن التوترات داخل المدن المحتلة وخاصة القدس، إضافة إلى الخطر الدائم على الاحتلال، وهو غزة، سرعان ما تهوي باقتصاد الاحتلال بسرعة قياسية.

وأضاف: "اليوم تشهد مدن الداخل عمليات فردية، من دهس وطعن وخنق، من قبل الفلسطينيين الذين يدافعون عن أنفسهم. هذه العمليات الفردية خفضت من حركة المستهلكين في الأسواق بشكل كبير".

وتابع: "في الوقت الحالي، لا يمكن أن نضع أرقاماً حول خسائر الاقتصاد الإسرائيلي من هذه التوترات، لكن المؤشرات على الأرض تقول إن تراجعاً ملحوظاً في حركة المستهلكين وقوتهم الشرائية يُسجّل، بينما لا توجد أية


استثمارات جديدة بمبالغ ضخمة في السوق الإسرائيلية، كما كان خلال الفترة نفسها من العام الماضي".

وخلال لقاء معه، أكد رئيس المركز الدولي للدراسات السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط، معين أبو نصار، أن الاحتلال يستخدم مصطلح "انتفاضة"، منذ أن انتهت المفاوضات السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين نهاية أبريل/ نيسان الماضي.

وأضاف أن حكومة بنيامين نتنياهو متخوّفة من انهيار الوضع الأمني داخل الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد تعثّر المفاوضات، وهذه التخوّفات هبطت بالاقتصاد الإسرائيلي خلال الربعين الثاني والثالث من العام الجاري.

ومضى قائلاً: "يبدو أن الاحتلال لم يعد يعرف من أين ستأتي الضربة القادمة، لذا وجد أن ارتفاع وتيرة العنف في مناطق الداخل هي فعلياً انتفاضة، ووسائل الإعلام وصفتها بذلك في عشرات المناسبات، والاقتصاد كان أول ضحايا هذا الوصف".

واعتبر أن ما يجري حالياً، لم يصل لوصفه بالانتفاضة، لكنه لم ينكر أنها ممهّدة لنوع جديد من الثورات الفلسطينية، التي سيقودها فلسطينيو الداخل، "وهنا أتوقع أن التأثيرات الاقتصادية ستهوي بحكومة نتنياهو، وستضرب القطاعين العام والخاص الإسرائيليين".

وبحسب أرقام صادرة عن مكتب الإحصاء الإسرائيلي، مطلع العام الجاري، فإن معدلات النمو الاقتصادي، خلال فترة انتفاضة الأقصى، لم تتجاوز حاجز 2.5٪ سنوياً منذ عام 2000 - 2006، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من التطور الاقتصادي والصناعي الإسرائيلي.

ويرى شلحت أن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع أبداً السيطرة على الأعمال الفردية التي ينفّذها الفلسطينيون في مدن الداخل، مشيراً إلى أن عدد القتلى الإسرائيليين خلال الأشهر الثلاثة الماضية يفوق عددهم خلال العامين الماضيين.

وختم حديثه بأن الحكومة الإسرائيلية، مهما حاولت التقليل من هذه الأعمال، إلا أن الحقيقة تظهرها الأرقام الاقتصادية الإسرائيلية، التي تتأثر مباشرة مع أية عملية، "لأن الوضع الاقتصادي لدى الاحتلال مبني بكل بساطة على الأمن".