خبر الهدوء، يقترعون -يديعوت

الساعة 10:47 ص|17 نوفمبر 2014

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: حين تهب رياح الانتخابات يكون نتنياهو أول من يلتقطها ولا يهمه في الطريق للعودة الى قاعدته الانتخابية اليمينية ان يحرق حتى ما حققه هو نفسه من اصلاحات وانجازات - المصدر).

 

أعلن العلماء الذين أنزلوا المركبة الاوروبية "بلاي" بأن المركبة غرقت في سُبات شتوي. فقد انتهت بطاريتها. وفي الصيف، حين تعود الشمس لتشرق عليها، ستمتلىء البطارية وستستيقظ المركبة من جديد، كما يأملون.

 

بشرى حزينة لوكالة الفضاء الاوروبية وتحدٍ يبعث على التفكير لمن يعيش بعيدا في الاسفل، بين النهر والبحر. كان لطيفا لو أننا نحن أيضا غرقنا في سُبات وتجاوزنا كل العفن الذي ينتظرنا هنا في الاشهر القريبة القادمة. وكل شيء مشمول: الحروب الدينية في القدس، الارهاب المتجدد، انتقال العنف الى داخل اسرائيل، النمو السلبي في الاقتصاد، هرب الادمغة الى الخارج، والذي يسمى الان بكياسة "اعادة التموضع"، التطرف والشلل وكلاهما نتيجة للتدحرج نحو الانتخابات.

 

نتنياهو هو الهوائية التي تدل على وضع الريح. فعندما اعتقد انه تبقى للائتلاف القائم عامان آخران على الاقل في الحكم كان يروج لسياسة معينة، أيد سلسلة من القرارات وعارض اخرى. اما في الاسبوعين الاخيرين فقد انقلب رأسا على عقب. نسير من الخفيف الى الثقيل: في الاسبوع الماضي استأنف ضد القانون الذي يرتب البث التلفزيوني التجاري، القانون الذي أيده في الماضي؛ وعمل على عرقلة القانون الذي يسمح باكتتاب بعض اسهم الصناعية الجوية وغيرها من الشركات الحكومية في البورصة. وهو، المخصخص العظيم، تحول الى العد الطائع لحاييم كاتس، رئيس عاملي الصناعة الجوية؛ ووقف جانبا عندما منع رئيس الكنيست يولي ادلشتاين ورئيس الائتلاف زئيف الكين الاصلاحات في الجهاز الصحي، الذي كان صوته الى جانبها في الحكومة؛ وأمس أعرب عن تأييده لقانون القومية لالكين، القانون الذي يستهدف تقليص التزام الدولة تجاه قيمها الديمقراطية. وفي الماضي عارض نتنياهو القانون وخاف من الضرر الذي سيلحقه اقراره بمكانة اسرائيل في العالم؛ والقى خطابات حماسية عن علاقات اليهود والعرب مما هيج الوسط العربي في اسرائيل وترك الخلافات على الميزانية تتضخم لدرجة الانفجار.

 

فهل جن جنون نتنياهو؟ لا بالتأكيد. فقد عاد فقط الى الطقوس الدائمة التي ترافقه في كل الحملات الانتخابية، تلك التي نجح فيها وتلك التي فشل: فعندما تخطو الانتخابات فانه يشعر

 

بدافع لا يمكن كبح جماحه للعودة الى القاعدة، الى العنصر الاكثر تطرفا في جمهور الناخبين. واذا ما احترقت في الطريق كل الاصلاحات التي أيدها، كل المبادىء التي آمن بها، كل التزاماته لحكومته والحكومات الاجنبية، كل وقفة الراشد المسؤول، فلتحترق. الهدوء، يقترعون.

 

والان بالذات، عندما يتسع الانقسام في اليمين، وينافس الليكود المتقلص على ذات جمهور الناخبين امام بينيت وامام ليبرمان. فانه ملزم بان يكون مستوطنا اكثر من بينيت ومناهضا للعرب اكثر من ليبرمان، والا فلن يكون بيبي.

 

لقد دخل لبيد الى هذه المعركة في حالة المدين. فقسم من ناخبيه هجروه؛ والادمان على ضريبة القيمة المضافة صفر جعلته رهينة في ايدي خصومه؛ العناد، الذي سمح له بان يهزم نتنياهو في الماضي، في القرار على تجنيد الاصوليين مثلا، فقد قوة تأثيره. فلا يمكن التهديد بالانتخابات من صمم على التوجه الى الانتخابات.

 

كل بطانية الميزانية، او ما تبقى بعد الحل الوسط حول ميزانية الدفاع، استثمرها في الايفاء بوعوده بناخبيه. ونسي ان لاعضاء الائتلاف أيضا يوجد ناخبون تلقوا وعودا – مطرا من الوعود يهطل عليهم ايضا. واذا لم يكن بوسعهم ان يجلبوا للناخبين مالا، فسيجلبون لهم على الاقل الرضى الذي في اهانة لبيد. غير أنه حيال هذا التهكم، حيال القطيع المندفع نحو الهاوية، يخرج الناس للتظاهر، ليس احتجاجا جماهيريا على نمط 2011 – محظور على المرء ان يبالغ في توقعاته – ولكن شيئا ما، خيمة افتراضية على الفيسبوك، اعتصام أمام منزل رئيس الوزراء، يشكل بارقة أمل يتمسك المرء بها للشتاء. ولكن 2011 أفرغ ينابيع الاحتجاج. فعلى التهكم نرد بتهكم وعلى اليأس بيأس.

 

انتخابات، بل وانتخابات مبكرة، يمكن ان تجدي. ان تنعش جدول الاعمال، توضح المواقف في المواضيع القائمة، تعطي فرصة للجمهور للتعبير عن رأيه. وهي لا تجدي عندما تدفع السياسيين لان يتظاهروا بانهم مختلفين. حين تدفعهم للعمل ضد المصلحة الوطنية، قرع طبول الحروب التي لا يريدونها، الاستسلام لاملاءات المتبرعين، لجماعات الضغط السياسية والتجارية ولرؤساء اللجان. الانتخابات لم تعلن رسميا بعد وها هي تنم عنها رائحة فساد شديدة.