خبر ردع في الاتجاه الخاطيء -هآرتس

الساعة 10:23 ص|09 نوفمبر 2014

ردع في الاتجاه الخاطيء -هآرتس

بقلم: جاكي خوري

(المضمون: الحديث عن الردع وسحب الجنسيات يعني أن الحكومة تتعامل مع الجمهور العربي على أنه جمهور عنيف - المصدر).

 

إن الحادث الذي وقع أمس في كفر كنا لا يستدعي التحقيق حسب وجهة نظر الجمهور العربي في اسرائيل، لأن الامور واضحة ولا تقبل أكثر من تفسير، وليس هناك حاجة للايضاح أو الاستفسار: شرطي قام باطلاق النار على شاب عربي من مواطني اسرائيل، وقتله من مسافة صفر، وما عدا ذلك هو تحليلات لا معنى لها.

 

من هنا فان الامور قابلة للتطور في اتجاهين. التوتر قد يزداد – وليس فقط في كفر كنا – والعودة الى ايام المظاهرات كما حدث في عملية "الجرف الصامد" بل ايضا في تشرين الاول 2000. والاحتمال الثاني هو أن تتصرف الدولة كدولة سليمة وتحاكم الشرطي الذي قتل المواطن بغض النظر عن أصله.

 

لكن الردود التي جاءت من مكتب رئيس الحكومة ومن عدد من الوزراء، وكذلك من القيادة العليا للشرطة، لا تبشر بالخير، والحديث هنا عن الردع وسحب الجنسيات يُظهر أن الحكومة تتعامل مع الوسط العربي على أنه وسط عنيف، والتعامل معه يجب أن يكون بالقوة وليس بالحوار، وبهذا يكون الشرطي جاهزا لفتح النار بدون رادع وبدون الخوف من المحاكمة.

 

إن ردع الشرطة من شأنه أن يمنع أحداثا كهذه. فمنذ تم سجن الشرطي الذي قتل محمود غنايم عام 2006، عندما حاول الاخير الهرب في سيارة مسروقة في برديس حنا، لم يحدث أمر كهذا، حتى أمس.

 

على قادة الدولة وجهاز الشرطة أن يدركوا أن العلاقات بينهم وبين الجمهور العربي في اسرائيل ستكون دائما مركبة، من جهة الحديث عن المواطنين، حيث أن الشرطة مسؤولة عنهم وعن أمنهم مثل باقي مواطني الدولة، وأن تدافع عنهم وتمنحهم الشعور بالأمن على المستوى الشخصي، وسوف يستمر العرب في الاتصال على الرقم 100 في حالات الطواريء.

 

ومع ذلك، يجد العربي نفسه في مواجهة الشرطة عند حدوث أمر سياسي، فكل عملية هدم للبيوت في النقب أو في الجليل أو في وادي عارة هي سبب لانداع المواجهات. الهجوم على غزة وحرب في لبنان أو مواجهات في الضفة والقدس، كل هذا قد يؤدي الى الصدام.

 

وكل عملية اطلاق نار على مواطن عربي تؤجج الوضع والسبب بسيط: الشرطة هي الذراع الطويلة للحكومة والمؤسسة الحاكمة، وفي اسوأ الحالات هي تعتبر العرب تهديدا يجب ازالته، وفي أحسن الحالات، مشكلة أمنية يجب مواجهتها بالعصا والجزرة، وبالذات العصا.

 

إن الشرطة في وعي المواطن العربي قد تطلق النار بسهولة طالما أنها تواجه العرب. وحادث أمس يؤكد هذا الوعي. ويدحض الادعاء القائل إن الشرطة قد تعلمت الدروس من أحداث تشرين الاول 2000، وأنها مستعدة لاجراء تغيير في المعاملة مع الجمهور العربي.

 

إن اجراء تحقيق سريع واتخاذ الاجراءات اللازمة ضد الشرطة المسؤولين عن الحادث من شأنه أن يهديء النفوس ويبعث رسالة ايجابية، وكل محاولة للدفاع عن الشرطي واتهام الشاب العربي ستكون اخفاءً للحقيقة من وجهة نظر الجمهور العربي، الامر الذي سيفجر الوضع من جديد.

 

القيادة تُقاس بقدرتها على منع الحادث القادم وليس فقط بالتحقيق في الحادث الذي كان.