خبر المخربون القليلين لم يعودوا وحدهم- هآرتس

الساعة 10:23 ص|06 نوفمبر 2014

المخربون القليلين لم يعودوا وحدهم- هآرتس

بقلم: عاموس هرئيل

 (المضمون: التغيير الملموس في الاشهر الاخيرة هو أنه الى جانب الاعمال الفردية، هناك احتجاج من قبل الاغلبية في الرأي العام - المصدر).

 

العملية التي قتل فيها أمس الضابط جدعان أسعد، هي العمل الارهابي الثالث في المدينة خلال اسبوعين.

 

منذ قتل الفتى محمد أبو خضير من قبل مخربين يهود في تموز، قتل في القدس اربعة مواطنين اسرائيليين وستة فلسطينيين (من بينهم اربعة مخربين منفذي عمليات تم قتلهم من قبل قوات الامن). تواصل الاحداث – التي يجب أن تشمل قائمة طويلة من المظاهرات العنيفة ورشق الحجارة والقاء الزجاجات الحارقة باتجاه السيارات الاسرائيلية – غيّر الوضع الامني بشكل كلي في القدس.

 

لا شك أن هذا الامر يقلل من الشعور بالامن في الاحياء اليهودية وراء خطوط 1967 وسيؤثر ايضا على مجيء الزوار الاسرائيليين والسياح من الخارج الى شرقي المدينة. القرار الاردني حول اعادة السفير من تل ابيب للتشاور يشير الى خطورة الوضع. ورغم أن الاردن يحصل على مساعدات امنية واقتصادية غير مسبوقة من اسرائيل، إلا أنه يشعر بالالتزام وبضرورة الاحتجاج العلني وذلك انطلاقا من أهمية وحساسية موضوع القدس في العالم العربي. وتضاف الى هذا الضغط المتفاقم عملية الدهس الثانية أمس التي أصيب فيها ثلاثة جنود في غوش عصيون.

 

قبل عام بالضبط، في خريف 2013، كان هناك تسلسل لعمليات ارهابية ضد الجنود والمستوطنين في أنحاء الضفة الغربية. وفي نفس العام ايضا كان هناك نقاش متواصل فيما اذا كانت هناك انتفاضة ثالثة. لكن التوتر قلّ حتى بداية العام الحالي، والتصعيد الحالي يبدو أنه أكثر جدية. قبل عام ايضا كان هناك تسلسل للعمليات من قبل "ذئاب متفرقة"، وهم مخربون عملوا على مسؤوليتهم بدون الانتماء الى التنظيمات وبدون سلسلة قيادية من خلفهم. والتغيير الملحوظ في الاشهر الاخيرة هو أنه الى جانب العمل الفردي فان الاحتجاج يشمل الكثيرين. ففي كل اسبوع

 

تحدث مواجهات في شرقي المدينة بين المتظاهرين الفلسطينيين والشرطة، وبمشاركة عدد كبير من الشبان. وفي هذه المرة يلاحظ أن العنصر الديني مهم جدا بسبب خوف الفلسطينيين من أن تحاول اسرائيل تغيير الوضع القائم بشكل أحادي الجانب في الحرم. محاولة اغتيال يهودا غليك شكلت الرقم القياسي في سلسلة الاحداث المتعلقة بالحرم.

 

في حادثة اليوم، كانت الشرطة ايضا هدفا للهجوم – المخرب ابراهيم عكاري هاجم الشرطة وبيده قضيب من الحديد، بعد أن قام بدهس مجموعة من حرس الحدود والمارة في محطة القطار الخفيف. ومثل كل الاحداث الاخيرة التي تتم في مناطق مليئة بالكاميرات، فقد تم توثيق هذه الحادثة. ومثل الاحداث السابقة فان ضابط حرس الحدود قد أطلق النار المخرب، ومرة اخرى ظهرت الادعاءات بأن عملية قتل المخرب، وهو ملقى على الارض، لم تكن مبررة.

 

ما يحدث هنا هو شيء غير معلن وغير مكتوب، ويجد تعبيره في نوعين من الاحداث: الاول هو قتل المخرب في ساحة العملية (كما حدث أمس)، والثاني هو قتل القتلة المسلحين اثناء عملية الاعتقال (كما حدث مع معتز حجازي المعتدي على غليك قبل اسبوع، ومثلما حدث في ايلول في الخليل مع قتلة الفتيان المخطوفين الثلاثة). الشرطة تطلق النار أولا وبعد ذلك تقوم بطرح الاسئلة. من الصعب أن نتبين أو نحكم، بعد الحدث وبدون الشعور بالخطر في الميدان، على الشرطي ومقدار الخطر الذي يكون مستعدا لأخذه على عاتقه اثناء مواجهته مع مخرب وبالقرب من مواطنين أو عندما يتم الهجوم على بيت قاتل مسلح.

 

ومع ذلك، فان اعلان وزير الامن الداخلي، اسحق اهارونوفيتش، بأن كل عملية يجب أن تنتهي بقتل المخرب، لا داعي له. اهارونوفيتش ليس هو السياسي الاول الذي يتحدث هكذا وفي ظروف مشابهة. فهكذا أعلن ايضا رئيس الحكومة في حينه اسحق شمير في أعقاب موجة عمليات السكاكين في الانتفاضة الاولى. صحيح أنه من الضروري أن يقوم رجال الامن بكبح المخرب فورا في الميدان وبتصميم ومن غير الخوف من المحاكمة، ولكن هذا النداء العلني بدون تحفظات أشبه باعطاء أمر بالاعدام. وهذه مقدمة للتورط اخلاقيا وقضائيا وسياسيا ايضا. من المفضل ترك هذا النقاش لقادة الشرطة، وليس هناك سبب يدفع وزيرا في الحكومة للتلفظ بهذا الشكل سوى الانتخابات القريبة كما يبدو.

 

عملية أمس تُظهر أن الطريق الى تهدئة الاطراف في المدينة ما زالت طويلة، رغم زيادة عدد قوات الشرطة والتصريحات المصممة لحكومة نتنياهو. لدى الفلسطينيين في القدس عدة مبررات

 

للانتفاض – اليد القوية التي أعلنت عنها اسرائيل لقمع العنف، مخرب أمس مثل من تعرض لحياة غليك في الاسبوع الماضي كان نشيطا في منظمة اسلامية، ومع مراعاة حقيقة أن شقيق القاتل نشيط في حماس وهو من المفرج عنهم في صفقة شليط وتم ابعاده الى تركيا (يعيش هناك مع صلاح العاروري أحد قادة الذراع العسكري)، لهذا فان هذا العمل قد لا يكون مجرد "ذئب منفرد".

 

في ساعات ما بعد عملية القتل أسرع وزراء الحكومة – يعلون، ليبرمان، شتاينيتس، بينيت وآخرين – الى التنافس فيما بينهم من اجل اعطاء تصريحات اتهمت رئيس السلطة محمود عباس بالمسؤولية عن العملية. صحيح أن القادة الفلسطينيين قاموا بتشديد تصريحاتهم في الاسابيع الاخيرة، وعباس نفسه قام بارسال رسالة عزاء لعائلة حجازي، لكن يجب التذكر أيضا أن السلطة واجهزة الامن التابعة لها ما زالت تستمر في التنسيق الامني مع الجيش و"الشباك" في الضفة الغربية وما زالت تمنع اندلاع مماثل لما يحدث الآن في القدس. ورغم أن حكومة نتنياهو تبذل الجهود من اجل التملص من استئناف العملية السياسية مع الفلسطينيين إلا انها تحتاج السلطة الفلسطينية من اجل منع امتداد المواجهات الى باقي المناطق. وحادثة الدهس الثانية أمس في غوش عصيون تؤكد أن هذا المنع لن يتم بسهولة.