خبر خريطة المنظمات اليهودية الساعية إلى تدمير الأقصى وتدشين « الهيكل »

الساعة 07:49 ص|06 نوفمبر 2014

كتب صالح النعامي
يكرّس تسليط الأضواء على الحاخام يهودا غليك، أبرز المنادين بإعادة بناء "الهيكل الثالث" على أنقاض المسجد الأقصى، بعد تعرّضه لمحاولة اغتيال على يد الشهيد الفلسطيني معتز حجازي، انطباعاً مضللاً. يوحي هذا الانطباع بأنّ السعي إلى تدمير الأقصى ينحصر في أفراد أو جماعة واحدة، في حين أنّ هناك جماعات يهوديّة دينيّة عدّة، لا تدعو فقط إلى تدمير الأقصى، بل تعكف على القيام بخطوات عمليّة لتحقيق هذا الهدف.

وتُعدّ "أمناء جبل الهيكل"، واحدة من أبرز هذه الجماعات، التي تدعو إلى تدمير المسجد الأقصى، ويؤدي عناصرها دوراً مهماً في اقتحامه، ويقودها المظلي السابق في الجيش، جرشون سولمون، الذي يجاهر بمحاولة تجنيد الأموال اللازمة لتدمير الأقصى، من خلال جمع التبرّعات من اليهود في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا.

ويعكف سولمون على القول دائماً إنّ الأماكن المقدّسة للمسلمين تتواجد في مكّة، وليس لديهم أيّ حقّ في القدس، مدّعياً أنّ عدم ذكر القدس في القرآن، دليل على ما يذهب إليه. وكلّفت جماعته المهندس جدعون حرليف، بإعداد خطّة مفصّلة لبناء الهيكل الثالث على أنقاض المسجد الأقصى.


ومن بين هذه الجماعات المتطرّفة أيضاً، "معهد الهيكل"، التي يرأسها الحاخام إسرائيل أرئيل، وهو أحد أبرز حاخامات التيار الديني القومي، وتتخذ الجماعة من البلدة القديمة في القدس مقراً لها. ومنذ انطلاقها عام 1995، تُعنى المنظمة والحاخامات المنضوون في إطارها، بـ"التأصيل الفقهي" المطلوب، لإضفاء شرعيّة دينيّة على محاولات اليهود للمسّ بالمسجد الأقصى.

وقام أرئيل بدور كبير في إحداث تغيير في التعاطي الفقهي مع قضيّة صلاة اليهود في المسجد الأقصى. فبعيد احتلال إسرائيل للقدس عام 1967، أصدرت الحاخامية الكبرى، فتوى تحظر على اليهود الصلاة في المسجد الأقصى، بزعم أنّ ترابه يحتوي على بقايا من جثث اليهود القدماء، ولا يجوز، تبعاً لذلك، الصلاة فيه، إلا بعد تشييد الهيكل اليهودي مرة أخرى.

وباءت محاولات أرئيل باقناع عدد من زملائه، من كبار الحاخامات، ببلورة مسوّغات أخرى تبيح صلاة اليهود في الأقصى، بالفشل في البداية، قبل أن يتضخم، مطلع عام 2000، عدد الحاخامات الذين أفتوا بجواز صلاة اليهود في الأقصى.

ووقّع أكثر من مائة من كبار الحاخامات في شهر يوليو/تموز 2008، على فتوى تجيز لليهود الصلاة في الأقصى، وهو ما حدا بالكثير من اليهود الذين تسمح لهم السلطات الإسرائيليّة بدخول الأقصى، إلى الصلاة فيه، علماً أنّ مؤسّسة الحاخاميّة الكبرى، لا تزال ترفض تغيير الفتوى الأصليّة التي تحظر صلاة اليهود فيه. وقد انتقلت المنظمة من التنظير والتأصيل الفقهي إلى الجانب العملي، إذ كشفت صحيفة "معاريف" في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، النقاب عن أن وفداً يمثّل المنظمة، توجّه إلى روما لمطالبة الحكومة الإيطاليّة بإعادة مقتنيات من الهيكل الثاني "غنمها" القائد الروماني تيتوس، الذي قضى على الوجود السياسي لليهود قبل ألفي عام ودمّر الهيكل.

وإلى جانب الجماعتين السابقتين، يبرز اسم تنظيم "حاي فكيام"، الذي يقوده يهودا عتصيون، أحد القادة السابقين في التنظيم اليهودي الإرهابي المسؤول عن تنفيذ عدد من عمليات القتل ومحاولات الاغتيال التي استهدفت الفلسطينيين والشخصيات الاعتبارية الفلسطينية، مطلع الثمانينيات من القرن الماضي.

وأسّس عتصيون هذا التنظيم بعد أن أمضى فترة محكوميّته في السجن، والتي لم تتجاوز الأربع سنوات. وينظّر لأفكاره بشكل علني ومكشوف، مما يجعله "نجم" الكثير من البرامج الحواريّة التي تقدّمها قنوات التلفزة الإسرائيليّة، أثناء تناولها مستقبل القدس.



وفي السياق ذاته، تعمل "الحركة من أجل إقامة الهيكل"، وتضمّ حاخامات من مستوطنات الضفّة الغربيّة ومن الولايات المتحدة الأميركيّة، بشكل خاص، على تعزيز الوعي اليهودي بضرورة العمل على إعادة بناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى، بوصفها أهم التكاليف "الشرعية" لكل يهودي، حيثما كان.

وتنظّم الحركة ندوات، وتصدر مطبوعات، وتوزّع منشورات في أماكن تواجد اليهود، لحثّهم على ضرورة العمل على إعادة بناء الهيكل. وبخلاف التنظيمات الأخرى، التي تقتصر عضويتها على المتديّنين اليهود، تحاول استقطاب يهود علمانيين، إضافة إلى شخصيّات من اليمين المسيحي في الولايات المتحدة، تعتمد عليهم في تجنيد الأموال اللازمة لتمويل أنشطتها.
وتحرص المنظمة على تنظيم مسيرة كبيرة سنوياً، يشارك فيها عشرات الآلاف من اليهود والمسيحيين الإنغليكانيين، باتّجاه الأقصى، للمطالبة بإقامة الهيكل على أنقاضه.

من جهتها، تطالب حركة "أنصار الهيكل"، التي أسّسها البرفسور هليل فايس، من مفكري التيار الديني الصهيوني، بتدمير المسجد الأقصى، وإيجاد بديل ديني لقيادة الدولة القائمة. ويستند إنشاؤها على فكرة "دار الفتوى الصغيرة"، التي كانت قائمة في القرن الخامس الميلادي. وقد ضمّت قيادة الحركة ثلاثة وعشرين فرداً من المؤسّسين، الذين يلتقون بصورة دوريّة وسريّة.

وبخلاف التنظيمات السابقة، يُعدّ تنظيم "القيادة اليهودية"، تنظيماً سياسياً حزبياً، وهو أحد المعسكرات الأيديولوجيّة الهامة في حزب "الليكود" الحاكم، ويرأسه موشيه فيغلين، نائب رئيس الكنيست، الذي يشارك بفاعلية كبيرة في اقتحامات "الأقصى".

وإلى جانب هذه التنظيمات الكبرى، تبرز تنظيمات أخرى، أقلّ أهميّة، بينها مجموعة "نساء من أجل الهيكل"، وهي تجمّع يسعى إلى الحصول على المجوهرات لوضعها في الهيكل عند إعادة بنائه على أنقاض المسجد الأقصى. و"منتدى القدس"، الذي يهتم بالسيطرة على أكبر عدد من البيوت الفلسطينيّة في البلدة القديمة من القدس، كمقدّمة لتمكين اليهود من الإحاطة بالمسجد الأقصى من كل جانب. و"دورية الكهنة"، وهي الإطار المعني بتأهيل "سدنة الهيكل".