خبر العفو الدولية: « إسرائيل » قتلت سكان غزة بـ« لامبالاة قاسية »

الساعة 07:32 ص|06 نوفمبر 2014

غزة- وكالات

على الرغم مما جاء في تقرير منظمة العفو الدولية، أمس الأربعاء، من مفردات وعبارات تحاول توصيف الجرائم التي ارتكبتها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال عدوانها في الصيف الماضي على قطاع غزة، إلا أن التقرير فشل في إدانة إسرائيل بشكل صريح يوازي صراحة الدماء الفلسطينية التي سالت طيلة 51 يوماً من العدوان.

التقرير الذي صدر أمس الأربعاء، وحمل عنوان "عائلات تحت الركام: الهجمات الإسرائيلية على المنازل المأهولة"، اكتفى بالقول إن الجيش الإسرائيلي أظهر "لامبالاة فظيعة" وارتكب أعمالاً يمكن أن ترقى إلى جرائم الحرب.
وقد كشف تقرير المنظمة أن القوات الإسرائيلية قتلت خلال عدوان الصيف الماضي، والذي أطلق عليه اسم عملية "الجرف الصامد" 2192 فلسطينياً بينهم 519 طفلاً على الأقل. كما دمرت 18 ألف منزل بالكامل، وألحقت أضرارا بنحو 38 ألف منزل آخر.
يقول الباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة صالح حجازي، إن "المنظمة حاولت في تقريرها تقديم شهادات ترصد الحالات التي خرقت فيها إسرائيل قواعد القانون الدولي ومقتضيات القوانين الخاصة بحقوق الإنسان في أوقات النزاعات المسلحة والحروب، وهذا بالضبط اختصاص منظمة العفو الدولية ومهمتها، لأن إصدار الأحكام يكون من اختصاصات المحاكم الجنائية الدولية".
ويلفت إلى أن "توصيات التقرير ناشدت مجلس الأمن الدولي كي يحيل ملف الأوضاع في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، ليتسنى للمحكمة التحقيق في مزاعم ارتكاب جميع الأطراف لجرائم يُعاقب القانون الدولي عليه".
ورغم الأرقام الصادمة لأعداد الشهداء والجرحى فضلاً عن الدمار الواسع، فقد حاولت المنظمة الدولية التحلي بـ "الموضوعية"، أو ربما سعت إلى إرضاء إسرائيل، إذ دانت في تقريرها المقاومة الفلسطينية، مشيرةً إلى أن "الجماعات الفلسطينية المسلحة ارتكبت بدورها جرائم حرب من خلال قيامها بإطلاق آلاف الصواريخ عشوائية التوجيه إلى داخل إسرائيل متسببة بمقتل ستة مدنيين بينهم طفل واحد".
وعن هذا الموضوع، يقول حجازي  إنّ "الأمر هنا لا يتعلق بإدانة الجهة، بقدر ما يركز على إدانة الوسائل القتالية المستخدمة، مثل الصواريخ أو حتى القذائف، التي تُطلق بشكل عشوائي على مناطق فيها تواجد سكاني مدني".
كما تطرق التقرير إلى نمط متكرر للهجمات الإسرائيلية باستخدام القصف الجوي لتسوية منازل المدنيين بالأرض، أظهرت فيه تلك القوات "احتقاراً صادماً" تجاه حياة المدنيين الفلسطينيين الذين لم يحصلوا على فترة إنذار، ولم يكن لديهم أي مكان يفرون إليه أو يختبئون فيه.
وأورد التقرير ضمن صفحاته الـ44، تفاصيل ثماني حالات قامت خلالها القوات الإسرائيلية بالهجوم من دون سابق إنذار على منازل سكنية تقيم بها عائلات في قطاع غزة أثناء العدوان. وهي الهجمات التي تسببت باستشهاد ما لا يقل عن 104 أشخاص من المدنيين، بينهم 62 طفلاً. كما كشف التقرير النقاب عن نمط يتخلل الهجمات الإسرائيلية المتكررة، ويشهد استخدام قنابل ضخمة تُسقط من الجو من أجل تسوية منازل المدنيين بالأرض، متسببة بمقتل أفراد عائلات بأكملها أحيانا.
ومن بين الحالات التي ذكرها التقرير حالة استشهاد فيها 36 شخصاً من 4 عائلات، بينهم 18 طفلاً، عندما سوي مبنى من 3 طبقات بالأرض، مشيراً إلى أن إسرائيل لم تبرر أو تتحدث عن سبب قصفها المبنى. كما تطرق التقرير إلى قصف إسرائيلي أصاب منزل تابع لأسرة "أبو جامع"، ما أدى إلى لاستشهاد 25 مدنياً بينهم 19 طفلاً. كما تضمن عدداً من إفادات الناجين الذين وصفوا فيها أهوال قيامهم بالحفر بشكل محموم بين أنقاض منازلهم المدمرة وركامها، بحثاً عن جثث أفراد عائلاتهم.


وفي معرض تعليقه على محتويات التقرير، قال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة فيليب لوثر إن "القوات الصهيونية ضربت قوانين الحرب بعرض الحائط من خلال قيامها بشن سلسلة من الهجمات التي استهدفت منازل المدنيين، مع لامبالاة قاسية تجاه المذبحة التي سببتها تلك الهجمات".
وأكد لوثر، في بيان صحافي، أن التقرير "يكشف عن نمط من الهجمات تقوم القوات الصهيونية بموجبه باستهداف منازل المدنيين، ما يبرهن على استخفافها الصادم بأرواح المدنيين الفلسطينيين الذين لم توجه لهم أي تحذيرات مسبقة، الأمر الذي حرمهم من أي فرصة للفرار".
وأشار لوثر إلى أنه يتوجب "على المسؤولين الإسرائيليين شرح سبب قيامهم بتسوية منازل بالأرض على رؤوس من فيها من المدنيين، في الوقت الذي كان من واجبهم تقليص حجم الأذى الذي يلحق بالمدنيين وانتقاء الوسيلة التي تكفل القيام بذلك".
وأضاف لوثر "المهم الآن هو تحقيق المساءلة على صعيد انتهاكات القانون الإنساني الدولي المرتكبة. ويتعين على السلطات الإسرائيلية أن توفر الإجابات. ويتعين على المجتمع الدولي أن يتخذ خطوات عاجلة من أجل وضع حد لدوامة الانتهاكات الخطيرة والإفلات التام من العقاب".
وأكد لوثر أنه "بالنظر إلى تقاعس السلطات الإسرائيلية والفلسطينية عن التحقيق بشكل مستقل ومحايد في مزاعم ارتكاب جرائم حرب، فلا بد أن يُساند المجتمع الدولي الدور الذي يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تلعبه في هذا الشأن".
وطالب التقرير في توصياته إسرائيل والسلطة الفلسطينية أن تبادرا بالانضمام إلى نظام روما الأساسي، ومنح المحكمة الجنائية الدولية صلاحية التحقيق في الجرائم المرتكبة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأشار التقرير إلى أن استمرار إسرائيل بمنع ممثلي المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بما فيها منظمة العفو الدولية من دخول قطاع غزة، اضطُر المنظمة إلى إجراء بحوثها المتعلقة بهذا التقرير عن بعد بمساندة اثنين من العاملين الميدانيين داخل قطاع غزة. كما أعلنت إسرائيل عن عزمها عدم التعاون مع اللجنة الدولية للتحقيق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.


واعتبر لوثر "أن استمرار التقاعس عن السماح لمراقبي حقوق الإنسان الدوليين بدخول قطاع غزة يهدف إلى التغطية على الانتهاكات أو التواري عن الأنظار، هرباً من الفحص والتمحيص الدولي". وطالب لوثر إسرائيل بالتعاون مع لجنة التحقيق الأممية، والسماح للمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان من قبيل منظمة العفو الدولية بالدخول إلى قطاع غزة.
وفي أول رد فعل إسرائيلي على التقرير، أكد حجازي أن وزارة الخارجية الإسرائيلية خاطبت أمس الأربعاء منظمة العفو الدولية، وقد رفضت كل ما جاء في التقرير. وقال حجازي إنّ "هذا التصرف يأتي ضمن السياسة التي تسلكها إسرائيل مع المنظمة، والذي يتميز بعدم التعاون التام".