خبر صفقة « أسرى مقابل معلومات » .. ياسر البنا

الساعة 11:28 ص|31 أكتوبر 2014

يرى مراقبون أن ثمّة صفقة "تبادل أسرى" جديدة بين حركة حماس وإسرائيل، تلوح في الأفق، خصوصاً بعد قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تعيين العقيد (احتياط) ليؤور لوتان منسقاً لشؤون الأسرى والمفقودين الإسرائيليين. لكن المتفحص للأوضاع السياسية داخل إسرائيل، سيرى بوضوح، أن هذا الأمر مستبعد في هذه الفترة، وقد يمر وقت طويل، حتى ترى الصفقة النور.
بيد أن التوصل إلى صفقة "تمهيدية"، يبدو قريباً جداً ومتوقعاً، بحيث تقدم حركة حماس، معلومات حول مصير الجنود الإسرائيليين المفقودين، مقابل إطلاق إسرائيل سراح أسرى، أو أسيرات، على غرار ما جرى في سبتمبر/ أيلول 2009، حينما أفرجت إسرائيل عن 20 أسيرة فلسطينية، في مقابل تقديم حماس شريط فيديو مدته دقيقة، يظهر فيه الجندي الأسير جلعاد شاليط حياً يُرزق.
وظنّي أن الصفقة "التمهيدية"، ستشمل تقديم حركة حماس معلومات حول الأسرى الإسرائيليين لديها، مقابل إفراج إسرائيل عن "محرري أسرى صفقة شاليط"، الذين أعادت اعتقالهم في الشهور الماضية، وهم نحو 60، وربما يُضاف لهم الأسيرات، وعددهن نحو 20. لكن، تتوقف الصفقة على امتلاك حماس أسرى إسرائيليين أحياء، وهو ما ترفض الحركة، حتى الآن الكشف عنه. وبخصوص إتمام الصفقة "النهائية"، لا يبدو الأمر سهلاً وقريب المنال، لأنه لا يُعتقد أن يكون نتنياهو متحمساً للتوصل "سريعاً" إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس، يتم فيها الإفراج عن بقية كبار الأسرى، أصحاب المحكوميات العالية، (نحو 500 أسير محكومين بالسجن مدى الحياة)، والذين عجزت صفقة شاليط عن إطلاق سراحهم، ما سيطرح ألف تساؤل حول هوية "المنتصر" في الحرب الأخيرة. كما أن نتنياهو لن يكون سعيداً بأن يسجل في تاريخه أنه توصل مع "حماس" إلى صفقتين، أفرج خلالهما عن جميع من تسمّيهم إسرائيل "المخربين المُلطّخة أيديهم بالدماء".
كما أن المزاج الشعبي الإسرائيلي لن يكون متعاطفاً كثيراً مع عائلات الجنود الأسرى، بسبب التهديد غير المسبوق الذي تعرض له الجمهور في أماكن وجوده، حيث طالت الصواريخ الفلسطينية غالبية التجمعات السكنية الإسرائيلية، واهتزت صورة الجيش أمام الشعب، وبالتالي، فإنه، لن يكون مسروراً بإظهار "حماس" جهة "منتصرة".
وعلى افتراض أن لدى الحركة جنديَّيْن أسيرَيْن على قيد الحياة، بالإضافة إلى جثث، وهو متوقع، ويتحدث عنه صحافيون إسرائيليون، فإن حماس ستطلب ثمناً باهظاً مقابلهما، فإن كانت قد أصرت على الإفراج عن أكثر من ألف أسير، بينهم نحو 450 أسيراً محكومين "مدى الحياة" في صفقة شاليط، التي تمت في أكتوبر/ تشرين الأول 2011، فإنها، فيما يبدو، لن تقبل بأقل من الإفراج عن جميع الأسرى أصحاب المحكوميات العالية.
حدوث هذا الأمر سيظهر حركة حماس بمظهر المنتصر في الحرب، فبعد أن أعلنت إسرائيل أن هدفها "تحطيم حماس"، إلا أن هذه الحركة "الإرهابية" تفرض شروطها الآن، وتُجبر الدولة العبرية على الرضوخ لمطالبها، والإفراج عن "المخربين" الذين قتلوا وجرحوا مئات الإسرائيليين.
وعلى الجانب الآخر، لا تستطيع الحكومة الإسرائيلية، أن تتجاهل أسراها مطلقاً، خصوصاً أنهم أُسروا في أرض المعركة، بعد أن استدعتهم من بيوتهم، وزجّت بهم إلى داخل قطاع غزة، وعليه، سيحطم إهمالهم الروح المعنوية لجنود الجيش، وسيفقدهم الحماس في القتال، لاعتقادهم أن دولتهم لن تهتم بأمرهم إذا وقعوا في الأسر.
وهنا ستجد الحكومة الإسرائيلية نفسها بين "أمرين أحلاهما مرُّ"، ما سيدفعها إلى البحث عن "مواءمة" بين هذه المتطلبات المهمة، ربما بتأجيل التوصل إلى الصفقة قدر الإمكان، لغرضين: إمكانية التوصل إلى معلومات عن مكان وجودهم في غزة، فتنفذ عملية عسكرية لإنقاذهم، أو قتلهم، ومرور فترة كافية قبل إتمامها، كي ترفع عن نفسها الحرج، ولو قليلاً، أمام شعبها.