خبر الجنجي والجبل- يديعوت

الساعة 09:57 ص|30 أكتوبر 2014

(الاحمر والحرم)

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: الحرم هو اكثر حساسية والاكثر شحنا وخطورة. فيه القوة لجعل النزاع القومي الذي نعيشه حربا دينية. يجمل بنا أن ندعه: وهذه النار يجب اطفاؤها، والا نضيف لها الوقود - المصدر).

يهودا غليك هو ما درج على تسميته "نموذج مقدسي" – خليط من الجنجي الملون، الاجتماعي، المليء بالقصص، مع التزمت لشيء واحد، فكرة واحدة، تملأ كل كيانه. مهامة حياته كانت تحطيم الوضع الراهن على الحرم. آخرون سعوا على مدى السنين لذات الهدف، ولكن ايا منهم لم يدمن عليه مثل يهودا غليك.

 

بمهنته هو مرشد سياحي. وهذا أيضا ما ادعاه كلما أبعدته الشرطة عن الحرم: يمسون برزقي. ولكن الرزق لم يكن القصة.

 

التقينا مرات عديدة، وان لم يكن في الحرم أو في البلدة القديمة، في أروقة الكنيست، حيث جند نواب من كتل اليمين لافكاره. وقد عاد ليدعي بان وجهته هي السلام. كل ما يريده هو أن يتمكن اليهود من الحجيج الى الحرم وان يصلوا فيه. ادعيت بان أفعاله ستؤدي باسرائيل الى الحرب ضد العالم الاسلامي كله. اعتقدت أنه يعرضنا جميعا للخطر. انت تلعب بالنار، قلت له، ولم أتصور بانه يعرض للخطر نفسه قبل كل الاخرين. شخصيته البارزة بالوانها وحضورها اليومي على الحرم جعلته هدفا.

 

عندما قرر موشيه دايان الترتيبات في الحرم، امتنع اليهود المتدينون عن زيارته. وأتاح الحظر الديني اليهودي بدايان ترك السيطرة في الحرم في ايدي الاوقاف الاسلامية، برقابة وحضور افراد شرطة اسرائيل. وعلى مدى السنين حاول متزمتون من الطرفين تغيير قواعد اللعب، الشيخ رائد صلاح من جهة واعضاء التنظيم السري اليهودي من الجهة الاخرى، ولكن القواعد بقيت على حالها.

 

في السنوات الاخيرة طرأ في الطرف اليهودي تغيير: المتدينون الصهاينة بدأوا يزورون الحرم. فقد أعفوا أنفسهم من الحظر الديني، بل ان بعضهم اختار الصلاة هناك، والاصطدام على هذه الخلفية مع رجال الاوقاف ومع قوة الشرطة. وفي كل يوم أصدر غليك رسائل قصيرة مع أنباء من الحرم: مسلمون ينكلون باليهود؛ الشرطة تنكل باليهود؛ الحرم يشتعل. هو واصدقاؤه أقنعوا نوابا من اليمين باعداد مشروع قانون يغير الترتيبات على الحرم. والانباء عن مشروع القانون احتلت وسائل الاعلام في العالم العربي، وساهمت غير قليل في موجة العنف التي تمر في الاشهر الاخيرة على القدس. وكان الادعاء هو أن اسرائيل تخطط للسيطرة على المسجد الاقصى.

 

وجاء اغتيال غليك مرحلة اخرى في التصعيد. وقد وقع ليس في الحرم، ليس في شرقي القدس بل في القدس الغربية، التي حتى اليوم أطلت على الاحداث من بعيد. وحسب الملابسات، فان هذه كانت عملية مقصودة، ليست عفوية، عملية ارهابية بكل معنى الكلمة.

 

هذا سيء وهذا مقلق. من كل الاماكن في القدس، فان الحرم هو اكثر حساسية والاكثر شحنا وخطورة. فيه القوة لجعل النزاع القومي الذي نعيشه حربا دينية. يجمل بنا أن ندعه: وهذه النار يجب اطفاؤها، والا نضيف لها الوقود.