خبر بين اللجم والاشتعال- هآرتس

الساعة 09:55 ص|30 أكتوبر 2014

بين اللجم والاشتعال- هآرتس

بقلم: نير حسون

(المضمون: بدأت بلدية القدس أمس بحملة واسعة في أحياء المدينة العربية استهدفت التجار ومواقف السيارات والمنازل غير المرخصة من اجل مواجهة الاحداث العنيفة التي تشهدها المدينة في الاشهر الاخيرة - المصدر).

 

بدأت بلدية القدس أمس بتطبيق السياسة الجديدة والتشديد تجاه سكان شرقي المدينة، حيث نشرت "هآرتس" أول أمس أهم ما في هذه السياسة التي أعلن عنها رئيس البلدية نير بركات، وتشمل استخدام أدوات تطبيق القانون والعقاب في كل المجالات البلدية، بما فيها التخطيط والبناء، التراخيص للاشغال، الأرنونا ومواقف السيارات. وقد تحدث السكان أمس عن المراقبين الذين اقتحموا الأحياء لتطبيق الخطة الجديدة.

 

أمس وفي نهاية يوم طويل من التوتر على خلفية هذا الاجراء حدث أمر من شأنه فقط أن يزيد من الاشتعال: نشيط من حركة جبل الهيكل، يهودا غليك، أطلقت عليه النار في مركز ميراث بيغن؛ غليك يبلغ 49 عاما وقد أصيب اصابة خطيرة.

 

وخلال ساعات اليوم وزعت في حي الثوري مخالفات لمواقف السيارات في الشوارع التي يقف فيها السكان بشكل معتاد منذ سنوات طويلة. ووصل رجال البلدية الى سلوان بمرافقة قوات من الشرطة وقاموا بهدم بيت وجدار تم بناءهما بدون ترخيص. المراقبون صوروا البيوت التي سيتم هدمها وتم اعتقال بعض السكان. في وادي الجوز والشيخ جراح ايضا كانت هناك عمليات هدم. ووصل رجال البلدية الى العيسوية في داخل سيارات محصنة أحضرها حرس الحدود من الضفة الغربية. المراقبون وزعوا أوامر هدم وأوامر وقف للبناء في الحي. اضافة الى ذلك انتشرت اشاعة في العيسوية تقول إن رجال ضريبة الدخل انضموا ايضا للاجراء، ومعظم التجار قاموا باغلاق محلاتهم وابتعدوا عن المكان.

 

في حي رأس العمود وزع مراقبو البلدية مخالفات لاصحاب المحلات التجارية التي وضعت ملصقات للمخرب عبد الرحمن الشلودي، الذي نفذ عملية الدهس في الاسبوع الماضي في القدس. وفي حي وادي الربابة في سلوان هدمت البلدية حظيرة أغنام. وعلى الحواجز المؤدية للاحياء استمرت الشرطة بالتعاون مع شرطة السير القطرية بعملية توزيع المخالفات. وحسب زعم السكان فان الشرطة تبحث عن "المخالفات" مثل أي شيء ينقص في السيارة.

 

البلدية توجهت من خلال الشرطة الى عائلة أبو خضير في شعفاط وطلبت ازالة لافتة كبيرة تحمل صورة الفتى محمد أبو خضير، الفتى الذي قتل في بداية تموز من قبل مخربين يهود. حسب أقوال العائلة فان الطلب كان مرفقا بتهديد أنه اذا لم تتم ازالة اللافتة فستتم مخالفة العائلة بـ 3500 شيكل.

 

اضافة لعمل المراقبين لوحظ أمس تواجد كبير للشرطة في كل أحياء شرقي القدس. وسواء كانت توجد صلة أو لا توجد، فقد كان يوما هادئا نسبيا. "الناس مصدومون من افعال اسرائيل"، قال فلسطيني رفيع المستوى في المدينة. "ولكن الناس ستعتاد على الوضع الجديد. هذا ما يحدث دائما عندما تبادر اسرائيل الى خطوات جديدة. وعندما يعتادون ستعود المواجهات".

 

على الرغم من الهدوء النسبي فقد سجلت بعض الاعمال العنيفة في المدينة. في جانب المحكمة المركزية في شارع صلاح الدين أصيبت سيارة بسبب القاء حجر، وتسبب ذلك بضرر للسيارة ولم يصب أحد. وفي حادثتين مختلفتين رُميت الحجارة باتجاه القطار الخفيف في شعفاط وتسبب ذلك بضرر للقطار ولكن لم يكن مصابين. على خلفية التوتر في شرقي القدس فان الشرطة والجيش قاما في الآونة الاخيرة بتدريبات وتغييرات في مجال وسائل تفريق المظاهرات من اجل تحسين الأداء في مواجهة المتظاهرين في القدس والمناطق، المتظاهرون الذين تعلموا مواجهة وسائل تفريق المظاهرات الموجودة. وفي الآونة الاخيرة تم استخدام وسيلة من وسائل تفريق المظاهرات المسماة "البؤاش"، والحديث هنا عن سيارة كبيرة عليها خرطوم كبير يسكب المواد الكيميائية ذات الرائحة الكريهة لمسافات بعيدة من اجل هروب المتظاهرين. ولكنه تبين أن المتظاهرين استطاعوا تحمل الرائحة الكريهة. وفي تجربة اخرى بالتعاون مع الجيش تم استخدام مواد تسبب الحكة مثل غاز الفلفل الذي بحوزة الشرطة. الجيش مول هذا المشروع المسمى في الشرطة "البؤاش الهيدبريدي".

 

السكان في شرقي القدس يحتجون على أنه منذ فترة طويلة تستخدم الشرطة "البؤاش" ليس فقط لتفريق المظاهرات بل للعقاب الجماعي. ويوجد لدى "هآرتس" أدلة على دخول "البؤاش" الى داخل المنازل وهو الأمر المتعمد حسب قول السكان.

 

في المقابل فقد أعلنت البلدية أمس وبشكل رسمي عن اقامة وحدة مراقبة جوية تساعد الشرطة على مواجهة المظاهرات. هذه الوحدة الجديدة أطلقت ثلاث بالونات للمراقبة، وسيتم اطلاق اثنين آخرين لاحقا. هذه البالونات ستوضع فوق أماكن الاحتكاك والعنف في شرقي المدينة، ويشمل ذلك شعفاط، فوق خط القطار الخفيف وداخل المستوطنات الموجودة في المناطق الفلسطينية.

 

الصور التي ستقوم البالونات ببثها ستنقل الى وحدة في قسم الطواريء والأمن التابع للبلدية وللشرطة. هدف الوحدة هو التعرف على مناطق الاشتعال، أو القاء الحجارة أو المفرقعات. ومن اجل اقامة الوحدة فان البلدية تجند الجنود المسرحين ذوي الخبرة لتشغيل البالونات. وينوي بركات استخدام هذه البالونات من اجل المظاهرات ومن اجل الكشف عن مخالفات مثل القاء القمامة ومخالفات البناء وغيرها.

 

"وحدة المراقبة الجديدة ستكون الذراع التنفيذي الامامي للبلدية"، قال بركات. "ستعطينا الفرصة لمواجهة الوضع ومساعدة الشرطة وقوات الامن، وتطبيق القانون والنظام في المدينة والكشف عن المخالفات بنجاعة وسرعة".

 

وتستعد الشرطة الى استيعاب أدوات جمع المعلومات الجديدة لتساعدها على مواجهة الصراعات الكثيرة في المدينة، مثل وضع كاميرات المراقبة التي تُمكن من الرقابة لمسافات طويلة، حيث تستطيع التمييز بين الوجوه بجودة عالية وفي الظلام ايضا. وستتم تجربة ذلك قريبا في المانيا لمعرفة مدى نجاعتها.

 

اضافة الى ذلك فقد تقرر مؤخرا اجراء بحث شامل حول امكانية اصابة الشرطة من قبل المتظاهرين في اثناء المواجهات، وهذا على خلفية النقاشات في المحاكم للمتهمين بالتظاهر حيث يتم الادعاء دائما أنهم لم يشكلوا خطرا في أي مرحلة. ومن شأن هذا البحث أن يكون أساسا قانونيا.

 

 

قام البحث بفحص امكانية الاصابة بالحجارة وبأدوات اخرى يتم رميها على قوات الامن عن طريق المقلاع أو الشعبة أو باليد. هذه التجربة تمت مع وبدون واقي من اجل تحديد الضرر.

 

في الآونة الاخيرة تم طرح مسألة مبالغة الشرطة في استخدام القوة اثناء تفريق المظاهرات. في أول أمس أرسلت المحامية آن سوتشو من جمعية حقوق المواطن رسالة الى قائد الشرطة في القدس، اللواء موشيه أدري، احتجت فيها على "العقاب الجماعي في العيسوية". "لا شك أنه تقع على كاهل الشرطة مسؤولية كبيرة في مواجهة الاخلال بالنظام في القدس الشرقية، ويجب عليها العمل على اعادة الهدوء، لكن الوسائل التي استخدمتها الشرطة مؤخرا تجاه سكان العيسوية غير معقولة ومبالغ فيها وتصيب الأبرياء بشكل كبير". وحسب قولها فان "هذه الوسائل تشمل اغلاق الطريق المؤدي الى الحي، استخدام "البؤاش" وقنابل الغاز ضد المواطنين، استخدام الرصاص المطاطي الذي يسبب اصابات بالغة".

 

وقالت شرطة القدس في ردها: "هناك في العيسوية شبان كثيرون يتظاهرون منذ فترة طويلة، وهم يلقون الحجارة والمفرقعات والزجاجات الحارقة باتجاه الشرطة". شرطة اسرائيل وجنود حرس الحدود يستخدمون كافة الوسائل التي يملكونها في مواجهة المخلين بالنظام. في هذا الوقت على القيادة المحلية العربية إظهار دورها تجاه السكان وأن تتحمل مسؤوليتها بأن تمنع المتظاهرين من التشويش على الحياة اليومية للسكان.

 

بلدية القدس ردا على ادعاءات "العقاب الجماعي" قالت إنها لا تستخدم العقاب الجماعي بل تسعى الى فرض النظام في شرقي المدينة الذي يشهد اخلالات للنظام منذ فترة طويلة. وكتب بركات أمس على صفحة الفيس بوك: "الانتشار الجديد يُمكن البلدية من فرض النظام ضد متجاوزي القانون، ومن لا يخرق القانون ليس عليه أن يخاف".