خبر مطار غزة ... قصة ام حكاية ؟.. ناصر اللحام

الساعة 06:50 ص|18 أكتوبر 2014

صغيرة هي صحراء سيناء ليضيع فيها اليهود اربعين عاما ، فلا هي الصحراء الكبرى ولا الربع الخالي ولا نيفادا !!! وصغيرة هي مساحة غزة ليضيع فيها اليهود اربعين عاما اخرى !!!!!

في العام 2002 قامت قوات الاحتلال وبأوامر مباشرة من رئيس الوزراء ارئيل شارون بقصف مدرج الطائرات الرئاسية في غزة وتدمير مروحيتين رئاسيتين من صناعة روسية ، وظن الناس ان قصة الطائرات الفلسطينية قد انتهت مرة والى الابد . ولم يعرفوا بأن الطيران الفلسطيني حكاية طويلة .

عند تولي الرئيس ابو مازن لرئاسة السلطة طلب من روسيا " الصديقة " مروحيتين بدلا عن تلك التي فجرها شارون ، ووافقت روسيا على منح السلطة مروحيتين من نوع M17 روسية الصنع ، ولغاية اليوم لم تتسلم السلطة المروحيتين بحجج عدة منها ادخال تعديلات عليها وتجميد بروتوكول العمل الجوي مع اسرائيل او عدم وجود ظروف مناسبة !!!

وقد نصّت اتفاقية اوسلو على بروتوكول ملحق للطيران الفلسطيني يقضي باقامة مطار في غزة ، للهبوط والاقلاع ، ومسارات تحليق جوي في الضفة الغربية تم تسجيلها دوليا وعربيا . ولا تزال سارية حتى الان .

البروتوكول القديم مع اسرائيل لم يلغ ، ولكنه لم يعد نافذا بسبب المواجهات في انتفاضة الاقصى وتعقيدات المفاوضات الفاشلة بين الطرفين كما ان اسرائيل تحاول كل جهدها تخريب أي نشاط جوي فلسطيني سواء في مطار غزة او خطوط التحليق في الضفة او من خلال منح رخص بناء لمبان عالية جدا حول مطار قلنديا شمال القدس ما سيجعل الهبوط والاقلاع غير امن لو بسطت السلطة سيطرتها على هذه المنطقة في أي وقت قادم .

وينص البروتوكول الجوي بين فلسطين واسرائيل على وجود المقر الرئيسي في غزة والممرات الجوية في الضفة الى جانب مهابط للاقلاع والهبوط في الضفة الغربية كما في الدهيشة وبيت ساحور ورام الله والخليل وكل مدينة فلسطينية اخرى .

في زمن الزعيم الراحل ياسر عرفات كان يشرف على الطائرات الفلسطينية طيارون روس وخبراء روس وكان لدى السلطة 30 طيارا عاملا يؤدون مهامهم مثل اية دولة اخرى . ولكن بعد اقفال مطار غزة وتدميره وتجريف مدرجاته بواسطة بولدوزرات اسرائيلية انخفض عدد الطيارين الفلسطينيين العاملين الى النصف ، وانتقل الباقون للعمل في دول اخرى او شركات نقل خاصة منها شركات قطرية واردنية وعربية واجنبية . وكان يشهد لهم بالبراعة وجودة العمل ولا يزالون .

والغريب في الامر ان الطيارين الفلسطينيين وجدوا انفسهم رهينة لنوع جواز السفر الذي يحملونه فمن كان يملك اقامة اردنية عمل في الاردن ومن حصل على تأِشيرة للخليج عمل هناك وهكذا .

الان وبعدما فعلته اسرائيل يحتاج الطلبة الخريجين الى تدريب مكثف اخر وعادة ما يتم ارسالهم لاجراء التدريبات في مصر والاردن . حيث ان الطائرات الفلسطينية مؤجرة الان لاغراض السياحة والطواقم تتناول عليها للعمل وليس للتدريب .

حركة الطائرات الفلسطينية تتم من خلال الخطوط الجوية الفلسطينية التي اسسها الزعيم عرفات ، وتتبع الان لوزارة المواصلات في حكومات السلطة ولم تعد هيئة مستقلة . كما تحتاج السلطة الى اعادة تأهيل طياري الهيلوكبتر لانها تخصص مختلف ويعمل حسب FIX WING حيث لا يزال مشروع مروحيات الرئاسة والحكومة قائم لحين ان تفي روسيا بوعدها الخاص بذلك .

ولفلسطين 30 طائرة احداها من نوع بوينغ 727 وتتسع ل150 راكبا كان اهداها الامير الوليد بن طلال لمطار غزة حين تم افتتاحه العام 2000 . وهي الان موجودة على مدرجات مطار الملكة علياء في عمان بسبب الصيانة وسيجري شطبها لان كلفة اصلاحها اكثر من شراء طيارة جديدة وربما يجري الاستفادة منها لاغراض قطع الغيار احيانا. ومثلها يقبع في مطار عمان طائرات عراقية كثيرة . اما في مطار القاهرة فتقبع العديد من الطائرات الليبية .
ومعلوم ان الطائرات المدنية تخدم ما بين 20 -30 عاما بالعمر الافتراضي طالما تخضع لصيانة معتمدة من المصانع المنتجة وبانتظام وتحت اشراف سلطة الطيران العالمي .
اذن يوجد نحو 30 طائرة فلسطينية صغيرة ومتوسطة موجودة في مطارات عمان ( مطار ماركا ومطار الملكة علياء ) . وللقياس فقط فان سوريا مثلا تملك اسطول طائرات قديم نسبيا ويتناقص بسبب الحصار المفروض عليها . وكذلك السودان .
اما قطر فتملك 100 طائرة فيما تملك اليمن 30 طائرة حديثة . اما السعودية فان نحو 49% من اسطول طيرانها حديث وجديد . ومصر تملك 80 طائرة واسرائيل تملك 30 طائرة مدنية .

الى جانب خطوط الجو الفلسطينية فان هناك فلسطينيين من رجال الاعمال يملكون طائرات مثل سعيد خوري ( الذي توفي قبل يومين فقط ) وله طائرة بزنس مسجلة في الاردن ، ومنيب المصري وصبيح المصري وشومان وابو غزالة ... وغيرهم .

ومن المفترض ان تصبح الخطوط الجوية الفلسطينية عضوا في اتحاد الطيران العالمي بعد ان اصبحت عضوا في الامم المتحدة .
وقبل استشهاده ، كان ابو عمار يسعى لابتياع طائرة من نوع فوكر من هولندا ، حيث كانت طائرته من نوع انطونوف تحطمت في صحراء ليبيا .
اما الطيران الرئاسي الفلسطيني فيقع تحت مسؤولية الكابتن ناهي وقد تخرج من الباكستان عام 1981 كطيار مقاتل وحصل على دروات تخصص في يوغوسلافيا واليمن وخدم هناك ومثل غيره من الطيارين الفلسطينيين ارسله عرفات للعمل والخدمة في خطوط المالديف وغينيا بيساو وقد حصل هو وغيره من طيارينا البواسل على شهادات تدريب في امريكا وهولندا وماليزيا وهبطوا في الاف الرحلات في اهم المطارات العالمية ، و يعمل كابتن ناهي في السلطة منذ ايام نشوئها ، وفي تصريح نادر له قال لي : نحن بلد تعتمد على السياحة الدينية وان الاستثمار في خطوط الطيران امر هام ومربح لنقل السياحة الوافدة وان مشاركة فلسطين في شركات الطيران العالمية وتشارتر ستكون احدى اوجه الاقتصاد الحيوي لفلسطين .

ان فلسطين لها طيارون مهرة واموال وخبرات ودولة سرقها العالم من بين أصابعهم قبل مئة عام في أكبر عملية سطو شهدها العصر الحديث ... وفيما كان مطارها يستقبل كل مسافري الشرق الاوسط بكل ترحاب ترى اليوم ابناء فلسطين يطردون من مطارات العالم طردا ... فلسطين تنتظر الاستقلال لتظهر تألقها وبهاءها امام العالم ... ومئات الطيارين والشبان من فلسطين ينتظرون كلمة السر : مطار غزة .