خبر مؤتمر إعمار غزة: هل يحيي عملية التسوية؟

الساعة 10:58 ص|14 أكتوبر 2014

كتب : حلمي موسى

 

شكل المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة الذي عُقد في القاهرة مناسبة لضرب عصفورين بحجر واحد: إعادة إعمار القطاع وتحريك العملية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين. وقد بدا هذا الأمر واضحاً من خلال مواقف دول عدة أبرزها الولايات المتحدة ومصر، حيث أوحى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مدخل إسرائيل للعلاقة مع الدول العربية المعتدلة هو تحقيق السلام مع الفلسطينيين.

وبحسب المراسل السياسي لـ"هآرتس"، باراك رابيد، فإن الرئيس المصري أوضح في خطابه لرئيس الحكومة الإسرائيلية أنه "ليست هناك وجبات مجانية"، وأنه إذا أراد أن "يدير علاقات لإسرائيل مع السعودية ودولة الإمارات ومصر والأردن داخل خزانة أو تحت الطاولة عبر الجنرال عاموس جلعاد من وزارة الدفاع أو ديبلوماسيي شعبة العلاقات الخارجية في الموساد كما يفعل اليوم، فلا مشكلة في ذلك. لكن إذا أراد علاقات طبيعية، فعليه أن يفهم أن الطريق إلى الرياض وأبو ظبي والقاهرة وعمان تمر عبر رام الله".

وأوضحت وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني أن عدم دعوة إسرائيل لحضور المؤتمر "شهادة على هشاشة وضعنا السياسي". وقالت "إنهم ببساطة لا يريدوننا هناك. فقد تحدثوا في المؤتمر عن دولة إسرائيل وهي لم تكن موجودة. وهذا بالغ السوء". وانتقدت مباشرة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وقالت: "أنا أقول ذلك في سياق من يسوّقون لنا أن من المهم التعاون مع الدول العربية، لكنهم غير مستعدين لفعل الخطوة المطلوبة بشأن العملية السلمية". وخلصت إلى أنه "من دون مفاوضات جدية مع الفلسطينيين لا مجال لأن يكون التعاون مع الدول العربية كاملا وحقيقيا".

كما أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري ربط بين مؤتمر إعادة الإعمار والحاجة إلى الحل السياسي، وقال إنه "ليس المال وحسب هو ما يجب أن يخرج من هذا المؤتمر بل أيضا الالتزام المتجدد من جانب الجميع بالعمل من أجل السلام الذي يناسب طموحات كل الأطراف".

وكانت الآمال قد راودت كيري بأن الظروف التي أفشلت مهمته سابقاً قد تكون توافرت حالياً عبر الرغبة الإسرائيلية في التعاون مع الدول العربية المعتدلة واعتبر مؤتمر القاهرة مدخلا لذلك. ويرى خبراء أن كيري يتابع بدأب تصريحات نتنياهو الغامضة عن التقارب بين إسرائيل والدول العربية، وهو يؤمن بأنها "تترك هامشاً للتقدم". ولذلك فإن توجه السيسي مباشرة للإسرائيليين أعاد الحمرة إلى وجنتي كيري ودفعه للحديث عن "تقدم جوهري" في العملية السياسية وفق أمير تيفون في موقع "والا" الإخباري.

وفي كل حال، فإن التعهدات في المؤتمر الدولي بتقديم الأموال لإعادة الإعمار فاقت التوقعات، وهناك أحاديث عن بلوغها 5.4 مليارات دولار. وبحسب ما أشيع فإن نصف هذا المبلغ تقريبا لإعادة إعمار القطاع ونصفه الآخر لتنمية شاملة في الضفة والقطاع. ولأن الحديث يدور عن مبالغ طائلة، فإن الأنظار تتجه نحو الجهات التي يمكنها أن تستفيد منها، سواء في فلسطين أو خارجها.

وبديهي أن تدفق الأموال لا يثير شهية إسرائيل وحسب بل يثير مخاوفها أيضا. ففي المؤسسة العسكرية الإسرائيلية قناعة بأن ما يلزم حماس في القطاع هو نسبة مئوية ضئيلة من هذه المبالغ تستطيع من خلالها إعادة بناء قدراتها وبنيتها التحتية، وخصوصا الأنفاق.

وتشير هذه المؤسسة جهاراً إلى أن التغيير في وضعية القطاع سوف يقود إلى محاولات لترميم ليس فقط منظومة الأنفاق الهجومية بل جملة قدرات حركة حماس. وتراقب إسرائيل عن كثب الحوار القائم بين حماس والسلطة الفلسطينية حول المعابر ونقل الصلاحيات.

وتدرك إسرائيل أنه في أجواء حملة إعادة الإعمار يصعب جدا مراقبة حركة مواد البناء التي ستدخل إلى القطاع رغم إنشاء آلية مشتركة للرقابة. ومعروف أن السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة ومنسق شؤون المناطق في الجيش الإسرائيلي اتفقوا قبل حوالي شهر على آلية فتح المعابر ومرور البضائع وتخفيف الحصار.

وأمس، حاولت إسرائيل إظهار أنها لا تضع العقبات في وجه عملية إعادة إعمار غزة عبر تصريحات الرئيس الإسرائيلي روبي ريفلين في مؤتمر صحافي عقده مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. فقد أعلن ريفلين أن "أكثر من 1.5 مليون من السكان في قطاع غزة لا يمكنهم مواصلة العيش تحت الحصار، وهم يستحقون حياة أفضل وأكثر أمناً".

وشدد على أن الفلسطينيين يعيشون في القطاع في ظروف قاسية وتحت قيادة تعمل ضد مصالحهم. واعتبر أن "إعادة إعمار غزة هي مصلحة إسرائيلية بالضبط مثلما هي مصلحة فلسطينية. فجيراننا من الفلسطينيين محتجزون كرهائن لدى حماس. ولا تناقض بين الحفاظ على أمن إسرائيل وتحسين شروط الحياة في غزة. نحن لسنا عمياناً عن وضعهم القاسي". طبعا قالها وكأن لا صلة لإسرائيل البتة بسوء أوضاع الفلسطينيين في القطاع جراء الحصار المفروض عليهم جواً وبحراً وبراً.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد اجتمع قبل ذلك إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي دان أمامه استخدام حماس لمنشآت الأمم المتحدة خلال الحرب الأخيرة.

وقال نتنياهو إن "جذر العنف الصادر من غزة ليس الاحتلال الإسرائيلي لغزة، وذلك لسبب بسيط وهو أن إسرائيل لا تحتل غزة. إن السبب المركزي لانفجار العنف في الصيف الأخير هو الهجمات الصاروخية لحماس على المدن الإسرائيلية. هجمات صواريخ انتهكت انتهاكاً متواتراً حيادية الأمم المتحدة عن طريق استخدام منشآتها، بما في ذلك مدارس الأمم المتحدة. وعندما عثرت الأمم المتحدة على صواريخ في مدارسها، سلّمتها لحماس". ومعروف أن الأمم المتحدة تتهم إسرائيل باستهداف منشآتها، وقد شكلت لجنة تحقيق دولية للبحث في هذا الشأن.