خبر غولدا والتمسك بالمناطق -هآرتس

الساعة 09:39 ص|13 أكتوبر 2014

غولدا والتمسك بالمناطق -هآرتس

بقلم: أمير أورن

(المضمون: يجب على الساسة أن يحاولوا إبطال اسباب الحرب وهذا ما لم تفعله حكومة غولدا مئير قبل 1973 وما لا تحاول أن تفعله حكومة نتنياهو اليوم - المصدر).

 

التاريخ 3 تموز 1973، في سان كلامنتا في كاليفورنيا. وكان هناك السفير في واشنطن سمحا دنيتس، ومستشار الامن القومي هنري كيسنجر، وكان الموضوع إطلاع رئيسة الوزراء غولدا مئير – هي وحدها بصورة صريحة لا وزارة الخارجية برئاسة آبا ايبان – على المساومة بين الرئيسين ريتشارد نيكسون وليونيد بريجنيف في صيغة لاذابة الجمود السياسي الاسرائيلي العربي، وهو جمود حذر السوفييت من أنه سيشعل حربا.

 

كيسنجر: تريد مصر أن نوافق على أن المادة 242 في قرار مجلس الامن التي تتحدث عن تغيير الحدود (حدود الرابع من حزيران 1967) تنطبق على الاردن فقط، وأن معناها في مصر الانسحاب الكامل (بحسب فهمنا).

 

دينتس: أشار السوفييت بصور كثيرة الى أنهم لا يخرجون من نطاق الحسبان تغييرات حدودية لكن في الجبهة الشرقية فقط، في الاردن. أما في مصر فيجب أن يكون الانسحاب كاملا، ولن توافق غولدا على صيغة لا ترفض العودة الى حدود 1967.

 

وهذا في الملخص هو أساس حرب يوم الغفران بعد ثلاثة اشهر، أعني الرفض الاسرائيلي لانسحاب كامل من سيناء وانسحاب جزئي من الضفة عوض تسوية – عملية عدم قتال تفضي الى

 

سلام. ولم يُضمن المقابل العربي لكن رفض اسرائيل دفع الثمن المطلوب حتى لو أُعطي المقابل المطلوب، كان مطلقا. وليس في هذا ما يقول إن الطلب المصري – الذي قبله مناحيم بيغن بعد ذلك – كان عادلا، اذا كان يوجد عدل أصلا في العلاقات بين الدول. لكن لما كان ذلك الموسم هو تشرين الاول، وكان الجو مليئا بصيغ تؤثر في الحاضر ايضا، فلا مناص من أن نقف الامور على الدقة.

 

من سأل بعد اربعة عقود وسنة اخرى لماذا لم تُمنع حرب يوم الغفران حصل على نحو عام على أجوبة مفصلة كثيرة، لكن الجواب الحقيقي الشامل هو أن منع الحرب لم يكن هدفا وطنيا مهما في نظر حكومة اسرائيل. وهم في الاكثر في الحقيقة لم يسارعوا الى حرب اخرى لأنهم كانوا يرون الحرب معضلة لكنها أقرب الى المضايقة منها الى الكارثة.

 

كان هدف غولدا وحكومتها البقاء في المناطق وإن لم يكن فيها كلها ايضا. وقيل لانور السادات عن غولدا بوساطة كيسنجر ومستشار المانيا الغربية فيلي برينديت وآخرين إنها لن تنسحب من شرقي سيناء أبدا. وقد تركت له خيارا سهلا بين الاستسلام والحرب. ولهذا لم يخطر ببالها ايضا أن تنتهز الفرصة الاخيرة لمنع حرب على سيناء والجولان – لا للقضاء على اسرائيل – بأخذها بسياسة اخرى، بحسب رسالة يوم الغفران التي نقلها اليها اشرف مروان بوساطة الموساد.

 

أضيف الى الجسم الاسرائيلي درع في حزيران 1967 وهي مناطق دفاع (سيناء وهضبة الجولان وغور الاردن)، تحمي الاعضاء المهمة من العدو. وقد كانت حكومة ليفي اشكول تنوي أن تستبدل هذه الدرع بالسلام والاعتراف والتطبيع لكنها ندمت سريعا وأكثر منها حكومة غولدا. ولُحمت الدرع التي تشتمل على تعريض اسرائيليين للخطر في خطوط التماس الجديدة (المستوطنات في الجولان والمواقع العسكرية في السويس)، لُحمت بالجسم دون انفصال، حتى لقد وافقت اسرائيل على قيود على استعمال السيف الذي أعطي لها لحماية نفسها عوض تعليق مبادرات اجنبية للتخلي عنه. وقد التزمت غولدا في تشرين الاول 1970 أن تكف عن نقض الهدنة في القناة عوض سلاح متقدم، وعن استعمال هذا السلاح في قصف في العمق المصري. وقد فلّت الدرع السيف.

 

إن خط الدفاع الاول في وجه الحرب ليس استخباريا بل سياسيا بخلاف التفكير المعتاد، وعلى الساسة أن يبطلوا اسباب الحرب بأن يجعلوا "ما أُخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة" "يُسوى بالعقل". فالاستخبارات هي الخط الثاني فقط وهي التي تسمع من الحكومة "هل" و"لماذا"، وتحاول

 

أن تبين لها وللجيش: من وما ومتى وكيف وأين. والخط الثالث الاخير هو العسكري، وقد انهار الثلاثة جميعا في تشرين الاول 1973، لكن أم كل الخطايا آنذاك والآن ايضا هي السياسة المغرورة المتحرشة، سياسة رؤية الحرب ثمنا مؤسفا لكنه معقول ومحتمل للهدف الاعلى الذي هو التمسك بالمناطق.