خبر « ظلام في الظهيرة » في كوباني -معاريف الاسبوع

الساعة 08:55 ص|12 أكتوبر 2014

بقلم: يوسي ميلمان

(المضمون: نفذ سلاح الجو الامريكي في الاسابيع الاخيرة عدة غارات لتأخير تقدم داعش – ولكن عبثا. هذا جزء من الاستراتيجية التي وضعها الرئيس براك اوباما، استراتيجية اوباما محرجة، مخجلة وسخيفة - المصدر).

 

في 1940 كتب الكاتب اليهودي البريطاني من اصل هنغاري آرثر كاستلر "الظلام في الظهيرة"، الرواية عن التطهيرات وعن المحاكمات الاستعراضية التي اجراها ستالين لرفاقه البلاشفة، قادة ثورة اكتوبر 1917. والظلام في الظهيرة هو وصف مناسب لسلوك الاسرة الدولية تجاه ما يجري في مدينة كوباني الكردية على الحدود السورية – التركية.

 

في الوقت الذي يتقدم فيه برابرة داعش (الدولة الاسلامية) للاحتلال، لقطع الرؤوس، للذبح والاغتصاب في طقوس فظيعة ومعروفة لديهم، يقف العالم جانبا. وتذكر الاحداث بما حصل في مدينة سربرنيتسيا البوسنية في 1995. فقد قتلت قوات سربية بدم بارد نحو 8 الاف رجل واغتصبت النساء في الوقت الذي كانت فيه قوات من جيوش الناتو ودول اخرى وأولا وقبل كل شيء جنود هولنديون يقفون جانبا ولم يحركوا ساكنا.

 

المقاتلون الاكراد، الذين تبقوا للدفاع عن الاف المواطنين المتبقين في المدينة، يقاتلون ببطولة. ولكنهم قلة، سلاحهم طفيف، ذخيرتهم وغذاؤهم ينفدان. والعالم يرقب جانبا.

 

لقد نفذ سلاح الجو الامريكي في الاسابيع الاخيرة عدة غارات لتأخير تقدم داعش – ولكن عبثا. هذا جزء من الاستراتيجية التي وضعها الرئيس براك اوباما، الذي أعلن عن داعش كمنظمة ارهابية تهدد ليس فقط الشرق الاوسط بل الولايات المتحدة والحضارة الحديثة. وعليه، فقد كان ممكنا ايضا التوقع لرد فعل ساحق، ولكن استراتيجية اوباما محرجة، مخجلة وسخيفة.

 

منذ أعلن عنها قبل نحو شهر نفذ سلاح الجو الاكبر والاقوى في العالم (الذي يتمتع ايضا بمساعدة رمزية من اسلحة الجو البريطانية، الفرنسية، الاسرائيلية، الاردنية، القطرية واتحاد والامارات) نحو مئتي غارة في العراق وبضع عشرات في سوريا. وفقط من أجل تلطيف الوقع على الاذن، نفذ سلاح الجو الاسرائيلي في "الجرف الصامد" اكثر من مئة غارة في اليوم.

 

ما لا يقل فظاعة هو سلوك تركيا بقيادة اردوغان. فجيشه في تأهب، وانتشرت الدبابات والجنود الاتراك على مقربة من كوباني. وهم يسمعون اصوات الحرب، يرون الدخان المتصاعد من المدينة المحاصرة ولا يفعلون شيئا. بالضبط مثلما حصل في سربرنيتسيا.

 

ما هو لازم في كوباني هو تدخل فوري لقوات برية. اردوغان مستعد لان يفعل هذا فقط كي يسقط نظام بشار الاسد، الذي من شدة سخافته قصيرة النظر يظهر في نظره كشيطان اكبر من داعش. وهو يتجاهل حقيقة ان زعماء داعش لا يخفون تطلعهم لان يحتلوا ذات يوم اسطنبول ايضا. وهو مستعد ايضا لان يضحي بالاكراد لانه يكره ابناء هذه الاقلية ويخاف من اخوانهم في تركيا.

 

غير أنه لا يمكن الطلب من تركيا ان تبعث وحدها بابنائها للتضحية بدمائهم. فالولايات المتحدة، الناتو والدول العربية مطالبة هي الاخرى بان تفعل ذلك – وهي لن تفعل ذلك. فلا يريد

 

الزعماء ان يعود جنودهم الى الديار في توابيت الدفن ليواجهوا الرأي العام الذي بصعوبة مستعد لان يقدم الضحايا من أجل مصلحة وطنية، فكيف به من أجل قيم أخلاقية وانسانية. ظلام في الظهيرة.