خبر اسرائيل تشتم، وتتعاون.. هآرتس

الساعة 11:44 ص|10 أكتوبر 2014

بقلم: براك ربيد

        (المضمون: تعيش حكومة اسرائيل في تناقض. علنا، امام الرأي العام ومصوتي اليمين – تشتم حكومة الوحدة الفلسطينية. ولكن من تحت الطاولة، بهدوء تام، تتعاون مع ذات الحكومة بالضبط - المصدر).

        سفر رئيس حكومة الوحدة الفلسطينية رامي الحمدالله من رام الله الى غزة أمس، وجلسة الحكومة التي عقدت في المنزل المهجور للرئيس محمود عباس (ابو مازن) في المدينة، لم يكونا اقل من حدث تاريخي. ولاول مرة منذ الانقلاب العسكري الذي قامت به حماس في غزة في 2007، تعود السلطة الفلسطينية الى القطاع من الباب الرئيس.

        ولكن الجلسة الاحتفالية في غزة شددت ايضا اكثر فأكثر التناقض الذي يسمى سياسة حكومة اسرائيل تجاه الفلسطينيين بشكل عام وتجاه غزة بشكل خاص؛ الفجوة الهائلة بين خطابات واعلانات نتنياهو، افيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت، وبين الواقع على الارض، غياب الاستراتيجية والانجرار الممتعض وراء الخطوات التي يبادر لها الفلسطينيون.

        تعيش حكومة اسرائيل في تناقض. علنا، امام الرأي العام ومصوتي اليمين – تشتم حكومة الوحدة الفلسطينية. ولكن من تحت الطاولة، بهدوء تام، تتعاون مع ذات الحكومة بالضبط.

        على مدى اشهر ادارت حكومة نتنياهو صراعا دوليا ضد حكومة الوحدة الفلسطينية. رفضت الاعتراف بشرعيتها، قاطعت وزراءها، شجبتها في ارجاء العالم وروت للجمهور الاسرائيلي بان هذه حكومة حماس وارهاب. وفي احد قرارات الحكومة، الذي اتخذ قبل بضعة اسابيع، اعلن حتى عن قطاع غزة، حيث عقدت جلسة حكومة الوحدة الفلسطينية أمس، كأرض عدو.

وحتى في خطابه امام الامم المتحدة، قبل اقل من اسبوعين، شدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على ذات الرسائل. "حماس عن عمد نصبت صواريخها داخل مئات مناطق السكن... هذه جريمة حرب"، قال نتنياهو في خطابه. "اقول للرئيس عباس – هذه جرائم الحرب التي ارتكبتها حماس، شريكتك في حكومة الوحدة الوطنية التي تقف على رأسها ومسؤول عنها. هذه جرائم الحرب الحقيقية التي كان يتعين عليك ان تحقق فيها وان تشجبها من على هذه المنصة الاسبوع الماضي". كل هذا لم يمنع نتنياهو نفسه من ان يقر عبور قافلة رئيس حكومة الوحدة الفلسطينية ووزرائه من رام الله، عبر اسرائيل وحاجز ايرز، الى غزة. كما أن هذا لم يمنع من الوصول الى اتفاق مع مندوبي ذات حكومة الوحدة بوساطة الامم المتحدة، في موضوع اقامة جهاز رقابة على مواد البناء التي ستستخدم لاعمار قطاع غزة. الحقيقة هي أن ليس لاسرائيل مفر. فالاسرة الدولية تعترف بحكومة الوحدة الفلسطينية وتريد لها النجاح. وحتى لو كانت اسرائيل ترغب جدا، فانها لا يمكنها حقا ان تقاطع حكومة الوحدة الفلسطينية او تمنعها من اداء مهامها.

اضافة الى ذلك، فان مصر، التي تنمي حكومة نتنياهو بحساسة وتصميم علاقاتها معها، توشك على أن تعقد الاسبوع القادم مؤتمرا لاعمار غزة. ومن ستدير عملية الاعمار هي حكومة الوحدة الفلسطينية. والسياسة الحالية في القدس هي منح المصريين كل ما يطلبونه والمزيد قليلا.

الى جانب ذلك، بعد كل التصريحات الحماسية التي تستهدف الاغراض السياسية الداخلية، يفهم رئيس الوزراء نتنياهو، وزير الدفاع يعلون ووزير الخارجية ليبرمان بان دخول حكومة الوحدة الفلسطينية الى غزة معناه موطيء قدم للسلطة الفلسطينية في القطاع. وفي القدس يعترفون بذلك بان هذه مصلحة اسرائيلية أمنية وسياسية صرفة. "نحن نريد للسلطة أن تعود الى غزة"، قال موظف اسرائيلي كبير. "اذا كان ينبغي ان يسمى هذا حكومة المصالحة او حكومة الوحدة، فليكن".

قبل ثلاثة اشهر حاولت اسرائيل، بكل سبيل، منع دفع الرواتب لموظفي الحكومة الفلسطينية في غزة، بل ان وزير الخارجية ليبرمان اراد ان يطرد من هنا مبعوث الامم المتحدة روبرت سيري بسبب محاولاته ايجاد حل. أزمة الرواتب والضغط الاقتصادي الشديد في غزة كانا من الاسباب المركزية التي دفعت حماس للخروج الى الحرب ضد اسرائيل.

في الاسبوع القادم ستدفع حكومة الوحدة الفلسطينية ذات الرواتب لموظفيها في قطاع غزة بموافقة صامتة من الحكومة في القدس. والامر يطرح افكارا شديدة عن الحرب في غزة. ربما مع سياسة واضحة، مرونة اكبر وابداعية دبلوماسية، واعتبارات سياسية داخلية أقل، الامور كانت ستبدو بشكل مختلف.