خبر تفجيرات جبل الشيخ .. رسائل حزب الله ومفهوم الردع

الساعة 06:00 ص|09 أكتوبر 2014

أطلس للدراسات / ترجمة خاصة

أحداث الأسبوع الأخير في نيويورك والقدس أعادتني ستة سنوات الى الخلف؛ حيث مزرعة مهجورة في ضواحي أكسفورد، إعلان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو (29 سبتمبر) عن الفرص الجديدة للسلام الإقليمي، وفي المقابل خطة البناء في تلة الطيران وراء الخط الأخضر وتوسيع الاستيطان اليهودي في حي سلوان (مدينة داوود)، ذكرني بلقاء عربي اسرائيلي وقع في هذا المكان في أكتوبر 2008.

هذا الحدث النادر يشير الى حجم الفارق بين الحديث عن السلام في نيويورك وبين عمليات الاستيطان، مركز البحوث البريطاني "مجموعة اكسفورد للبحوث" أجلس وجهاً لوجه الرجل الذي شغل منصب وزير المخابرات السعودية سابقاً الأمير تركي الفيصل، والدبلوماسي المصري ووزير الخارجية في حينها نبيل فهمي، ورئيس مكتب الأمين العام للجامعة العربية هشام يوسف، والمسئول في فتح جبريل الرجوب، وسكرتير مكتبي رئيس الحكومة والخارجية السابق افي غيل، والميجر جنرال احتياط  داني روتشيلد  والبريجادير جنرال احتياط يسرائيل أرون، والدكتور متاي شتاينبرغ، والذي كان مستشاراً لرئيس الشاباك، والمستشرق الاي فودة، وأنا كاتب هذا المقال.

على مدار ثلاثة أيام؛ ناقش المشاركون في المؤتمر سبل تفعيل المبادرة العربية للسلام عام 2002 في الخطاب السياسي الإسرائيلي، لقد كانت الأجواء حميمية ولكنها اتسمت بالجدية، الإسرائيليون نصحوا بأن تقترح دول عربية قائمة من خطوات حسن النية للجمهور الاسرائيلي المدني مثل زيارات ودية لرجال أعمال وصحافيين في الرياض والقدس، والمعنى آتونا بعربون من حساب التطبيع وسنبيع نحن المبادرة العربية للمستهلك الإسرائيلي، "مقترح مثير للاهتمام" قال أحد الممثلين العرب "ولكن لدينا طلب متواضع: عدونا انكم وفي نفس الوقت الذي نأتي فيه لزيارتكم فلا تقوموا بإحراجنا أمام شعوبنا بالإعلان عن عملية استيطان جديدة شرقي القدس"، فهز أصدقاؤه رؤوسهم قبولاً بما قال.

رئيس الحكومة ايهود أولمرت، والذي كان أعلن قبل ذلك بثلاثة أشهر في يوليو 2008 عن نيته الاستقالة، كان قلقاً في تلك الأيام من قضايا قانونية، وبمرور عدة أشهر، وفي مارس 2009، عادت السلطة الى حكومة يمينية برئاسة بنيامين نتنياهو، وفي فترة تجميد الاستيطان القصيرة أيضاً، والتي بدأت في نهاية العام 2009، رفض نتنياهو أن يشمل التجميد شرقي القدس.

تلة الطيران هي الحي الجديد الأول المعد للبناء في ما وراء الخط الأخضر منذ إقامة "هار حوماه" في العام 1997 (حقبة حكم نتنياهو الأولى)، ويعتبر الحي اكتمال الحاجز الفاصل بين بيت لحم والقدس الشرقية، وعملياً فإنه يمنع أي امكانية في التوصل الى حل بشأن بيت صفافا وشعفاط.

العقيد احتياط شاؤول اريئيلي، والذي كان رئيس إدارة السلام في حكومة باراك، وهو أحد مهندسي صيغة جنيف، قال هذا الأسبوع لـ "المونيتور" ان "تلة الطيران هي مرحلة إضافية في الخطة الاسرائيلية التاريخية لإقامة تجمع يهودي حول القدس العربية، وكسر النمط الحضري العربي الطبيعي على خارطة الجبل، في المنطقة الشمالية فإن الحلقة التي تفصل بين رام الله والقدس الشرقية قد اكتملت ببناء حي تلة شلومو، وتلة الطيران ستفعل الشيء نفسه بجسر الهوة بين هار حوماه وحي جيلو"، ووفق أقوال اريئيلي؛ فمع انعدام امكانية الحفاظ على النمط الواسع لعاصمتهم ومدينتهم الكبرى، فإن الفلسطينيين سيطالبون بإدارة مشتركة وتدويل المدينة بالكامل، وحسب كل التقديرات فإن القدس، وخلال عشر سنوات، ستصبح ذات أغلبية عربية، وسيوجب ذلك ترتيبات تشتمل على مئات نقاط الاحتكاك، وتهدد الاستقرار في المدينة، وكذلك تهدد الاتفاق برمته.

في مواجهة هذه الحقائق؛ يعرض نتنياهو "حقائقه " الخاصة، ويعري حكومة أوباما الذي لم يتعلم حقائق نتنياهو؛ الأولى تلة الطيران، وكذلك حي سلوان المتاخم لأسوار المدينة القديمة، وهو جزء لا يتجزأ من القدس الموحدة، ومن المساحة السيادية لإسرائيل.

الواقع: إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تعترف بضم القدس لـ 70 كم من أراضي الضفة التي احتلت منذ العام 1967، وبقانونية إقامة أحياء يهودية وراء الخط الأخضر، والحقيقة الثانية التي يفرضها نتنياهو "العرب يشترون الشقق في القدس بطريقة حرة وفي غربي المدينة، ولا يقوم أحد بمنعهم"، وفي لقاء له مع الصحافيين، في مقر إقامته بالفندق في نيويورك، أضاف نتنياهو "لا يمكن ان يكون هناك تمييز، لا بين العرب ولا اليهود"، وفي لقاء مع مذيع تلفزيون "فوجين" قال نتنياهو "إذا كان في حي ما في أمريكا أو المكسيك أو في أي مكان آخر منع ليهود من شراء شقة؛ كان ذلك ليكون فضيحة".

من الصعب التصديق أن رئيس الحكومة الاسرائيلية يكذب على وسائل الاعلام؛ فلا يقال ان نتنياهو هو من لم يتعلم الحقائق، لشدة فضيحتنا فإن اليهودي الذي يعيش في الولايات المتحدة أو المكسيك ولم يزر إسرائيل من قبل، من حقه ان يملك شقة في القدس الشرقية أو في الربع اليهودي في الخليل، ورغم ذلك فإن الفلسطيني الذي ولد في القدس فليس من حقه ان يمتلك شقة في "هار حوماه" ولا يستطيع ان يسجل باسمه عقاراً في تلة الطيران.

على عكس ما يقول رئيس الوزراء تماماً؛ فليس فقط أراضٍ في القدس الشرقية تعتبر خارج الحدود بالنسبة للعرب سكان القدس الشرقية، ما عدا عدد بالمئات من الفلسطينيين حظوا بالمواطنة، و280 ألف مواطن فلسطيني لا يمكنهم الاقتراب من أراضي الحكومة، حتى في المناطق التي كانت تحت الحكم الأردني عام 1967، وعندما صودرت بداعي إقامة أحياء إسرائيلية (حوالي 35% من الأراضي في إسرائيل هي اراضي حكومية)، البند الـ 19 في عقد الايجار التابع لسلطة أراضي إسرائيل، والذي دخل حيز التنفيذ في (1/9/2013) يقول بوضوح ان هذا الرهن لا يمكن أن يؤجر (ناهيك عن كونه يُملك) من سلطة أراضي الدولة، إلا في حال استصدار ترخيص بشأن حقه وفق قانون العودة والهجرة الى إسرائيل، وبعد كل هذه الأمور فإن الحقيقة الأكثر أهمية فعلاً هي ان العالم ينبح وقافلة المستوطنات تسير براس مرفوعة من هار حوماه إلى تلة الطيران، ومن الشيخ جراح إلى سلوان.

تنبيه: مكتب رئيس الحكومة لم يخرج إلى الآن للرد على سؤال "المونيتور" بخصوص الفرق بين أقوال رئيس الوزراء بشأن المساواة بين اليهود والعرب فيما يتعلق بتملك الشقق في القدس وبين عقد الايجار التابع لسلطة الأراضي.

المونيتور - نبض إسرائيل