خبر هل بدأ اوباما يدرك أننا كنا على حق؟- إسرائيل اليوم

الساعة 09:10 ص|30 سبتمبر 2014

بقلم: زلمان شوفال

كان واضحا أن خطبة الرئيس اوباما في الجمعية العمومية في الاسبوع الماضي لن تكون عادية ولن تكرر المواقف المقبولة المعلومة بشأن مكانة الولايات المتحدة ودورها في أسرة الشعوب. ومن اسباب ذلك الازمة في اوكرانيا لكن وفي الاساس تقدم داعش في سوريا والعراق والخطوات المضادة التي خطاها الرئيس كما قال "لاذلالها وتدميرها". وبرغم أن العملية العسكرية برئاسة الولايات المتحدة وبمشاركة حلف دولي ما زالت محدودة جدا فانها من جهة اوباما وصدوده المعروف عن مشاركة امريكية زائدة في الصراعات الدولية مفترق طرق مهم ولا سيما اذا قيست بشعار "القيادة من الخلف" الذي كان يؤيده في الماضي.

          وحينما بلغ اوباما في خطبته الى الصراع الاسرائيلي الفلسطيني كان يبدو في البدء أنه سيكتفي مرة اخرى بتكرار الشعارات المعروفة مثل "لا يمكن أن يثبت الوضع الراهن زمنا طويلا"، و"ستستمر امريكا على جهودها للاتيان بالسلام" وغير ذلك. وقد زعم اوباما أن "العنف في المنطقة جعل اسرائيليين كثيرين ييأسون"، لأن العالم سيكون "مكانا اكثر عدلا اذا تحقق حل الدولتين". لكنه فاجأ واسمع كلاما لم يوافق أي رئيس امريكي قبله على أن يقوله ولا سيما على هذا النحو الصريح إذ قال إن "الوضع في العراق وسوريا وليبيا يجب أن يشفي الجميع من وهم أن هذا الصراع (الاسرائيلي الفلسطيني) هو مصدر المشكلات في المنطقة. كان (الصراع) يستخدم زمنا طويلا وسيلة لصرف انتباه الناس عن المشكلات".

          حينما قرأت هذا الكلام في الصيغة الرسمية الكاملة للخطبة، لم استطع أن اصدق ما رأته عيناي. لأن جهود دولة اسرائيل الدعائية والسياسية كانت موجهة منذ سنين كثيرة، دون نجاح كبير، لتحطيم الدعوى الكاذبة وهي أن الصراع مع الفلسطينيين جذر كل المشكلات في الشرق الاوسط ولا سيما مشكلات الولايات المتحدة مع العالم العربي، وهنا جاء اوباما لا غيره وقال بفم ملآن وبتأكيد لكلام معناه الوحيد الواضح أننا كنا على حق. فلم تعد توجد مثل مقولة "الطريق الى بغداد يمر بالقدس" التي قال بها زبجنييف بججنسكي، مستشار الرئيس جيمي كارتر للامن القومي؛ ولا "تعريض حياة الجنود الامريكيين في العراق وافغانستان للخطر بسبب عدم تسوية المشكلة الفلسطينية" التي قالت بها وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون والجنرال باتريوس؛ ولم تعد توجد كل تلك الاشارات الخفية الآثمة المتعمدة الى اسرائيل لمسؤوليتها الرئيسة بل الوحيدة احيانا عن كل الاشياء السيئة التي حدثت وتحدث في هذا الجزء من العالم.

          قد يكون بعض بواعث اوباما على قول ذلك الكلام نفعيا وسياسيا، فانتخابات نصف الولاية على الباب، هذا الى أن فرضية أن كل مشكلات الشرق الاوسط اصلها الصراع الاسرائيلي الفلسطيني تبرز عدم نجاح الولايات المتحدة في حله في نظر بعض المراقبين على الاقل، وقد يكون الرئيس ومستشاروه خلصوا ببساطة الى الاستنتاج المنطقي المطلوب وهو أن الفوضى التي أخذت تنتشر في الشرق الاوسط وقد تنتقل الى اوروبا والولايات المتحدة نفسها ايضا أشد وأخطر من أن يتم الاستمرار على تغطيتها بتعليل الرئيس الفلسطيني.

          ومهما يكن السبب فان هذا على كل حال نجاح مهم لسياسة اسرائيل ودعايتها. ولا يجوز لنا في الحقيقة أن نوهم أنفسنا وأن نعتقد أنه لن يوجد من يحاولون اعادة موضوع ذنب الصراع أو ذنب اسرائيل في الصراع اذا شئنا الدقة، الى الخطاب السياسي، لكن حتى لو حدث ذلك فلن يكون من السهل محو تأثير تصريح اوباما.

          إن أبو مازن خاصة هو الذي لم تفرحه خطبة اوباما، لأنه لا يضيع أية فرصة ليصرخ قائلا إن مشكلات داعش قد تنسي العالم المشكلة الفلسطينية. حتى إنه يمكن أن تكون خطبته التشهيرية لها صلة بغضبه على الرئيس اوباما، فبرغم أن اوباما أوضح كما قلنا آنفا أن الشأن الفلسطيني لا يُطرح من جدول الاعمال قد تكون تلك القطعة المهمة من خطبته اشارة الى أن واشنطن استقر رأيها على أن ترى الامور بتناسب، وأشار الى أنها لا تنوي أن تؤيد خطة أبو مازن السلمية "الجديدة" واجراءاته المخطط لها في مجلس الامن. وعلى كل حال يمكن أن نرى ايضا أن تنديد وزارة الخارجية الامريكية الشديد بخطة أبو مازن التحريضية في الجمعية العمومية تصديق لهذا التخمين.