خبر إفهموا أن اليمين يحكم وسيحكم- هآرتس

الساعة 09:06 ص|30 سبتمبر 2014

بقلم: موشيه آرنس

         إذا أردنا الحكم بحسب المقالات والرسائل الى أسرة التحرير في هذه الصحيفة، بدا أن اليأس أصاب عددا من الاسرائيليين يُعرفون أنفسهم بأنهم يساريون. ويوجد فيهم من يصرحون بنيتهم مغادرة البلد، ويدعوهم آخرون الى البقاء هنا والاستمرار على مناضلة "اليمين".

          ليس من الواضح لماذا يصعب جدا على اولئك الذين يمجدون الديمقراطية خاصة أن يُسلموا بحكم الناخب الذي وجه الى الحكم حكومة لا توافق أهواءهم. لأن تبدل الحكومات هو جوهر الحكم الديمقراطي في الخلاصة. وصحيح أن "اليسار" حكم اسرائيل سنين كثيرة حتى قبل انشاء الدولة لكن "الانقلاب" الذي جاء باليمين الى الحكم في 1977 برهن على أن اسرائيل ديمقراطية حقيقية، ويصادق تبدل الحكم الذي شهدناه منذ ذلك الحين على هذه الحقيقة مرة بعد اخرى.

          والى أين بالضبط يريد أن يتجه غير الراضين جدا اولئك عن الديمقراطية الاسرائيلية؟ إنهم لو نظروا في خريطة الاهداف الممكنة لتبين لهم أن "اليمين" أصبح يقوى اليوم في كثير من الدول الديمقراطية. صحيح أن الديمقراطيين يحكمون البيت الابيض في واشنطن، لكن الجمهوريين يحكمون مجلس النواب، ويبدو أنهم سيحكمون مجلس الشيوخ ايضا بعد الانتخابات في تشرين الثاني. وفي المانيا تتولى الحكم انجيلا ميركل رئيسة الحزب المسيحي الديمقراطي مستشارة منذ تسع سنوات ولا تبدو نهاية حكمها في الأفق. اجل إن فرانسوا اولاند الاشتراكي رئيس فرنسا لكن نجاحه ليس باهرا بصورة مميزة، ولا يبدو هذا محمسا لاولئك الذين ضاقوا ذرعا بالديمقراطية الاسرائيلية.

          إن اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو موجود في الحكم منذ خمس سنوات ونصف، وقد يستمر على الحكم اربع سنوات اخرى. والجمهور الاسرائيلي يتحرك نحو اليمين في السنوات الاخيرة سواء أحببنا ذلك أم لا، بل يمكن الحديث عن "منحنى تعلم" الجمهور الاسرائيلي، إثر خيبات أمل متكررة من خطوات كان يفترض أن تقدم مسيرة السلام الى الامام.

          تمتعت اتفاقات اوسلو التي وقعت عليها حكومة العمل برئاسة اسحق رابين مع م.ت.ف في 1993، تمتعت في تلك الفترة بتأييد اكثر الجمهور. ومع مرور السنين، وبعد امواج الارهاب الفلسطينية اصبح كثيرون يرون هذه الاتفاقات خطأ قاسيا، فاستقر رأي حكومة العمل التي قامت بعد ذلك برئاسة اهود باراك على أن تخون جيش جنوب لبنان الذي كان حليف اسرائيل وأن تنسحب بغتة ومن طرف واحد من الشريط الامني في جنوب لبنان. وحظيت تلك الخطوة في تلك الفترة بتأييد اكثر الجمهور الاسرائيلي لكن ازدياد حزب الله قوة عقب ذلك وحرب لبنان الثانية غيرا رأي اكثر الجمهور وصار الانسحاب يُرى الآن عملا سيئا.

          وحينما اتجه اريئيل شارون يسارا واستقر رأيه في 2005 على أن يجتث بالقوة اليهود الذين كانوا يعيشون في بلدات في قطاع غزة، تمتع بتأييد اكثر الاسرائيليين، واصبحت هذه الخطوة اليوم بعد آلاف الصواريخ التي أطلقت من القطاع على اسرائيل، اصبحت تعتبر في نظر الكثرة الغالبة خطأ قاسيا، فما العجب من أن اصبح عدد يزداد من الاسرائيليين في السنوات الاخيرة يتحفظون من المخاطرة؟ وما العجب من أنهم كفوا عن التحمس لمغامرات تدعي أنها خطوات تقدم السلام الى الامام ومن أنهم "تحولوا الى اليمين"؟.

          وينبغي أن نضيف الى ذلك "العامل السكاني": فالمهاجرون من الاتحاد السوفييتي السابق الذين ما زالوا يتذكرون التجربة السوفييتية جيدا هم في اكثرهم "يمينيون"، ومن المنطق أن نفرض أن المهاجرين من اثيوبيا ايضا ليسوا مؤيدين لليسار، والآن يهاجر اليهود من فرنسا وهم الذين يغادرون دولة يُدبر اليسار امورها تدبيرا مُخفقا ويبدو أنهم يحبون اسرائيل كما هي.

          يُبين كل ذلك أن اليمين سيستمر على الحكم هنا زمنا ما آخر على الأقل. وصحيح أن الكثرة قد لا تكون على حق دائما لكنها هي التي تقرر في الديمقراطية.