خبر مستوطنو الضفة الغربية: ملاذ نتنياهو من كابوس غزة ..صالح النعامي

الساعة 05:50 ص|24 سبتمبر 2014

انعكس الفشل الإسرائيلي في الحرب على غزة بشكل إيجابي، بالنسبة للمستوطنين اليهود في الضفة الغربية. فقد حاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الهروب من انتقادات النخب السياسية اليمينية، لمغازلة قواعد اليمين التقليدية، عبر خطوات تحابي المستوطنين وممثليهم في الحكومة والكنيست، مثل مصادرة أراض فلسطينية، لبناء المزيد من الوحدات السكنية، فضلاً عن وعود بسن قوانين تقلص فرص التوصل لأي تسوية سياسية للصراع تتجاوب مع الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية.

ولا تنحصر خطورة قرار نتنياهو الأخير بمصادرة أربعة آلاف دونم من أراض تعود ملكيتها لفلسطينيين في قرى بمحافظة بيت لحم في مجرد خسارة هذه الأرض، إذ إن الحي الاستيطاني الذي سيبنى فوق هذه الأراضي يهدف إلى ربط التجمع الاستيطاني "غوش عتصيون"، أكبر تجمع استيطاني في الضفة الغربية، بإسرائيل. هذا يعني أن رئيس الوزراء يسعى من خلال هذه الخطوة إلى "طمأنة" المستوطنين، تمهيداً لحسم قضية الاستيطان اليهودي من خلال فرض حقائق على الأرض.


ولا يكتفي نتنياهو بالخطوات العملية، لكسب ودّ المستوطنين، بل يصمت عن سياسات وزير الإسكان، أوري أرئيل، فمنذ أن توقفت الحرب على غزة، لا يترك الأخير مناسبة من دون التأكيد على عزمه إحداث طفرة في المشروع الاستيطاني في أرجاء الضفة الغربية، مشدداً على أن "التوسع في بناء المشاريع الاستيطانية يهدف بشكل أساسي إلى إسدال الستار على أية إمكانية للتوصل لتسوية سياسية للصراع تقوم على أساس إقامة دولة فلسطينية".

وقد سار كبار وزراء الليكود على خطى نتنياهو في سعيهم لاسترضاء قواعد اليمين عبر مظاهر التأييد والدعم الكبير للمشروع الاستيطاني. وسارع وزير الداخلية الليكودي، جدعون ساعر، قبل إعلان استقالته المفاجئة، إلى تشكيل لوبي من وزراء ونواب، لدعم الاستيطان في منطقة "غور الأردن"، التي تشكل 28 بالمئة من مساحة الضفة الغربية، موضحاً أنه "في أية تسوية سياسية للصراع، فإن منطقة "غور الأردن" ستكون جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل". ونجح ساعر في استمالة نواب من حزب "العمل" المعارض، لتأييد موقفه من مصير "غور الأردن"، لدرجة أن هذا الموقف بات يشكل إجماعاً صهيونياً عريضاً.

وفي حال بقيت السيطرة الإسرائيلية على غور الأردن، فإن أي كيان فلسطيني سيتم الإعلان عنه في ظل تسوية سياسية مفترضة، سيفتقد لمظاهر السيادة، كما لن يكون بوسع هذا الكيان السيطرة على حدوده مع الأردن.

وبرغم أن دوائر الحكم في تل أبيب، تسعى إلى تقليص الموازنات المخصصة لقطاعات الخدمات المختلفة وزيادة موازنة الأمن، فإن ممثلي أحزاب اليمين التي تشكل أغلبية في الحكومة والبرلمان، يحذرون من المس بمخصصات المستوطنات، لدرجة أن رئيس كتلة الائتلاف الحاكم في البرلمان النائب ياريف ليفين، دعا إلى طرد حزب "ييش عتيد"، الذي يتزعمه وزير المالية، يائير لبيد، من الائتلاف في حال أصر على المس بمخصصات المستوطنات، واستبداله بالأحزاب الدينية الحريدية.

وتتعدى خطوات مغازلة المستوطنين منح الأرض والمال لتعزيز مشروعهم الاستيطاني، نحو وعود بسن قوانين تجعل من إمكانية التوصل لتسوية سياسية أمراً مستحيلاً. فقد وعد نتنياهو جمهور اليمين بأنه سيعمل على سن قانون "الدولة القومية"، الذي يعني إقراره منع أية حكومة إسرائيلية من التفاوض على حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

إذا كان فشل حكومة جولدا مائير في حرب 1973، قد أفضى إلى ولادة حركة "غوش إيمونيم" الدينية، التي أخذت على عاتقها بناء المشروع الاستيطاني اليهودي في الأراضي العربية التي احتلت عام 1967، فإن تقييم فشل الحرب على غزة، قد يشكل نقطة تحول فارقة تفضي إلى تعاظم المشروع الاستيطاني، وتمكين النخب السياسية التي تمثل المستوطنين من تعزيز نفوذها في الدولة.