خبر الإعلام والدم ... عندما تستعيد غزة قضيتها بدمها!! ..شمس شناعة

الساعة 07:04 ص|23 سبتمبر 2014

يشكل الإعلام أداة نقل الحقيقة للعالم، ويمثل في عالم اليوم مشهد القرية الكونية التي حلم بها المنظرون والتقنيون في العقد التاسع من القرن المنصرم، ويسجل الصحفيون نقاطاً مهمة في الرصيد الشعبي خلال تغطية الأزمات والحروب والكوارث، لكن بريقهم يخفت تدريجياً بمجرد انتهاء الكارثة أو وقف إطلاق النار أو تراجع مستوى الأزمة، وهو أمر له مخاطره الجمّة على القضايا الإنسانية التي لا تزال عالقة ولم تصل فيها العدالة إلى المستوى المبتغى، وتعتبر القضية الفلسطينية واحدة من قضايا العدالة الإنسانية التي يتوجب على الإعلام متابعتها ساعة بساعة حتى يصل بها ومعها إلى المأمول من يقظة كونية تعيد الحق لأصحابه، فهل يفعل الإعلام ذلك؟ وهل تتأسس أجندة الفضائيات والصحف والإذاعات والمواقع الاخبارية على بقاء فلسطين ضمن الأجندة الإعلامية؟ وهل من سبيل إلى استعادة الصدارة دون أن تقع مصائب يتعرض لها الشعب الفلسطيني ودون أن تراق فيه دماء أبنائه؟.

نريد هنا التأكيد على أهمية متابعة القصص الإنسانية، فلكل حدث في العدوان الأخير على غزة تداعياته، ولكل مأساة جوانبها الإنسانية البحتة، وهناك خلف كل جدار بيت تهدم ألف قصة وقصة، فلماذا غابت ثقافة ال follow up عن إعلاميينا!، ولماذا توقفت آلة الإعلام الفلسطينية والعربية عن متابعة ما وراء الخبر والحدث والمأساة! وهل لتكريس ثقافة "كي الوعي الفلسطيني" علاقة بعدم متابعة ما تم بثه من صور وتقارير وقضايا، وهل يحق لإسرائيل أن تقيم الدنيا ولا تقعدها على مأساة مقتل طفل في الرابعة من عمره في أواخر أيام الحرب، ولا يحق للإعلام الفلسطيني أن يتوقف عند استشهاد أكثر من خمسمائة طفل فلسطيني خلال العدوان!، وهل تعتبر أجندة الإعلام المحلي والعربي والإسلامي والدولي واحدة!، وهل هناك "شيطان" يقف خلف الكواليس ليحدد للناس ما ينبغي أن يقرأوه ويشاهدوه ويستمعوا إليه، أم أن كل ذلك مجرد خواطر عابرة؟!.

في الحقيقة أن إعلاميينا قاموا بدور مشرف ووطني، ودفع بعضهم حياته ثمناً لنقل الحقائق وما يدور من أحداث للمواطن المتسمر أمام شاشات التلفزة وأجهزة الراديو في متابعة ما تتعرض له غزة من عدوان وحشي، بالإضافة إلى بث البيانات والرسائل والمواد التي ترفع الروح المعنوية وتقوي الجبهة الداخلية، وقد بدا جلياً القدرة على الاستفادة من التقنيات الحديثة في التواصل، من خلال توفير المعلومات عبر المواقع الالكترونية، وفقاً لأهمية الأحداث وسبل متابعتها، وشاهدنا تعاون الصحفيين الفلسطينيين في نقل وتغطية الأحداث بصورة جماعية بعيداً عن ثقافة الانفراد باعتباره رسالة وطنية وتحدي للاحتلال الذي يسعى لتعطيل عمل وسائل الإعلام وحجب الحقيقة، فيقع علينا جميعاً مسؤولية كسر هذه القاعدة والاستمرار وبكل السبل في جهودنا لإيصال حقيقة ما يحدث في غزة إلى العالم كله.

مهمتنا في المرحلة القادمة تنطلق من أهمية التوقف عند القصص التي تعيد للأذهان جرائم المحتل، وعدم الحاجة في كل مرة إلى نزيف دم متواصل حتى نستقطب العالم من جديد إلى مأساتنا الدائمة، ويتوجب علينا أن نذهب من جديد إلى حيث البيوت المدمرة والعائلات الثكلى ومراكز الإيواء والمدارس ونبحث في تفاصيل الحياة اليومية للناس حتى نصل إلى ما نريد من إفهام العالم كله أن هذه القضية العادلة تستحق أن يناضلوا معنا من أجلها، وأن هناك شعب في فلسطين يتطلع إلى الانعتاق والتحرر والشعور بآدمية يصر المحتل على انتقاصها عبر حصاره الظالم واستمراره في تكدير الحياة اليومية للفلسطينيين دون وازع من ضمير ودون أدنى شعور بقيمة الإنسان.