خبر يصعب أن نكون معا- يديعوت

الساعة 09:21 ص|21 سبتمبر 2014

يصعب أن نكون معا- يديعوت

بقلم: بن درور يميني

(المضمون: لا تنجح الوحدة مع اختلاف الاعراق والقوميات في اوروبا التي تشترك شعوبها بحضارة واحدة ودين واحد في الاكثر، فكيف يحاولون هنا من اليمين واليسار أن يفرضوا على الشعبين دولة كبيرة واحدة يهودية عربية؟ - المصدر).

 

إن اوروبا لا تنتقض عراها ولا الاتحاد الاوروبي ايضا. لكن شيئا ما يحدث هناك. صوتت اكثرية بلغت 55 بالمئة في اسكتلندة تعارض الانفصال عن بريطانيا ولهذا ستبقى المملكة موحدة، لكن زيادة المشاعر القومية قوة بعد مئات سني الوحدة تشهد على الاتجاه الذي تتجه اليه القارة.

 

منذ كانت الحرب العالمية الثانية عمل في اوروبا توجهان متناقضان هما نتاج دروس تلك الحرب. فكانت ثم من جهة موجة ضخمة من تبادل السكان لانشاء دول قومية متجانسة بقدر المستطاع. وقد أعلن تشرتشل قبيل انتهاء الحرب قوله: "لن يكون بعد الآن اختلاط بين السكان وهو شيء يُحدث ما لا يحصى من المشكلات... إن تغييرا مطلقا يقف على الباب وأنا لست قلقا لاعمال الترحيل المتوقعة". وهذا ما حدث بالضبط. فقد جرب عشرات الملايين تجربة الاجتثاث

 

القاسية قبل الحرب وفي اثنائها، وجرب اكثر من 20 مليون انسان التجربة تلك في السنوات الخمس التي تلت الحرب وكان ذلك فصلا آخر من فصول تحقيق فكرة تقرير المصير الذي هو مادة مركزية ايضا في نطاق الامم المتحدة.

 

وكانت الوجهة الثانية المضادة تماما هي انشاء اوروبا الموحدة. وقد استوت الفكرة مخلوقا تاما إذ بدأ الاتحاد الاوروبي وميثاق شنغان عمل محو الحدود، وأخذت القومية تتراجع أمام عصر ما بعد القومية وتعدد القوميات وفتح أبواب الهجرة. واستمدت فكرة "الشرق الاوسط الجديد" جزءا كبيرا من قوتها مما حدث في اوروبا لأنه اذا نجح ذلك هناك فلماذا لا ينجح ايضا بين مصر والاردن وسوريا ولبنان واسرائيل؟.

 

بيد أن الفرح سبق أوانه. ولم تُحدث قرارات الوحدة الاقتصادية والغاء الحاجة الى تأشيرات المرور مشاعر متشابهة عند عشرات الملايين الذين تمسكوا ايضا بالهوية وبتقرير المصير وبالقومية. ولو أن يوغسلافيا اصبحت ديمقراطية متعددة الاعراق لاستطاعت أن تندمج في الاتحاد الاوروبي اندماجا ممتازا لكن ذلك لم يحدث إذ تفككت يوغسلافيا الى سبعة كيانات قومية جديدة على أساس كثرة عرقية – وكان ذلك مسارا صاحبه تطهير عرقي آخر. وحدث ذلك قبل ذلك في تشيكوسلوفاكيا التي انقسمت الى دولتين قوميتين دون قطرة دم واحدة. وحدث بالطبع في الاتحاد السوفييتي الذي تفكك بحسب مركباته العرقية والقومية.

 

ولم ينقض ذلك لأنه قد يوجد قريبا استفتاء للشعب في كتالونيا التي يريد كثير فيها الانفصال عن اسبانيا، وتُسمع اصوات مشابهة ايضا في ايطاليا – في الشمال الغني الحسن الحال – وفي بلجيكا ايضا حيث توجد جماعتان عرقيتان. وهذا ما يحدث في الحقيقة ايضا في شرق اوروبا. لن ينجح ضيف من العالم الخارجي في أن يفهم بالضبط ما الفرق بين الاوكرانيين والروس؛ لكن يوجد فرق، وهم ينزفون بسببه. وحدث في الجانب الذي هو أقرب الى الغرب بين اوكرانيا وبولندة بعد الحرب العالمية الثانية تبادل سكان بلغ عددهم 1.4 مليون. وليس ذلك لذيذا لكن الهدوء غالب هناك منذ ذلك الحين. ولم يحدث ذلك في الجانب الشرقي وكانت النتيجة ثورات وطلب استقلال.

 

هل يوجد درس للشرق الاوسط؟ في اوروبا حضارة مشتركة وقيم مشتركة والدين نفسه على نحو عام ايضا. وبرغم ذلك تحظى الرغبة في تقرير المصير باظهار جديد. والوضع في الشرق الاوسط اسوأ: فسوريا والعراق تنتقضان، ولا يُمكّن أحد من استفتاء شعبي للجماعات التي تريد تقرير المصير. فالسنيون لا يتفقون مع الشيعة، والاكراد لا يتفقون مع العرب، ويوجد برغم ذلك من

 

اليمين واليسار من يحاولون أن يفرضوا علينا دولة كبيرة واحدة يهودية عربية. وهذا لا ينجح في القارة الموحدة ولن ينجح في الشرق الاوسط المقسوم.