بالصور الشهيد المجاهد « محمد النجار »: شهيد الفجر في ليلة القدر

الساعة 10:30 ص|20 سبتمبر 2014

الإعلام الحربي

وتستمر قوافل الشهداء على تراب الوطن... ويعود الرجال الرجال يصولون ويجولون في ساحات الجهاد.. ويثيرون النقع في كل مكان... من اجل رفع راية لا اله الله خفاقة عالية... ويتقدمون الصفوف حين ينادي المنادي للجهاد بكل شجاعة وقوة... لا يخافون في الله لومة لائم... فها هم يتقدمون مشرعين صدورهم نحو الشهادة... يستقبلونها بكل فرح وسرور.. ليجعلوا من أجسادهم جسراً لمواكب الشهداء، ووقوداً دافعاً للمجاهدين الذين يحملون اللواء من بعدهم... ويسيرون على نهجهم... ونارا ملتهبة للانتقام من أعداء الله وأعداء الدين والإنسانية الذين تلطخت أياديهم الغادرة بدماء أطفال وشباب وشيوخ ونساء فلسطين ..

 بزوغ الفجر

أبصر شهيدنا المجاهد محمد سمير النجار النور بتاريخ 20/2/ 1989م، في  منطقة المواصي قرب شاطئ البحر غرب مدينة خان يونس ، فعاش طفولته في كنف أسرة فلسطينية بسيطة متواضعة ويعتبر البحر مصدر رزقها حيث يعمل معظم سكان تلك المنطقة في مجال الصيد إلى جانب عملهم في قطاع الزراعة، فكان لتلك البيئة الطبيعية الخلابة اشد الأثر في تكوين شخصية المجاهد محمد النجار. وتتكون أسرة شهيدنا من عشرة من الأبناء والبنات، ويعتبر شهيدنا البكر لوالديه.

 درس الشهيد محمد مراحل دراسته الابتدائية والإعدادية في مدرسة جرار القدوة بمنطقة المواصي، ثم انتقل لدراسة المرحلة الثانوية في مدرسة "هارون الرشيد" بمعسكر خان يونس،  ليلتحق بعد اجتياز مرحلة الثانوية بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية التابعة للجامعة الإسلامية، حيث حصل على شهادة الدبلوم في الخدمة الاجتماعية العام المنصرم، وكان ينوي إكمال دراسته الجامعية لكن استشهاده حال دون ذلك.

 ولم يمضِ على زواج شهيدنا عام حتى كان استشهاده، حيث لم يحول زواجه أو ما تحمله زوجته في أحشائها عن مواصلته طريق ذات الشوكة، بل كان ذلك دافع له لمواصلة طريق الجهاد والاستشهاد.

 

صفاته وعلاقاته بالآخرين

وعُرف شهيدنا المجاهد محمد النجار  ببساطته وتواضعه، كما ارتبط بعلاقات ممتازة مع أسرته وأبناء عمومته ومع سكان الحي الذي يقطنه، ورفاقه في العمل، فكان محباً للجميع، ومحبوباً من الجميع.

 وتميز شهيدنا محمد بالجرأة والشجاعة فكان يتقدم الصفوف الأولى لتنفيذ أي مهمة جهادية بقلب المؤمن وبخطى المخلص العارف، فقد كان رحمه الله زاهداً في هذه الدنيا الفانية طامعاً في جنة عرضها السماوات والأرض أُعدت للمتقين، كما كان باراً بوالديه حيث كان مطيعاُ لهما ومقرباً منهما، ويعطف على الصغير ويحترم الكبير.

 حِرص شهيدنا على الصلاة في جماعة بالمسجد، حيث تم استهدافه وهو في طريقه إلى مسجد "الإحسان" الذي كان من رواده لأداء صلاة الفجر، ولم يكتفي الشهيد بأدائه للصلاة في جماعة، بل كان يحث جميع إخوانه وأصدقائه على أداء الصلوات، كما كان ملتزما بالندوات الإيمانية وحلقات حفظ القرآن التي كانت تقام في المسجد.

 يؤكد العديد من أقارب وأصدقاء الشهيد، أنهم ما عرفوا طريق المسجد والالتزام في الصلاة إلا من خلال الشهيد الذي كان على الدوام يحثهم على الصلاة في جماعة، وحضور مجالس العلم، والخطب الدينية.

 

درب الجهاد

تعرف شهيدنا محمد سمير النجار على الخيار الأمل، على الإسلام المقاوم، فانتمى لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في عام 2009م، حيث كان في السابق يصعب على سكان المواصي الانتماء لأي تنظيم جهادي، نظراً لأن المنطقة برمتها كانت تخضع تحت سيطرة الاحتلال الصهيوني الذي اندحر عن غزة في أواخر عام 2005.

 في بداية التحاقه لحركة الجهاد الإسلامي حرص شهينا المجاهد محمد النجار على المشاركة في  الأنشطة والفعاليات والمسيرات التي كانت تنظمها الحركة، وأيضاً حرص الشهيد على إيصال فكر حركة الجهاد إلى سكان المواصي من خلال الندوات الدينية والسياسية والعروض المرئية التي كان يقدمها مع إخوانه.

 رغم أهمية الدور الذي كان يقوم به شهيدنا إلا أنه حرص على الانضمام إلى صفوف سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، ليكون جندياً فارساً يحمل القرآن في قلبه والبندقية في يده، وليدافع عن طهارة وقداسة فلسطين المباركة.

 وبعد فترة من الوقت التحق شهيدنا محمد في صفوف سرايا القدس، حيث تلقى في بداية الأمر العديد من الدورات الأمنية والعسكرية المختلفة التي أعدته وأهلته ليكون مجاهداً شجاعاً.

 كما اثبت الشهيد النجار جدارته في العمل الدعوي لحركة الجهاد، واثبت أيضاً بسالته في الرباط على ثغور البحر، لمواجهة أي تقدم للقوات البحرية الصهيونية.

 نظراً لما أبداه الشهيد من كفاءة في العمل وشجاعة منقطعة النظير، وإلى جانب تمتعه بالسرية التامة، تم اختياره للعمل داخل الموقع العسكري التابع لسرايا القدس، حيث أشاد مسئوليه بأدائه العالي في بناء الغرف الخاصة بالتدريب النظري، وتجهيز الموقع مع كافة ما يحتاج إليه للتدريب، إلى جانب حرصه على التواجد في الموقع في كافة الأوقات، حتى أثناء فترة إجازة زواجه حرص على الحضور.

ويؤكد مسئول في الموقع أن استشهاد محمد ترك فراغاً كبيراً يصعب سداده، نظراً لما كان ينجزه من أمور يصعب على احد غيره انجازها بحكم خبرته الطويلة.

 

ويسجل لشهيدنا رصده لتحركات العدو جواً وبحراً وتواصله أثناء معركة البنيان المرصوص مع غرفة سلاح الإشارة، والقيادة الميدانية، وإعطاءها كافة المعلومات عن تحركات العدو الصهيوني أولاً بأول، إلى جانب استعداده ورفاقه المجاهدين التصدي لأي توغل صهيوني كان محتملاً بحراً، حيث ساهم في نصب بعض العبوات الناسفة العائمة والأرضية الموجهة في بعض المناطق المتوقع إقدام العدو على تنفيذ عملية إنزال فيها.    

 

قصة استشهاده

استشهد المجاهد محمد سمير النجار في يوم 27 رمضان لعام 1435ه، الموافق 25/7/2014م، أثناء ذهابه لأداء صلاة الفجر حاضراً في المسجد، حيث أصيب بصاروخ أطلق من طائرة استطلاع صهيونية استهدفه بصورة مباشرة مما أدى إلى استشهاده على الفور، بعد أن نطق بالشهادة.

 ويقول والده الحاج سمير "أبو محمد" لـ "الإعلام الحربي" الذي كان في ضيافة أسرة الشهيد فوق أنقاض منزلها المدمر بفعل القصف الصهيوني:" لم يكتفِ الاحتلال بقتل نجلي، بل سارعوا إلى قصف منزل العائلة أثناء دفننا للشهيد في مقبرة العائلة"، مشدداً على أنه مهما فعل العدو الصهيوني من قتل وتدمير لن يثنيه عن مواصلة طريق الجهاد والاستشهاد حتى تحرير فلسطين.

 وأضاف الوالد الصابر:" العدو الصهيوني يعتقد انه بقتل أبنائنا وتدمير بيوتنا سيكسر شوكتنا، لكننا نقول له نحن باقون باقون لن نرحل ولن نرفع الراية البيضاء أبداً".

 وحول استهدافه يقول والده أبو محمد لـ "الإعلام الحربي":" عندما أذن الفجر طلب مني مصاحبته الى المسجد، لكن قلت له سأصلي السنة والحق بك، وما هي إلا لحظات حتى سمعت صوت الصاروخ، فخرجت كما خرج الكثيرون، لكننا لم نستطع الوصول إليه خشية قصفه مرة أخرى، لكن احد الشباب تمكن من سحبه لمكان امن حتى وصول سيارات الإسعاف "، مؤكداً أن الشاب الذي تمكن من سحبه من مكان استهدافه سمعه وهو يردد الشهادة أكثر من مرة.

 ولفت أبو محمد إلى أن نجله أعطاه قبل يومين من استشهاده زكاة صيامه وزوجته وطفله الذي لم يرى النور بعد، رغم اننا كنا في منتصف العشر أواخر من شهر رمضان الفضيل، كأنه كان على علم مسبق بقرب ارتقائه شهيداً، قائلاً له: "أريد منك أن تخرج زكاة مالي على الفقراء لأنني ممكن لا استطيع إخراجها بسبب ظروف الحرب".

 وأشاد الوالد الصابر بحسن علاقة نجله بربه، وارتباطه بالمسجد، وبره به وبوالدته حتى كان استشهاده وهو ذاهب لصلاة الفجر، معتبراً استشهاد ابنه هدية من الله له ولأسرته ولعائلته، قائلاً: "الشهادة شرف عظيم نفتخر بها، لأنها اصطفاء من الله، لمن يحبه من خلقه"، سائلاً المولى عز وجل أن يتقبل نجله مع الشهداء والصديقين، ويجعله شفيعاً له ولكل محبيه.

 فهنيئاً لك ولكل الشهداء الجنة يا فرسان الكرامة في زمن التهاوي والزيف.. ولكم منا الوفاء والإصرار على مواصلة طريقكم حتى دحر المحتل عن فلسطين كل فلسطين. فبوركت دمائكم الزكية التي كانت لنا نوراً نهتدي به وناراً تحرق بني صهيون وإنا لعلى العهد باقون ما بقينا إن شاء الله، ورحم الله شهداءنا وأسكنهم فسيح جناته مع النبيين والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

فهنيئاً لك الشهادة يا "محمد" ونلتقي في الجنة على سرر متقابلين بجوار النبي المصطفى عند سدرة المنتهى تحت عرش الرحمن بإذن الله تعالي.


الشهيد المجاهد
الشهيد المجاهد
الشهيد المجاهد
الشهيد المجاهد
الشهيد المجاهد