خبر لكن ما الذي يمكن أن نفعله؟- هآرتس

الساعة 09:36 ص|20 سبتمبر 2014

لكن ما الذي يمكن أن نفعله؟- هآرتس

بقلم: اوري مسغاف

(المضمون: ماذا يفعل مواطن اسرائيلي يحيا في اسرائيل ويؤدي كل واجباته فيها ولا يريد مغادرتها ولا يريد الانتحار، لكنه لا يريد مساعدة مشروع الاحتلال والاستيطان - المصدر).

 

ما هو في الحقيقة المتوقع من شخص يعيش هنا ويستقر رأيه في مرحلة ما على أنه لا يريد أن يشارك في مشروع الاحتلال والاستيطان؟ ما الذي يريدونه منه؟ هذا سؤال جدي، وأنا أطلب الحصول على أجوبة جدية عنه من اليمين واليسار. إنه انسان نشأ وتربى في اسرائيل وأدى واجباته فيها، وهو في المستوى السياسي يؤمن ايمانا خالصا بأن مشروع الاحتلال والاستيطان يضر بالدولة ويفسدها ويؤدي الى خرابها في المستقبل. وهو لا يريد أو هو غير قادر في المستوى الاخلاقي على المشاركة في هذا الظلم وهذه الحماقة. فهذا يحزن قلبه ويناقض منطقه وهو يبحث عن آفاق عمل تُمكنه من أن يعيش بسلام مع نفسه، فما الذي يجوز له فعله؟.

 

لم يعد يريد أن يسمع عن "مسيرة سياسية" وعن "أفق سياسي" وعن يدنا "الممدودة الى السلام"، وعن "رؤيا الدولتين" وعن "خطبة بار ايلان". فقد مرت 47 سنة وما زال الاحتلال هنا، وهو يرى مرة بعد اخرى كيف تقوي احزاب من اليسار والوسط ائتلافات حكومية يمينية تؤبد استمراره. وهو يائس من الميدان البرلماني ويبحث عن سبل عمل. وهو يعرف أن موقفه موقف الاقلية، وأن العامل السكاني في غير صالحه، وأن الامر ربما حُسم. لكنه يريد فقط أن يسهم بنصيب منه. وهو يريد أن يعيش مع نفسه بسلام. وهو يرى اننا نحيا مرة واحدة وأن الحياة أقصر من أن نضيعها في زيادة الاحتلال عمقا.

 

ويبدو من المتناقض عنده أن ينفق عليه من ضرائبه، لكن اخفاء الضريبة جناية، والتمرد الضريبي ليس واقعيا. واذا أراد أن يقاطع منتوجات تصنع في المستوطنات أوضحوا له أن المقاطعة أمر فظيع ومن كاليهود يجب أن يتذكر ذلك. واذا لم يكن مستعدا لتأدية عروض في المستوطنات ادعوا عليه أنه لا يجوز له أن يرفض سكانا كاملين، وهو يتغذى على مخصصات الدولة أو هو مدعوم بها، فاذا انضم الى حركة حقوق انسان، قذفوه بأنه يُحدث ضررا دعائيا ويسيء سمعة دولته.

 

واذا عمل في تجنيد تأييد خارجي أو تشجيع تدخل دولي أصبح يهوديا صغيرا مستخذيا للأغيار المعادين للسامية.

 

ولا يخطر بباله بالطبع أي نوع من المقاومة العنيفة، فليست تلك سبيله ولا قيمه. ويختار بعد حيرة أكثر التعابير ضيقا وأساسية عن المقاومة المدنية ويعلن قائلا: أنا أخرج من اللعبة. فأنا، الصغير، لن أشارك بعد الآن في الاحتلال المادي والذهني لشعب آخر. ولن اضطهده ولن أسلبه حقوقه ولن أساعد على سلبه ارضه. ولن أقصفه من الجو ولن أداهم بيوته تحت جنح الظلام، ولن أجعل حياته مرة بالحواجز ولن أُفرق مظاهراته بالرصاص المطاطي وغيره، ولن أبتزه كي يصبح عميلا بل لن أجمع معلومات استخبارية تُمكن من الاستمرار على هذه الاعمال الى يوم القيامة، فأنا ببساطة لا أريد ولم أعد قادرا على المشاركة في ذلك.

 

آنذاك ايضا ينقضون عليه من اليمين واليسار. ويشتمونه بغضب ويقترحون التحقيق معه ومحاكمته. ويُبينون له أنه يهدم الديمقراطية وأن الطاعة قيمة عليا. وهو لا يفهم كيف يمكن الحديث معه بجد عن الديمقراطية في نظام حكم يُبقي تحت الاحتلال والحصار نحوا من 4 ملايين فلسطيني بلا حقوق انسانية أساسية. وهو لا يفهم كيف ارتفعت الطاعة العمياء الى منزلة القداسة ولا سيما في دولة تؤيد عقاب مجرمي حرب نفذوا أوامر عسكرية، وتُجل اجلالا عظيما صدّيقي أمم العالم الذين رفضوا تلك الأوامر.

 

ويعاود سؤاله ماذا بقي ليفعل. فهو لا يريد أن يغادر ولا يريد أن ينتحر بل يريد أن يحيا بسلام مع ضميره في دولة اسرائيل دون أن يساعد مشروع الاحتلال والاستيطان. فساعدوه من فضلكم أيها القراء الأعزاء: هل توجد سبيل مشروعة لفعل ذلك؟.