خبر العمل الرقمي- معاريف الاسبوع

الساعة 07:28 ص|20 سبتمبر 2014

بقلم: يوسي ميلمان

(المضمون: اذا كانت شعبة الاستخبارات حققت في بداية الطريق في 2006 من خلال السايبر 10 في المئة من معلوماتها، ففي 2014 وصلت المعلومات الى 30 في المئة - المصدر).

 

عقد هذا الاسبوع في جامعة تل أبيب مؤتمر "السايبر" (الحرب الالكترونية) الدولي الرابع بادارة "ورشة يوفال نئمان للعلوم، التكنولوجيا والامن"، اجتذب اليه خبراء كثيرين من البلاد ومن العالم، ولاقى صدى اعلاميا بسبب خطابي رئيس الوزراء ووزير الدفاع. ويحتمل أن تكون رسالة الرافضين الـ 43 من رجال الاحتياط في وحدة 8200، والتي نشرت في موعد قريب من الحدث، ساهمت في جذب الاهتمام.

 

ولكن مشوق بقدر لا يقل، وان كان خفيا عن العيان، كان ما حصل في الصف الاول في القاعة التي عقد فيها المؤتمر. فهناك جلس الواحد الى جانب الآخر الجنرال كيث الكسندر والعميد احتياط نداف تسفرير. وكان الجنرال الكسندر حتى قبل نحو سنة مدير "وكالات الامن القومي" (NSA)، وحدة التنصت في أسرة الاستخبارات الامريكية، كما شغل منصب رئيس "قيادة السايبر". وقاد العميد تسفرير حتى قبل نحو سنة وحدة 8200 التي تعنى مثل موازيتها الامريكية بالتنصت على الهواتف، الفاكسات، التسلل الى الحواسيب، اعتراض الوسائط الرقمية، حل الالغاز وقتال السايبر. وقد تحدث الرجلان مطولا، وبدا واضحا انهما معرفة قديمة يسرهما أن يلتقيا مرة اخرى.

 

قتال السايبر هو سلسلة من أعمال يقوم بها افراد، منظمات، دول أو منظمات فوق دولية، هدفها مهاجمة أو الحاق ضرر بحواسيب الخصم ومنظومات المعلومات لديه. ولمثل هذا الهجوم يمكن ان يكون هدفان اساسيان: الحصول على معلومات والحاق ضرر بالحواسيب ومنظومات المعلومات، يحدث رد فعل متسلسل ويمس بالبنى التحتية الاستراتيجية أو غيرها.

 

وحسب منشورات في الولايات المتحدة، فمثال على مثل هذا القتال هو الجهود المشتركة للولايات المتحدة واسرائيل للمس بالبرنامج النووي الايراني. وذروة هذه الجهود، على الاقل، حسب المنشورات، كان برنامج فيروس فتاك حظي بلقب "ستوكسنت" وادخل الى منظومات حواسيب الموقع لتخصيب اليورانيوم في نتناز. وحسب ما نشر في "نيويورك تايمز" في 2010، كان البرنامج والحملة مشروعا مشتركا للمخابرات الاسرائيلية والامريكية، وادخل الفيروس الى حواسيب نتناز قبل نحو سنة من ذلك.

 

في الجانب الامريكي نسبت الحملة الى الـ NSA، وفي الجانب الاسرائيلي، حسب المنشورات، الى الموساد. وذلك اساسا لانه ترأس الموساد على مدى ثماني سنوات مئير داغان الذي كلفه رئيسا الوزراء ارئيل شارون وايهود اولمرت لتنسيق الجهود الاسرائيلية لاحباط، تشويش وابطاء

 

النووي الايراني. ولكن قبل نحو سنة بدأت تنكشف تفاصيل اخرى، ومن الوثائق التي سربها موظف الـ NSA ادوارد سنودن، تبين أنه في الجانب الاسرائيلي كانت الجهة المسؤولة عن الفيروس هي 8200. وحسب بعض وثائق سنودن، يجري بين الوحدتين تعاون وثيق للغاية، نص عليه في اتفاق وقع قبل بضع سنوات وعمق العلاقة بينهما. وقد ازداد التعاون في عهد الكسندر وتسفرير.

 

ان قتال السايبر كوسيلة هجومية (خلافا للدفاع في وجه محاولات العدو ضرب منظومات الحواسيب) هو موضوع حساس على نحو خاص، وان كان ظاهرا لا فرق كبير بينه وبين التنصت واعتراض المكالمات الهاتفية. وفي الحالتين يدور الحديث عن عمل تجسس هجومي. ومع ذلك، ربما لان هذا مجال جديد نسبيا، فهناك تخوف من الحديث فيه.

 

وعليه، كان مشوقا على نحو خاص ان نسمع هذا الاسبوع مصدرا عسكريا رفيع المستوى يتناول الموضوع. وقد تحدث عن التغييرات – وللدقة عن الثورة التي تجري في السنوات الاخيرة في شعبة الاستخبارات "أمان" في الجيش الاسرائيلي وفي مركزها منظومة السايبر. وهذه لم تبدأ امس. هذه مسيرة مستمرة بدأت منذ عهد عاموس يدلين، الذي تسلم المنصب في 2006، ولكنها نالت الزخم الحقيقي عندما حل محله في بداية 2011 اللواء أفيف كوخافي، الذي سيتسلم قريبا منصب قائد المنطقة الشمالية. تعبير عن "تعظيم بعد السايبر"، على حد قول الضابط الكبير، هو حقيقة ان هذه هي المنظومة الوحيدة في شعبة الاستخبارات التي حصلت على علاوة في القوى البشرية.

 

احد الادوات المركزية في قتال السايبر هو حصان طروادة، البرنامج الذي يدخل الى حواسيب العدو دون علمه، مثل "ستوكسنت"، والذي يمكن أن يفاجيء، يلحق الضرر بالحواسيب او ينتزع منها المعلومات. واحيانا يتم ادخال حصان طروادة مثل "قنصة" من رصاصة وحيدة تطلق الى الهدف، واحيانا مثل "الصلية" التي تطلق وتتوزع. وبتعابير الاستخبارات، فان حصان طروادة هو مثل الطائرة بدون طيار. فهو يجري التحكم به من بعيد، يعمل دون ان يراه احد، او يعلم بوجوده احد، ويحقق بدهاء المعلومات المطلوبة.

 

ان المساهمة المركزية للسايبر هي في حجم الانباء التي تحققت بواسطته عن الاهداف التي تتابعها الاستخبارات الاسرائيلية. هذه الاهداف معروفة وشدد عليها غير مرة رؤساء الاستخبارات. وكانت ايران الهدف المركزي وبعدها حزب الله، حماس وسوريا. واذا كانت شعبة الاستخبارات حققت في بداية الطريق في 2006 من خلال السايبر 10 في المئة من معلوماتها، ففي 2014 وصلت المعلومات الى 30 في المئة. واضح أن حجم المعلومات يتغير من ساحة الى ساحة، من دولة

 

الى دولة، ومن منظمة ارهابية الى اخرى. كلما كان الخصم يعمل في محيط مفعم بالتكنولوجيا، هكذا يكون اسهل ممارسة قتال السايبر.

 

ولكن هذا سهم مرتد. فبمساعدة تكنولوجيا السايبر، سيحاول الخصم الدفاع والحراسة لحواسيبه ومنظوماته. ورغم ذلك، فان معطى الـ 70 في المئة مثير للانطباع بكل مقياس كان.

 

***

 

والى جانب قتال السايبر حصلت في شعبة الاستخبارات تغييرات تكنولوجية وتنظيمية اخرى، كان هدفها على حد قول الضابط الكبير، "ملاءمة شعبة الاستخبارات مع الواقع المتغير كي توفر للقيادة السياسية والجيش الاسرائيلي جوابا ذا صلة وشاملا على المستوى الاستراتيجي، العملياتي والتكتيكي".

 

ومفاجيء بقدر ما يبدو، حتى وقت أخير مضى لم "تتحدث" وحدات شعبة الاستخبارات الواحدة مع الاخرى بذات لغة الحاسوب. فللوحدات الكبرى في شعبة الاستخبارات مثل 8200 أو دائرة البحوث، كانت حواسيب خاصة بها، ولم تعمل على ذات الشبكة. والان، بمساعدة برنامج تطبيقات يفعلون هذا. كان هذا يجب أن يحصل لانه في كل يوم تتلقى شعبة الاستخبارات عشرات ملايين المعلومات التفصيلية، يمكن لهذا ان يكون من التنصت لمكالمات هاتفية، اعتراض بريد الكتروني، او صورة من طائرة.

 

ان التعبير العملي والبصري لذاك التوحيد هو في اقامة شبكة داخلية تشبه جدا شبكة الانترنت. رجل شعبة الاستخبارات او كل من له تصنيف امني مناسب (ويدور الحديث عن تصنيف عال للغاية) يمكنه أن يضرب رمز دخول فيدخل الى الحاسوب. وعلى الشاشة سيرى ايقونات تشبه جدا تلك التي في حاسوبه البيتي: فيسبوك، غوغل او شيئا ما يشبه موقع الاخبار. فينقر على احدى الايقونات، يدخل اليها، يكتب في نافذة البحث ما يبحث عنه – مثلا عمليات تخريبية معادية فيحصل على الفور، تماما مثلما في غوغل البيتي لديه، كل المعلومات التي تتناول القيمة المطروحة.

 

مثال آخر: ضابط شبة، في 8200 – دور محلل ومقدر معلومات – يمكنه ان يتصل على الهواء مع باحث في قيادة المنطقة الشمالية. وسيرتبطان بالحاسوب، بينما امام ناظريهما شاشة وعليها ذات المعلومات. ذات مرة كانت تمر ساعات او ايام الى أن تنتقل المادة من واحد الى

 

الاخر. مثال آخر على قوة التكنولوجيا التي تسمح بتوافر المعلومات هو في مجال ما يسمى "المشهد" – المعلومات الاستخبارية التي تصدر عن الصور. بنقرة مزدوجة يمكن لكل مستهلك معلومات (سلاح الجو، القوات البرية) ان يحصل على صورة لكل بيت في غزة باربع زوايا.

 

المشكلة في كل الوضع المثير للانطباع هذا هي أنه لسماح اقوال الضابط الكبير يثور الاشتباه في أنه يتحلى اكثر مما ينبغي بالتكنولوجيا الاختراقية التي تحققت بمعونة الكفاءة، الحداثة والخيال الابداعي. وفي استعراضه يكاد لا يذكر ما يعتبر دوما الامر الاكثر اساسية في كل عقيدة الاستخبارات – العنصر البشري. فمع أنه أثنى على الضباط والجنود في شعبة الاستخبارات والذين يقومون بمهامهم، الشبان والشابات الذين خلف الالات. ولكن عندما يتحدثون عن العنصر الانساني في الاستخبارات فانهم يقصدون ما يسمى الاستخبارات التي تتحقق بوسائل استخدام العملاء.

 

لعل هذا ينبع من حقيقة أن لدى شعبة الاستخبارات توجد وحدة 504، وحدة صغيرة نسبيا تعنى بالايجاد، التجنيد والاستخدام للعملاء ولا سيما في مناطق الحدود الاهداف الاستخبارية العسكرية التكتيكية. وقد تعرضت الوحدة في السنوات الاخيرة الى اخفاقات جسيمة، وظهرت نقاط خلل هامة في ادائها.

 

وبالمقابل، ففي الموساد وفي الشاباك، الذين هم ايضا اجتازوا رفعا للمستوى التكنولوجي ولكنهم بقوا منظمات "بشرية" لا يزالون يؤمنون بان يأتي من عميل يجلس على مقربة من صاحب القرارات او الجنرال. او ربما افضل من ذلك، ان يكون صاحب القرارات او الجنرال او العميلان المجندان.