الهجرة 'الغير شرعية' تأشيرة موت قيمتها 4 آلاف$

خبر 'فلسطين اليوم' تحاور مهاجر.. تفاصيل هجرة غير شرعية من غزة الى سواحل ايطاليا

الساعة 08:01 م|14 سبتمبر 2014

غزة

 

(معتز . ش) أحد الشباب الغزيين الذين استطاعوا اللجوء الى إحدى الدول الأوربية منذ خمسة اعوام والذي استطاع الوصول الى تلك الدولة بعد مجازفة محفوفة بالمخاطر وبالمصائب، والتي كان في أقلها ان يغرق في مياه البحر الابيض المتوسط أو ان يُلقى في سجن إحدى الدول العربية او الاوروبية او أن يتعرض للقتل او السرقة على يد القراصنة والنصابين "المهربين" او العودة لبلاده بعد سرقة ماله.

ويشرف على عملية الهجرة الغير شرعية "نصابين محترفين" هدفهم الوحيد هو سرقة ما يملكه ذلك المهاجر، الذي يضطر للخروج من بلده لأسباب اقتصادية في مجملها، ونادراً ما تؤدي الهجرة "الغير شرعية" الهدف المنشود منها بعد طول عذاب.

"فلسطين اليوم" حاورت معتز -الذي تحفظ على ذكر أسم عائلته لأسباب شخصية- للوقوف على عمليات الهجرة وآلية إتمامها ومعرفة من ورائها وما الدافع للقيام بتلك المجازفة المحفوفة بالمخاطر.

يقول معتز :"خرجت من قطاع غزة لأسباب اقتصادية بحتة حيث اتى الحصار الإسرائيلي على كل مقومات الحياة، فحاولت الخروج بطرق شرعية لكن الابواب كانت مؤصدة، فاضطررت أن أخوض غمار المجازفة على الرغم من علمي المسبق بنتائجها الكارثية (..)ولكن بجبرك على المرّ إلا الامرَ".

تواصل معتز عن طريق زملاء له مع مهربين في الأراضي المصرية، ورغبوه بالهجرة الشرعية عن طريق البحر، مذللين له العقبات، مبررين له موت المهاجرين الشرعيين "بغباء المهربين وسائق القارب"، وانهم أكثر حنكة دراية ومصداقية من غيرهم في شؤون التهريب.

أُبلغ  معتز ان الهجرة الشرعية عبر البحر ستكلفه أكثر من 4 آلاف دولار، وذلك حتى وصوله الدولة التي سيطلب من خلالها اللجوء.

يضيف معتز :"كل ما يهم المهربين هو حرصهم على المال، ولا يهم سلامة المهاجر، ولا يتخذون الإجراءات الاحتياطية لسلامته، وسرعان ما يتركونه ويتعرضون له بالسلب والنهب".

سلك معتز عبر أحد العاملين بالأنفاق الحدودية بين مصر وغزة الى الجانب المصري (رفح المصرية) عبر مبلغ معين من المال، بعدها تلقاه أحد المهربين وأقتاده عبر الدروب الصحراوية والطرق الالتفافية لتفادي الحواجز الامنية المصرية الى مدينة العريش ثم عبر سيارة خاصة لاحد المهربين اتجه الى مدينة الإسكندرية.

وقبل بدأ عملية التهريب تلقى المهرب المختص 2500 دولار امريكي، واشترط على "معتز" التحدث مع المصريين عند الضرورة باللهجة المصرية، والبسه زي شعبي متعارف عليه "جلبية مصرية"، "وكان يتناوب المهربين على تسلمنا من واحد لواحد".

بعد وصوله الى مدينة الإسكندرية الساحلية احتجز في إحدى الشقق القريبة من البحر الابيض المتوسط لمدة يومين الى جانب عدد كبير من الناس، وذلك لإكمال عدد المهاجرين الغير شرعيين من المصريين والعراقيين والسوريين والفلسطينيين، ومن ثم تم نقلهم عبر شاحنات لنقل الخردة الى مكان القارب.

يقول معتز :"اكتملت حمولة القارب وكان يقل عدد كبير من المسافرين من عدد من الدول العربية، وللأسف كان المركب بدائي هش وغير متماسك وكان مكدس بالأطفال والنساء والشيوخ الذين ينوون الهجرة، وكان القارب لا يستطيع حمل أكثر من 40 شخصاً إلا أن عليه اكثر من 200 شخص".

بعد أن اطمئن المهربين لأعدادنا تلقوا الاموال اللازمة بدأ القارب بالإبحار، وهم عادوا بالأموال صوب الشاطئ عبر قوارب مطاطية.

بعد ذلك ابحر المركب باتجاه الشواطئ الليبية ومن ثم بدأ بتغيير المسار في المياه الدولية قبالة سواحل مدينة بنغازي الليبية متجهاً صوب السواحل الإيطالية، مشيراً أن حال المهاجرين كان يندى له الجبين حيث الازدحام، والخوف، والقلق، والترقب، والندم.

وبعد مرور إحدى عشرة يوماً من الإبحار وفقدان الأمل، والخوف والترقب، والنجاة أكثر من عشرة مرات من الغرق والموت المحدق، بدأ صاحب القارب بالتواصل عبر أجهزة اتصال لاسلكية مع خفر السواحل الإيطالي، واستطاع الخفر بصعوبة التواصل مع صاحب القارب لعدم فهمهم للغة بعضهم البعض.

يتابع معتز، فيقول :"بعد اكثر من ساعتين وصلت قوارب خفر السواحل وبارجة كبيرة تتبع للناتو في عرض البحر وبدأوا بإجلاء المهاجرين الغير شرعيين صوب مدينة صقلية الإيطالية وتفاجئنا أن السفينة كانت مليئة أكثر مما كنا نتوقع بالمهاجرين".

بعد ذلك تنقل معتز عبر معارف له ومهربين في اوروبا الى عدد من الدول ليستقر في العاصمة السويدية "ستوكهولم" ، مشيراً أنه لا يرغب في تكرار تلك التجربة مرة أخرى، وانه لو قدر له وعاد لتلك الايام لما فكر بالهجرة.

 

الداخلية تقبض على مهربين

وكانت وزارة الداخلية والأمن الوطني أكدت ضبط أجهزتها الأمنية بعض المهربين في قطاع غزة الذين ساعدوا بعض الشباب على الهجرة مقابل مبالغ مادية. 

وقال الناطق باسم الوزارة إياد البزم في بيان وصل "فلسطين اليوم" نسخة عنه مساء الأحد، إن خروج بعض الشباب من غزة هو أمر موجود طيلة الفترات السابقة، حيث يقومون بالسفر للدول الأوروبية بحثا عن ظروف معيشية واقتصادية أفضل. 

واعتبر أن ما يجري من هجرة للشباب غير مرتبط بالعدوان الأخير على غزة، وإن تزامنت ظروف الحرب مع تمكن بعض الشباب من الخروج من القطاع.

وأشار إلى تعرض قارب للمهاجرين للغرق في بحر الاسكندرية يوم السبت 13/9/2014 يضم بعض الفلسطينيين من قطاع غزة أدى لوفاة عدد منهم وإنقاذ آخرين. 

وذكر أن وزارته أجرت اتصالات مع الجهات المختصة لمعرفة تفاصيل ما حدث في غرق القارب ومصير الناجين.