خبر رصاصة سوداء- هآرتس

الساعة 08:04 ص|13 سبتمبر 2014

رصاصة سوداء- هآرتس

بقلم: نير حسون

(المضمون: رصاص جديد من الاسفنج المقوى الاسود أشد واقوى واصلب تستخدمه الشرطة الاسرائيلية يقتل اذا اطلق من مسافة قصيرة وعلى القسم العلوي من الجسد هو الذي تسبب بمقتل الفتى سنقرط في القدس - المصدر).

 

عائلة محمد سنقرط، ابن 16 – الذي توفي يوم الاحد متأثرا بجراحه جراء اصابته في مظاهرة في وادي الجوز في شرقي القدس – تلقت أمس تقرير التشريح الجنائي. ويقضي التقرير الذي اعده الجراح الفلسطيني د. صابر العالول بان سنقرط توفي لكسر في جمجمته ونزيف دم في دماغه، سببته اصابة قوية في الرأس. مثل هذه الاصابة، كما يشرح العالول، ما كان يمكنها ان تحصل جراء السقوط، بل فقط باصابة رصاصة مصنوعة من البلاستيك أو الاسفنج اطلقت من مسافة قريبة، بتقدير الجراح، مسافة أقل من عشرة أمتار. وكان العالول شارك في التشريح الذي

 

اجري في معهد التشريح الجنائي في أبو كبير كممثل عن العائلة. ولم ينشر تقرير الجراح الاسرائيلي الذي أدار التشريح، ولكن محافل مقربة من التحقيق قالت ان الاطباء الاسرائيليين يتفقون أيضا بان الاصابة هي برصاصة اسفنجية وليس جراء السقوط. وذلك استنادا الى حدود الجرح وطبيعة الكسر في الجمجمة.

 

وتدعي عائلة المغدور بان افراد الشرطة أطلقوا عليه رصاصة اسفنجية بينما كان يسير في الشارع، دون أن يكون مشاركا في رشق الحجارة. اما في شرطة القدس فردوا الادعاءات وقالوا ان الفتى اصيب برصاصة اسفنجية في ساقه، سقط واصيب رأسه بدرجة الرصيف – وهذا ما تسبب في موته. كما ادعت الشرطة بان سنقرط كان يشارك في رشق الحجارة على أفراد الشرطة. بالمقابل، تعرض العائلة صورة التقطت بعد دقائق من الاصابة، ظهر فيها سنقرط يستلقي على الارض بينما ينزف الدم من رأسه وفي يده لا يزال الهاتف الخلوي. "كيف يمكن الامساك بالخلوي بيد واحدة ورشق الحجر باليد الاخرى"، قال عمه. ويدعي محامي العائلة منعم ثابت بان التقرير الفلسطيني يؤكد ادعاءات العائلة بالنسبة لملابسات الوفاة.

 

واذا لم يتناقض التقرير الاسرائيلي مع النتائج الفلسطينية فستكون هذه هي المرة الاولى في اسرائيل التي يقتل فيها متظاهر برصاصة اسفنجية. يحتمل أن يعود السبب في ذلك الى أن الشرطة أدخلت مؤخرا الى قيد الاستخدام ذخيرة جديدة – رصاصة اسفنجية بلون اسود، أصلب واقوى من الرصاصة الزرقاء التي تستخدمها الشرطة في السنوات الاخيرة. وحسب شهادات الطواقم الطبية، الصحفيين والنشطاء الفلسطينيين، فان اصابة الرصاص السوداء أشد بل ويمكن، كما يتبين من حالة سنقرط، أن تكون قاتلة.

 

الرصاص الاسفنجي – رصاصات كبيرة ومبطنة تطلق واحدة واحدة من خلال بندقية خاصة – هي سلاح لا يقتل منتشر جدا في المظاهرات في القدس. وقد ادخل الرصاص الاسفنجي الى الاستخدام في الشرطة قبل نحو عقد بعد أن حظر تقرير لجنة اور الذي عني بقتل المتظاهرين العرب في احداث تشرين الاول 2000 استخدام الرصاص المعدني المغطى بالمطاط. والرصاص المطاطي القديم الذي كان قاتلا في بعض الحالات لا يزال قيد الاستخدام في الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية، ولكنه حظر استخدامه داخل اسرائيل تماما. واصبحت سلاسل الرصاص الاسفنجي الجديد المتدلية من صدور الشرطة من رموز المواجهة في شرقي القدس. وهذه رصاصة بقطر 40 ملم مصنوعة من البلاستيك وعلى رأسها قبعة مصنوعة من الاسفنج المقوى الازرق الذي يفترض به

 

أن يقلل شدة الاصابة في جسد الانسان. وجاء في تقرير أصدرته منظمة "بتسيلم" قبل نحو سنتين كتب أن هذا الرصاص المصنوع من الاسفنج المقوى أكثر دقة وأقل خطورة من الرصاص المطاطي. وبالفعل على مدى السنوات الاخيرة، ورغم الاستخدام الواسع نسبيا لهذه الرصاصات في مظاهرات العنف في القدس، وفي المظاهرات في الوسط العربي في الشمال وفي الجنوب لا تذكر اصابة خطيرة كنتيجة لاصابة الرصاص الاسفنجي المقوى. صحيح أنها كانت حالات لاصابة شديدة في العيون، ولكن في الغالب تلخص هذا بضرر شديد وآلام تمر بعد بضعة ايام.

 

غير أن مقاتلي حرس الحدود وافراد الشرطة اشتكوا من أن الرصاصة الزرقاء ليست ناجعة بما فيه الكفاية وبسبب الحظر على استخدام السلاح الحي بقوا مكشوفين في المظاهرات. في قسم كبير من الحالات وصف افراد الشرطة وضعا التقط فيه المتظاهرون الرصاصة والقوا بها عليهم مرة اخرى. ولهذا وبعد عملية فحص، تبنت الشرطة الطراز الاسود، الاصلب والاقوى. ويشرح مصدر في الشرطة بان هذا الطراز منتشر في اجهزة الشرطة في العالم ولا سيما في الولايات المتحدة ويعتبر وسيلة آمنة جدا. ومع أنه مؤلم ورداع أكثر، مثل الرصاصة الزرقاء ولكنه لا يفترض أن يحدث اصابات خطيرة. وهكذا هذه الايام خرج وفد من شرطة اسرائيل الى الولايات المتحدة في سلسلة فحوصات لشراء مخزون آخر من الرصاص الاسفنجي المقوى الاسود، والذي سيحل تماما محل الرصاص الازرق.

 

الرصاصة السوداء أطول قليلا من الزرقاء وأثقل منه بشكل واضح. فحص أجرته "هآرتس" يبين أن وزن الرصاصة السوداء (دون القاعدة المعدنية التي تبقى في آلة اطلاقها) هو 62 غرام، أكثر بقليل من ضعف وزن الرصاصة الزرقاء (30 غرام). والضغط على قبة الاسفنج المقوى تبين أيضا ان الاسود مضغوط أكثر من الازرق. ويقول د. امين ابو غزالة، مدير خدمات الهلال الاحمر في القدس: "انه اثقل بكثير، كل من تعرض لهذا النوع من الرصاص اصيب بجرح مفتوح واذا ما اصاب الرأس من مسافة قصيرة يمكن له أن يتسبب باصابة دماغية".

 

منذ بضعة اشهر والرصاص الاسود معروف في القدس، ولكنه اصبح اكثر انتشارا في الشهرين الاخيرين، في اعمال الاخلال العنيفة بالنظام التي جاءت في اعقاب مقتل الفتى محمد ابو خضير. بعد بضع ساعات من القتل كان بضعة صحفيين على مسافة غير بعيدة من منزل العائلة لتوثيق المواجهات بين شبان الحي والشرطة. احداهم، تالي ماير – مصورة عملت في خدمة موقع "والا" - كانت تقف جانبا وتتحدث مع مصورين آخرين عندما اصابت رصاصة اسفنج مقوى

 

خدها فانهارت على الارض. "سمعت نوعا من الصفير، ففحصت بلساني اذا كانت اسناني لا تزال في مكانها". وبتقديرها وتقدير المصورين اللذين كانا بجانبها كان الشرطي الذي اطلق الرصاصة على مسافة 70 – 100 متر منها. ورغم ذلك فقد عانت من كسرين في اللثة وكذا بجراح عميقة. كل الجهات في شرقي القدس التي تعرف شدة الرصاصة الزرقاء تدعي بانها غير قادرة على احداث اصابة كهذه، وبالتأكيد ليس من مسافة كهذه. وعليه فان التقدير هو أن في هذه الحالة ايضا، فان الرصاصة الاسفنجية التي اصابتها كانت سوداء.

 

أنظمة الشرطة متشددة في كل ما يتعلق باستخدام الرصاص الاسفنجي. ولا يسمح باطلاقها الا من المقاتلين القدامى ذوي التأهيل الخاص اجتازوه لذلك. ويوجد حظر متشدد على اطلاق الرصاص على القسم الاعلى من الجسد. وفي انظمة الشرطة المتعلقة باستخدام هذا الرصاص جاء ان "نشدد ان هذه وسيلة اصابتها في القسم الاعلى قد تكون خطيرة وعليه فيجب الحرص على العمل حسب القواعد والتعليمات المفصلة أدناه". في الحالتين، حالة سنقرط وحالة ماير، وكذا في حالتين اخريين وقعتا في جنازة سنقرط اصيب اناس في الرأس او في الوجه بالرصاص الاسفنجي. وذلك بينما السلاح يعتبر دقيقا جدا واحتمال أن يكون مقاتل مجرد يصيب بالخطأ القسم الاعلى من الجسد هو احتمال ضئيل. مصدر يعرف مجال السلاح غير القاتل يشرح بان ليس في العالم سلاح اصابته في الوجه لا يمكن أن تكون خطيرة.

 

المدى الادنى المسموح به لاطلاق الرصاص هو عشرة أمتار، وهو حسب النظام، ناجع حتى مسافة 70 مترا. وفي النظام الشرطي ورد أن الشرطة المخولين باستخدام هذا الرصاص يجتازون تأهيلا خاصا يتضمن قدرة على الاحساس بالمسافة.

 

لا يوجد لدى عائلة سنقرط شاهد عيان كان يقف الى جانب الفتى عند الاصابة. ولكن بزعم العائلة، واستنادا الى الناس الذين وصلوا الى المكان فان أفراد الشرطة اطلقوا عليه من مدى 10 حتى 20 مترا، ظاهرا، وفقا لنتائج التقرير الجنائي.

 

أول من وصلوا الى سنقرط بعد أن سقط كانوا افراد الشرطة الذين احاطوا به لعدة دقائق ومنعوا السكان من الاقتراب منه. وفي شريط المحادثة الى نجمة داود الحمراء سمع شخص يدعى أحمد يصف التدهور السريع في حالة سنقرط بعد الاصابة: "اصابوه في رأسه، وهو فاقد الوعي"، يقول احمد وبعد ذلك يصف للموظف في المركزية بانه رأسه انتفخ، والدم ينزف منه وقد بدأ يتقيأ. وقد

 

أخلاه من المكان الهلال الاحمر الى مستشفى المقاصد ومن هناك ارسل الى العلاج المتقدم في مستشفى هداسا عين كارم. هناك، بعد اسبوع، تقررت وفاته.

 

أما في شرطة لواء القدس فلم يرغبوا في التعقيب الا بعد تم يتسلموا تقرير التشريح بشكل رسمي.