خبر ما هو اليمين الذي تريدونه اليوم؟ -هآرتس

الساعة 10:29 ص|11 سبتمبر 2014

ما هو اليمين الذي تريدونه اليوم؟ -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: كل الاحزاب في اسرائيل (حتى حزب العمل ويوجد مستقبل) يمينية الاتجاه وليس في اسرائيل سوى رأي واحد هو رأي الأمس الذي يعمى عن الواقع ولا يريد التغيير - المصدر).

 

الديمقراطية الاسرائيلية متنوعة جدا، وهي كما الحال في مطبخ ممتاز تعرض قائمة غنية فيها جواب عن كل ذوق ورد على كل شهوة. فهل تريدون وجبة اليوم يا أنصار اليمين المعتدل؟ إنها بنيامين نتنياهو. وهل تريدون وجبة اليوم المميزة يا أنصار اليمين المتنكر؟ إنها يئير لبيد. وهل تريدون شيئا ذا جذور يمينية ونكهة مضللة؟ إنه تسيبي لفني. وهل تريدون يمينا طازجا من التنور؟ إنه موشيه كحلون. وهل تريدون يمينا قويا رجوليا؟ إنه نفتالي بينيت. وهل تريدون يمينا عنصريا؟ إنه افيغدور ليبرمان. وهل تريدون يمينا غازيا لطيفا؟ إنه بوجي هرتسوغ. وهل تريدون يمينا نزيها مع لمسات نسائية واشتراكية؟ إنه شيلي يحيموفيتش. وهل تريدون يمينا دارت به الارض، ويمينا متدينا ويمينا حريديا ويمينا استيطانيا ويمينا مسيحانيا ويمينا قاسيا ويمينا غير انساني ويمينا مضطربا نفسيا ويمينا متنكرا، ويمينا في ضماد – قولوا فقط. فهناك قائمة اختيار عظيمة بين أنواع من اليمين تبلغ خمسين نوعا كلها ذات لون واحد وحيد.

 

فما هو اليمين الذي تريدونه اليوم؟ لأنه ليس عندنا شيء تقريبا سواه، فلا يوجد سوى صوت واحد تقريبا من حزب العمل الى الاتحاد الوطني للبيت اليهودي. ولا يشذ عن ذلك شيء. وبلغت هذه الظاهرة العجيبة ذروتها بالطبع في فترة الحرب في غزة، لكنها تصدق على سائر الايام ايضا. وماذا عن الفروق؟ أكثرها تضليل. فهل توجد "هاوية" بين حزب العمل والليكود؟ إنها الحروب والمستوطنات تكون مرة على حسب ترتيب ما وتصبح في مرة اخرى على حسب ترتيب عكسي. وقد تقاسما بينهما ايضا مجموعة التسويات السياسية القليلة التي وقعا عليها، وبعضها اتفاقات سلام وبعضها اتفاقات لتأبيد الاحتلال. ويؤيد حزب العمل والحركة ويوجد مستقبل بالطبع امكانات التقاط صور اخرى مع محمود عباس، أما الليكود والاحزاب عن يمينه فتعارض ذلك. وليس هذا ايضا فرقا كبيرا اذا أخذنا في الحسبان ما أنتجته كل تلك المسيرة السياسية.

 

في الحرب الاخيرة مثلا كان رئيس "المعارضة" هرتسوغ شديد القلق في الاساس من منظومة العلاقات بالولايات المتحدة. وهذا هو الذي كان عند رئيس المعارضة ليقوله في ذروة واحدة من أكثر هجمات اسرائيل قسوة ووحشية. وتجول بين منتدى تلفزيوني الى آخر ليتحدث في ذلك، ومثله لبيد ايضا الذي زاد فقط بُعدا يخصه إذ تبجح بقوله "سنصفي" محمد ضيف؛ ولم تقل لفني سوى "لا" لحماس، وصمت سائر رفاقهم وهتف "اليسار – الوسط" للقتل والدمار برغم مقداريهما المخيفين؛ واكتفيا بالدم الذي سُفك أما من هم أكثر تطرفا فأرادوا أكثر. لكن ليست تلك فروقا مبدئية.

 

 

يمكن أن نزعم أن السياسة ذات الرأي الواحد هذه تعبر عن الرأي العام؛ وأن وحدة الشعب وتكتله ظاهرتان ايجابيتان، لكن الامر ليس كذلك لأن هذا التكتل المسبب للاكتئاب يعبر عن شلل التفكير وجمود الفكر. لأنه متى أُثير هنا آخر مرة فكرة صغيرة جديدة؟ فكرة لم يتم التفكير فيها من قبل؟ إن كل شيء يتحول في المنطقة إلا سياسة اسرائيل، فحروبها تدور حول الحفاظ على الوضع القائم.

 

وما الذي تريده، في جوق؟ تريد أن يستمر الاحتلال، وأن يطول الحصار وأن تهدأ الحياة في اسرائيل. ولا يوجد هنا رأي ثانٍ حتى إنه لا يكاد يوجد رأي أول هو رأي الأمس. ويمر بين اكثر الاحزاب في اسرائيل خط واحد فقط هو خط المحافظة والتظاهر بغير الحقيقة. إن حل الدولتين مثلا هو في ظاهر الامر من نصيب الاكثرية ويؤيده اكثر الاحزاب، لكن لا أحد فعل شيئا ليدفعه قدما. بالعكس، فعلت اسرائيل اليمين واسرائيل الوسط – اليسار كل شيء للقضاء عليه. وقد سجل النجاح منذ زمن وتلاشى حل الدولتين. واحتج قليلون وعمل أقل منهم، لكن الشيء الاساسي أن لا أحد اقترح فكرة بديلة حتى حينما كان واضحا كثيرا أن الحل لم يعد ذا صلة بالواقع.

 

إن هذا الجمود سيولد كارثة، وإن هذا الرأي الواحد ينذر بالشر، وليس الحديث فقط عن تيه بل عن إضرار بالديمقراطية ايضا. وما الذي سنحصل عليه بالانتخابات بالضبط، اذا سقطت حكومة نتنياهو التي هي الاكثر يمينية في تاريخ الدولة؟ سنحصل على حكومة اكثر يمينية منها أو

 

ربما تشبهها. واذا كان قد راج ذات مرة قول إن اسرائيليين يملكان ثلاثة آراء فانه لا يكاد يوجد عند ثلاثة اسرائيليين الآن رأي واحد؛ وهو يميني جدا، وما هو اسوأ من ذلك كثيرا أنه رأي الأمس.