خبر ضقنا ذرعا ولم نعد نحتمل -هآرتس

الساعة 10:29 ص|11 سبتمبر 2014

بقلم: آري شبيط

(المضمون: لا يجوز التخلي عن هذه الدولة الواحدة بلا معركة. وواجب الساعة أن يُعاد الاستيلاء عليها ويُعاد تعريفها وأن تُسير في مسارها مرة اخرى - المصدر).

 

هل تريدون الحقيقة؟ لقد ضقنا ذرعا. ضقنا بالقوميين الهُذاة الذين يقودون اسرائيل الى الضياع. وضقنا باليساريين الهُذاة الذين يرجمون اسرائيل بالحجارة. وضقنا بالمؤمنين بما بعد الصهيونية من ذوي القبعات المنسوجة الذين يدفنون الصهيونية في الجبال. وضقنا بمن يؤمنون بما بعد الصهيونية من ذوي النظارات الذين يصفون الصهيونية بأنها سلسلة جرائم. وضقنا بمسيحانيي

ارض اسرائيل الكاملة الذين لا يدركون أنه لن تكون دولة دون تقسيم البلاد. وضقنا بمسيحانيين السلام الكامل الذين لا يفهمون حماس والدولة الاسلامية ولا يعلمون أين يعيشون.

 

وضقنا بعنف اليمين العنصري الذي يسلب الدولة اليهودية الديمقراطية صورتها، وضقنا باستخذاء اليسار الاحمق الذي فقد الشعور بالفخر بالاسرائيلية. وضقنا بمن يعيشون في عالم غير اخلاقي، عالم نحن – نحن – نحن. وضقنا بمن يعيشون في عالم معوج، عالم ضدنا – ضدنا – ضدنا. إن المتطرفين من اليمين ومن اليسار جد صبيانيين وجد انفعاليين. وهم يشبه بعضهم بعضا وبعضهم أهلٌ لبعض وهم يجلبون علينا كارثة بقواهم المشتركة.

 

هل تريدون الحقيقة؟ لم نعد نحتمل. لم نعد نحتمل الخطاب الفظ للقوة وأعمدة الدخان، ولم نعد نحتمل الخطاب الأجوف للمبادرة العربية، والأمل العباسي والسلام في أيامنا. ولم نعد نحتمل الشعارات العفنة، شعارات اذا صمدنا صمودا قويا فقط، كما لم نعد نحتمل الوعود الجوفاء، وعود اذا مددنا أيدينا فقط. ولم نعد نحتمل الرفض العنيد لفهم أن الاحتلال يقتلنا من جهة سياسية واخلاقية وسكانية كما لم نعد نحتمل رفض الاعتراف بأن فلسطين ليست كاليفورنيا، وبأن خالد مشعل ليس مارتن لوثر كينغ. ولم نعد نحتمل اولئك الذين يرون في كل مكان عربا متعطشين للدم ومعادين للسامية يواصلون الكارثة، كما لم نعد نحتمل اولئك الذين يرفضون الاعتراف بأنه توجد فاشية عربية واصولية فلسطينية ويوجد معادون للسامية اوروبيون كارهون لاسرائيل.

 

ولم نعد نحتمل اولئك الذين يظنون أننا وحدنا ضحايا، كما لم نعد نحتمل اولئك المتأكدين من أن الفلسطينيين هم وحدهم ضحايا. ولم نعد نحتمل من لم يعرفوا الى الآن أنك اذا استوليت على كثير فكأنك لم تستولِ على شيء، ولم نعد نحتمل اولئك الذين نسوا أن من لا قوة له في الشرق الاوسط ومن لا يستعمل القوة لا يبقى فيه. إن المتطرفين من اليمين واليسار جد مقطوعين عن الواقع وجد غير واقعيين. وهم يتشابهون وبعضهم أهلٌ لبعض وهم يجلبون علينا كارثة بقوى مشتركة.

 

هل تريدون الحقيقة؟ نقول: الى هنا. فاليمين القومي ما زال يعمل منذ سنين عملا مضادا للقومية مضعفا لدولة الشعب اليهودي ويعرض المشروع الصهيوني للخطر، وما زال اليسار الكوني يعمل منذ سنين عملا غير كوني ويحصر عنايته في توجه محدد الى اتهام اسرائيل (بكل شيء) ومغفرة (كل شيء) للفلسطينيين. إن الحماقة الهوجاء للقطبين تعمي أعيننا عن رؤية مصير جيلنا الذي تحدث عن نصفه موشيه ديان في ناحل عوز حينما قال إنه يجب أن نكون مستعدين ومسلحين

 

وأقوياء وصارمين، لكن ينبغي أن نكون ايضا حكماء ومعتدلين وعلى حق. وإن الشجار الاحمق بين المتطرفين العميان يمنعنا من أن نرى واقعا مركبا لكنه واضح وهو أنه لا يوجد في هذا المكان مستقبل صهيوني ليس ليبراليا، وليس فيه مستقبل ليبرالي ليس صهيونيا.

 

إن لليمين الهاذي اليوم تأييدا أقل من 30 بالمئة، وإن لليسار الهاذي تأييدا أقل من 3 بالمئة. واولئك يتحكمون بالجهاز السياسي، وهؤلاء يسيطرون على أجزاء كبيرة من وسائل الاعلام والجامعات وتقديم التقارير الى لاهاي، لكن لا يفهم الاسرائيلية لا هؤلاء ولا اولئك، ولا يعبرون عن الاسرائيلية، ولا يستوعبون معجزة وجودنا وتميز وجودنا وتحدي وجودنا.

 

حان الوقت ليثور الـ 70 بالمئة من الوسط الاسرائيلي بالمتطرفين من اليمين واليسار ويتحرروا من قبضتهم الخانقة، وحان الوقت لعصيان اسرائيلي واسع غاضب يعيد اسرائيل الى الواقع والاخلاق وسلامة العقل، ولا يجوز التخلي عن هذه الدولة الواحدة بلا معركة. وواجب الساعة أن يُعاد الاستيلاء عليها ويُعاد تعريفها وأن تُسير في مسارها مرة اخرى.