خبر المنافق .. هآرتس

الساعة 12:08 م|09 سبتمبر 2014

        (المضمون: نفاق نتنياهو الذي يُعظم جرائم الطرف الآخر لكنه يعمى عن جرائمه هو نفسه في غزة - المصدر).

        "النفاق: ادعاء شخص أنه ذو قيم اخلاقية سامية مع سلوك يبرهن على عكس ذلك" (معجم اوكسفورد).

        التقى رئيس الوزراء نتنياهو قبل بضعة ايام مع نائبين من مجلس النواب الامريكي. وقال لهما رئيس الوزراء: "نحن نتابع الاحداث في هضبة الجولان، ونرى النصرة وحماس وحزب الله والقاعدة والمنظمات الارهابية الاخرى التي تعتدي على كل قيمة سلوكية دولية...".

        هذا ما قاله الشخص الذي أنهى جيشه منذ زمن قريب قتل نحو من 2100 انسان الاكثرية الغالبة منهم من المدنيين مع العدوان على كل قيم السلوك الدولي.

        وأضاف قائلا: "وأنا اعتقد أن الامم المتحدة ستحسن الى نفسها احسانا ضخما اذا وجهت لجان تحقيقها نحو الارهابيين الذين يدوسون القيم والمعايير التي أُسست عليها الامم المتحدة بدل هجماتهم الآلية على اسرائيل".

        هذا ما قاله الشخص الذي محا سلاح جو جيشه قبل ايام معدودة أحياءا سكنية كاملة مع سكانها احيانا، وداس في الفرصة نفسها غير قليل من القيم والمعايير التي أُسست عليها الامم المتحدة.

        وبعد أن انتهى الحديث ذهب بيبي الى بيته، وفي الغد "صادر" اربعة آلاف دونم اخرى من ارض محتلة كي يبني فيها مستوطنات اخرى ينقل اليها آلافا آخرين من مواطني دولته. ولم يترك بذلك تقريبا قيمة واحدة أو معيارا واحدا أو قانونا دوليا واحدا أو وثيقة واحدة من كل القيم والمعايير والقوانين والوثائق التي أُسست الامم المتحدة عليها، لم يدُسها ويسحقها ويحطمها ويعركها. ويمكن أن نقول في ذلك، بل إننا لنقوله بقدر كبير من الاستيقان أنه يوجد في كل ما قيل آنفا ما يكفي ويزيد لنقول إن بنيامين نتنياهو ثبت بنجاح زائد لكل مطالب التعريف المعجمي لـ "النفاق".

        ونأتي بمثال صغير آخر لاولئك الذين ما زالوا يشكّون في عظم نفاق رئيس الوزراء. في 20 آب، في حدث مصور، عبر السيد نتنياهو عن تزعزعه العميق لقطع رأس صحفي امريكي بسكين قاتل من رجال داعش، وهذا في الحقيقة عمل قبيح.

        وفي 19 آب قبل ذلك القتل المخيف بيوم واحد، أجاز رئيس الوزراء قتل رضيع عمره ثمانية أشهر مع أمه آملا أن يكون الأب معهما فيموت، ونفذ الاغتيال وكان النجاح جزئيا فتم تفجير الرضيع وأمه ولا يُعرف مصير الأب (وليس ذلك فظيعا لأنه سيتزوج مرة اخرى ويُمنح فرصة اخرى).

        إنه عجيب. مر يوم واحد فقط بعد قتل مستريح، فهل كان تزعزع بلغ اعماق النفس بسبب اعدام آخر؟ وهل تنحط كرامة رضيع عن كرامة صحفي بشيء ما؟.

        ربما جاء ذلك الشيء فقط كي يعلمنا فصلا من فصول النفاق؛ لأنه يتبين أنه ليس الفعل هو الذي يحدد الامر احيانا بل الأداة – عندما تقتضي ضرورات النفاق ذلك. هل قتلت بسكين؟ أنت اذا ذروة القتل الحيواني. هل قتلت بصاروخ موجه بالليزر؟ أنت اذا ذروة التقدم الاخلاقي..

        لكن نتنياهو بلغ ذروة قدرته على النفاق بعد الموت الفظيع لدانييل تريغرمان إبن الرابعة، فقد أعلن متجهما أن قتل دانييل "جريمة حرب مضاعفة". ووعد ايضا بأن تدفع حماس عن ذلك ثمنا باهظا، وهي كلمات لاذعة.

        في الخمسين يوما التي سبقت ذلك اليوم المُر، قتل الجيش الاسرائيلي في كل يوم عشرة اولاد، عشرة على الاقل، في كل يوم. وبلغ الحاصل العام اكثر من 500 ولد قتيل أو 500 جريمة حرب مضاعفة كما عرّف بيبي ذلك. فمن يدفع الثمن عن ذلك؟.

        وليست تلك أيها القراء الاعزاء مجرد قطعة نفاق من أفخر نوع. إنها مرشحة مدهشة عظيمة الاحتمال للفوز بلقب ذروة الوقاحة.