تقرير بعد الحرب الصهيونية.. أعراس غزة على إيقاع الأغاني الوطنية

الساعة 11:54 ص|09 سبتمبر 2014

وكالات- الأناضول

في إحدى قاعات الفرح، لم تُصدق "إيمان صالح"، أنها تجلس في حفل زفاف صديقتها، المؤجل بفعل حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، التي دامت لـ51 يوما.

واحتاجت الشابة العشرينية لبضع دقائق، كي تتفاعل مع الأجواء التي بدت مغايرة تماما لطقوس الأعراس، فعشرات الأطفال من حولها، أخذوا يتراقصون على أنغام أغنية وطنيّة لفنان فلسطيني.

وتقول صالح للأناضول إنها فوجئت بأنغام " قولوا الله غزة انتصرت"، للفنان الفلسطيني قاسم النجار، تصدّح في قاعة فرح صديقتها.

وتتابع: "في البداية اعتقدت أنني في مهرجان، لكن سرعان ما تفاعلت مع الحدث، وتوالت الأغاني الوطنيّة، لتكون سمة الفرح".

ووفق صالح، فإن صديقتها لجأت إلى مثل هذه الأغاني الوطنية، بسبب ما خلّفته الحرب الصهيونية الأخيرة على قطاع غزة، من قتل وتدمير وتشريد لآلاف العائلات.

وتابعت: "كان من المقرر أن يكون زفاف صديقتي (نهى)، في مطلع شهر أغسطس/آب الماضي، ولكن العدوان الصهيوني، عطّل كافة مشاريع الحياة بغزة، واليوم لا يمكن لأعراسنا أمام المشاهد الحزينة سوى أن تنطق بلغة (المقاومة) و(الوطنيّة)".

وتسببت الحرب الصهيونية على غزة، التي بدأت في السابع من يوليو/ تموز الماضي واستمرت 51 يوما، بتدمير 9 آلاف منزل بشكل كامل، و8 آلاف منزل بشكل جزئي، وفق إحصائيات أولية لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية، فضلا عن استشهاد 2152 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 11 ألفاً آخرين، بحسب مصادر طبية فلسطينية.

وتوصل الطرفان الفلسطيني والصهيوني، في 26 من أغسطس/ آب الماضي، إلى هدنة طويلة الأمد، برعاية مصرية، تنص على وقف إطلاق النار، وفتح المعابر التجارية مع قطاع غزة، بشكل متزامن، مع مناقشة بقية المسائل الخلافية بعد شهر من الاتفاق.

ولم يكن من خيار أمام العروس "سهى أحمد" سوى أن تستبدل أشرطة الغناء بأخرى لفنانين فلسطينيين، تتناسب مع الأجواء الحالية لقطاع غزة".

وتتابع أحمد: " من الطبيعي أن نغير، من خطط أفراحنا، لا أتخيل نفسي أمام كل هذا الحزن، وما خلفته الحرب أستمع لأغانٍ بطابع رومانسي".

والجميل كما تقول أحمد في الأغاني الوطنية، والتي انتشرت خلال الحرب الصهيونية على قطاع غزة، أنّها تتميز بإيقاع طربي.

وتُضيف: "هي أغان تتحدث عن حب الوطن والمقاومة، والصغار والكبار يتفاعلون معها بشكل كبير، كما أن ألحانها تصلح للأفراح".

ومنذ أيام يُجهز الشاب العشريني أمجد سعد، لحفلة الشباب التي تسبق يوم زفافه، قائمة بأسماء الأغاني الوطنية التي سترافقه في سهرته مع أصدقائه.

ويُضيف: " أصحابي وإخوتي، متحمسون للرقص والدبكة على أنغام أغاني شعبية، وتراثية".

ودفعت أجواء الحرب الصهيونية "سعد" إلى التفكير بتأجيل فرحه، إلا أن أصحابه كما يؤكد اقترحوا أن يكون يوم زفافه "وطنيا".

وفي قطاع غزة، تنتشر عشرات الفرق الغنائية، التي تقوم بإحياء الأفراح بقالب وطني وشعبي.

وعلى أنغام أغنية (هز الأرض بطول وعرض، يا جيش اللون جبينك لون العز، واحمي العرض...وتراب الأرض)، وهي أنشودة بإيقاع لبناني انتشرت خلال الحرب، وتداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مع صور للمقاومة في غزة، أقام الشاب "رأفت يونس" حفل زفافه قبل أيام.

وأضاف يونس للأناضول: "بعد ما حققته، المقاومة من انتصار، إضافة لأجواء الحزن، فمن الطبيعي أن تكون أفراحنا بإيقاع مختلف، وما جعلنا نعشق هذا اللون، مرافقة هذه الأغاني لنا طيلة أيام الحرب".

وخلال الحرب الصهيونية على قطاع غزة، بثت الإذاعات المحلية، والمحطات الفضائية التابعة للفصائل الفلسطينية العشرات من الأغاني الوطنية والثورية، المصحوبة بصور المقاومين، وإنجازاتهم العسكرية ضد الجيش الإسرائيلي.

ويقول الفنان الفلسطيني، قاسم النجار، والمقيم في الضفة الغربية للأناضول، إنّ الأغنية الوطنية، باتت ثقافة حياة بالنسبة للفلسطينيين.

وأضاف: " تطورت الأغاني التراثية، والشعبية، ومؤخرا لعبت دورا هاما في رفع معنويات الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة، الذين تعرضوا لأقسى وأشرس حرب صهيونية".

ومن الطبيعي وفق النجار، أن يفرض الواقع نفسه في الوقت الحالي على طبيعة اختيار الأغاني في أعراس قطاع غزة.

وتابع: " لا يمكن أن نقول أن هذه سمة غالبة في كل أعراس قطاع غزة، وأن جميع حفلات الزفاف تستبدل الأغنية العادية المعروفة، والألوان الرومانسية بالوطنية، ولكن هناك رواج واضح خلال الحرب، وما بعدها لهذا اللون، خاصة مع ما حققته المقاومة من انتصار وحضور لافت".

وأكدّ النجار، أن الفلسطينيين ينشدون لحب الوطن، والأرض، والمقاومة، والأسرى، وهو ما يدفعهم لاستبدال أغاني المطربين في حفلات الزفاف.

وكان النجار قد أصدر عدداً من الأغاني المرتبطة بأحداث سياسية واجتماعية، ومن أحدث الأغنيات "وانتصرت غزة"، والتي أطلقها عقب انتهاء العدوان الصهيوني.

كما وأصدر أغنية حول خطف الجندي الصهيوني "شاؤول آرون" الذي اسرته المقاومة في 20 يوليو/ تموز الماضي.