محدث د.شلح: انتصرت غزة والعدو لم يحقق شيئاً من أهدافه في الحرب

الساعة 08:49 ص|09 سبتمبر 2014

غزة (متابعة)

قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان عبد الله شلح أن غزة انتصرت لأن العدو لم يحقق شيئاً من أهدافه في الحرب العدوانية عليها.

وقال شلح في كلمة ألقاها الثلاثاء في المؤتمر الدولي لعلماء الإسلام لدعم المقاومة الفلسطينية في طهران عبر الأقمار الصناعية، أن "إسرائيل" اليوم تقف على أخطر مفترق طرق في تاريخها وهي غير قادرة على تحقيق الانتصارات أو تحقيق السلام و التسوية، مُؤكداً أن "إسرائيل" لم تكن تتحمل كلفة الحروب بشرياً أكثر من أي وقت مضى.

وأضاف: أننا  ندرك الاختلال الكبير في موازين القوى بيننا وبين العدو، مُؤكداً أن غزة رفعت صوتها وسلاحها وراياتها المظفرة لتذكر الجميع بضرورة توجيه البنادق نحو العدو التاريخي والوحيد للأمة.

وتابع شلح: أن مسؤولية العرب والمسلمين وحتى العالم التاريخية هي المساهمة في إعادة إعمار غزة.


نص كلمة الدكتور عبد الله شلّح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين، سيدنا محمد، وعلى أله وصحبه أجمعين، وعلى سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين، وبعد

السادة العلماء الأفاضل والجمع الكريم..

أحييكم وأحيي مؤتمركم الموقر، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته..

والتحية لكل جماهير شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية، وأخص أهلنا الأبطال الصامدين الصابرين في قطاعنا الحبيب، فهم صناع النصر والمجد، وأصحاب الفضل، بعد الله عز وجل، في هذا الفوز الكبير، والنصر العظيم، في ملحمة غزة التاريخية، التي سطرها شعبنا على مدار واحد وخمسين يوماً، بدماء الشهداء والجرحى، وبطولات المقاومين الشجعان.

نعم، لقد انتصرت غزة، وانتصرت فلسطين، وانتصرت العرب والمسلمون وكل أحرار العالم، في واحدة من المعارك الكبرى في صراعنا مع المشروع الصهيوني. لقد انتصرت غزة، لأن العدو لم يحقق شيئاً من أهدافه في هذه الحرب، سواء تدمير الصواريخ، أو تحقيق الأمن، أو نزع سلاح المقاومة، أو تصفية قياداتها، وفشل فشل ذريعاً على المستوى الاستخباري والأمني والعسكري والسياسي والاستراتيجي والأخلاقي، وكل ما حققه هو إحداث أكبر قدر من الدمار وقتل النساء والأطفال.. لقد صنعت غزة ومقاومتها ميزاناً جديداًً للرعب والردع مع الكيان الصهيوني، فرد العدو بصنع "ميزان للدم" مع غزة، بسفك دماء الأبرياء وقتل أكبر عدد من النساء والأطفال والشيوخ. فهنيئاً لهذا الكيان وحلفائه هذا المستوى من الوحشية والهمجية والدموية.

السادة الكرام..

نحن ندرك الاختلال الكبير في موازين القوة بيننا وبين العدو، لكن دولة تملك ما تملك من جبروت القوة، ولم تستطع هزيمة غزة، هي دولة قابلة للهزيمة النهائية، أمام أي جيش لدولة تملك نصف أو ربع قوتها العسكرية.. إسرائيل لم تعد تتحمل كلفة الحروب بشرياً، أكثر من أي وقت مضى، وما حل بجيشها في المعركة البرية أمام المقاومة بغزة، أعاد إلى الأذهان، ما حل بهم على يد المقاومة الإسلامية في لبنان عام 2000 و 2006 وشكل فضيحة لقوة وسمعة هذا الجيش ووحدات النخبة فيه. للمرة تلو المرة، تكسر المقاومة مقولة "الجيش الذي لا يقهر" في هذا الكيان.

إننا على ثقة، أن هذه الحرب ستحدث نوعاً من كي الوعي، لدى الجمهور الإسرائيلي. وقد رأينا بوادر ذلك في استطلاعات الرأي، التي ذكرت قبل أيام، أن حوالي ثلث سكان الكيان يفكرون بالهجرة والرحيل بعد معركة غزة.. وهذا سيجبر قادة ونخب هذا الكيان الإسرائيلي للدخول في "حساب مع النفس" ومراجعة شاملة تماماً كما حدث بعد حرب تشرين/ أكتوبر 1973 التي قالوا عنها يوماً إنها آخر الحروب. سيدرك كل صهيوني، أن عدم النصر في معركة بهذا المستوى، هو مقدمة للهزيمة. إن إسرائيل اليوم تقف على أخطر مفترق طرق في تاريخها. لا هي قادرة على تحقيق انتصارات في حروبها مع المقاومة، ولا هي قادرة على تحقيق السلام أو التسوية. لقد تعرض المجتمع الإسرائيلي لهزة، ستجعله يفكر مجدداً في المصير، ماذا لو كانت الحرب مع مصر، أو مصر وسوريا، أو سوريا وإيران ولبنان وغزة ؟ ما حدث في غزة بتقدير كل الخبراء شيء كبير وأكبر مما نتصور.

هذا لجهة العدو، أما من جانب شعبنا وأمتنا، فقد أعادت غزة الاعتبار لقضية فلسطين، وأكدت على الثقة بخيار الجهاد والمقاومة وليس المفاوضات، بأنه خيار وطريق التحرير والانتصار. وأعادت الروح والأمل لدى شعوب الأمة، التي تنزف في زمن الفتن والحروب الطاحنة التي تعصف بالمنطقة، ولا رابح منها سوى إسرائيل.. لقد رفعت غزة صوتها، وسلاحها، وراياتها المظفرة، لتذكر الجميع بضرورة تصويب البوصلة، وتوجيه البنادق كل البنادق، نحو العدو التاريخي والوحيد للأمة، الكيان الصهيوني الغاصب للقدس وفلسطين.

ويبقى التحدي الأكبر لنا جميعاً، مسؤوليتنا التاريخية والأخلاقية تجاه شعب غزة، الذي يعاني من كارثة إنسانية بكل معنى الكلمة، إنها مسؤولية إعادة إعمار غزة وإصلاح ما دمرته الحرب الصهيونية المجنونة.. إنها مسؤولية العرب والمسلمين جميعاً، بل مسؤولية العالم كله. لقد قلت سابقاً وأكرر، شعبنا قد يسامح من لم يمد له يد العون بالسلاح، ليدافع عن نفسه في وجه العدوان، لكنه لن يسامح كل من يملك القدرة والإمكانات، ولا يمد له يد العون، لتضميد الجراح، وإعادة بناء ما دمرته الحرب.

إذا لم يحدث هذا، لا سمح الله، وترك الشعب الفلسطيني في العراء بلا مأوى، والشتاء قادم، فهذا يعني أن المسؤولين عن ذلك، يهدون إسرائيل نصراً مجانياً، ويحققون هدفها بإحداث الوقيعة بين الشعب العظيم والمقاومة الباسلة.

السادة الأفاضل.. الجمهور الكريم..

يا من تحتفلون اليوم بانتصار غزة وصمود شعبها ومقاومتها وتضحياتهم العالية.. إن ما يدمي القلب أننا في الوقت الذي لم تجف فيه دماء الشهداء، ولم تلتئم جراحات المصابين والجرحى، نرى ونسمع أصواتاً فلسطينية، وكأنها تريد أن تأخذنا من المعركة مع العدو الصهيوني، إلى معركة داخلية بين الفلسطينيين أنفسهم..

إننا نهيب بكل القيادات الفلسطينية من كل القوى والفصائل، أن  تتحمل مسؤولياتها أمام الله والشعب والأمة والتاريخ، لنرتقي جميعاً إلى مستوى تضحيات وقامات وهامات الشعب الفلسطيني الأصيل. ولنتذكر أن القائد أو المسؤول يولد مرة واحدة، ومرة واحدة يموت.. لكن الشعب يولد كل يوم، ويحيى كل يوم، وينبعث كل يوم.. فيا رفاق السلاح في كل الفصائل.. نصر غزة هو نصر كل الشعب وكل الأمة.. نصر غزة هو نصرنا جميعاً، ومحنتها هي محنتنا جميعاً.. فلا تخذلوا هذا الشعب العظيم، ولا تفجعوه في قياداته، ولتتحد كل الجهود، ولتتشابك كل الأيدي والسواعد، لإعادة بناء ما دمره العدوان الغاشم، وإعادة اللحمة إلى الصف الفلسطيني والبيت الفلسطيني، لنقوى على مواجهة تحديات وأعباء المرحلة، التي قد لا تقوى على حملها الجبال.

في الختام، شكراً لكم جميعاً، وشكراً للجمهورية الإسلامية، قيادة وشعباً، على دعمها وتأييدها ونصرتها لفلسطين والمقاومة بكل السبل، وشكراً لكل جماهير الأمة وكل أحرار العالم، وكل من آزر غزة ومقاومتها بأي شكل من الأشكال.. وإلى مزيد من الانتصارات والملاحم، حياكم الله، وبارك بكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..