خبر مبعوث جنوب أفريقيا إلى غزة يشدد على مقاطعة « إسرائيل »

الساعة 07:55 م|08 سبتمبر 2014

وكالات

 نشر موقع "ميدل إيست مونيتور" (ميمو) مقابلة أجرتها الصحافية إميليا سميث، مع مبعوث رئيس جنوب أفريقيا الخاص لغزة عزيز باهاد، قال فيها إن ما يعانيه الفلسطينيون من تمييز عنصري ممنهج على يد الاحتلال الإسرائيلي أشد مما عانوه هم تحت نظام الأبارثايد البائد. 

وقال باهاد للموقع، إن كل منظمات التحرر التي حاربت نظام الأبارثايد في جنوب أفريقيا صنفت على أنها أذناب للاتحاد السوفييتي، أو أنها منظمات إرهابية. وكان المؤتمر الوطني الأفريقي الذي قاد النضال ضد الأبارتايد محظورا ثم أصبح الحزب الحاكم.

 ولذلك عندما يتعلق الأمر بحماس، فإن الموضوع له حساسية خاصة في جنوب أفريقيا، فهذه المنظمة موجودة على لوائح الإرهاب في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل، عدا أن المملكة المتحدة تضع الجناح العسكري لحماس فقط على قائمة الإرهاب.

وعندما فازت حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006 قامت حكومة جنوب أفريقيا بإصدار بيان تأييد مباشرة.

 ويقول باهاد إن ما فعلته حكومته في وقتها هو عين الصواب "فلا يمكن الحديث عن الديمقراطية في العالم والمساعدة في إقامة الديمقراطية، ولكن عندما تفوز حركة لا تحبها في الانتخابات يكون أول ردة فعل لك هو تصنيفها على أنها إرهابية".

ويضيف موضحا، أنه مما زاد الأمور تعقيدا هو فشل الإعلام على مستوى العالم بما في ذلك في جنوب أفريقيا في توضيح أهداف حماس الحقيقية.

وفي شهر نيسان/ أبريل من هذا العام قامت فتح وحماس بتشكيل حكومة وحدة وطنية، هي الأولى منذ سبع سنوات.

ويقول باهاد إن عدة حكومات بما في ذلك الحكومة الإسرائيلية، كانت معادية للفكرة. ويقول: "نعتقد أن هذا كان ينم عن قصر نظر، فليس ممكنا تحقيق حل سياسي دون الحديث مع حماس، وما دام الفلسطينيون متحدين فبإمكاننا تحريك القارة الأفريقية من خلال الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي، وخاصة من خلال المنظمات المتعددة الأطراف والمستوى الحكومي لتأييد الأهداف الشرعية للشعب الفلسطيني".

مبعوث خاص

ومن منطلق الدعم لفلسطين والقلق بسبب تصاعد وتيرة العنف في المنطقة، قام المؤتمر الوطني الأفريقي بتعيين مبعوث خاص للمنطقة. وأصبح باهاد الذي خدم كنائب لوزير الخارجية ما بين 1994 و2008 مبعوث الرئيس جاكوب زوما الخاص لغزة.

وبناء على تجربة جنوب أفريقيا يقول باهاد، إن مهمته كمبعوث هي أن يقابل القيادات، ويناقش الدور الجنوب أفريقي لتحقيق وقف شامل وحقيقي لإطلاق النار وحل سياسي دائم، وبعدها تقرر جنوب أفريقيا كيف تستطيع أن تساعد شعب غزة.  

وقال: "ليس لدينا عصا سحرية لحل المشكلة، ولكني أعتقد وكجزء من الاتحاد الأفريقي، بأننا نستطيع القيام بمشاركة فعالة كأفارقة وكقارة بشمالها وجنوبها، لحل ما أصبح مشكلة خطيرة في المنطقة كلها".. ففي نظر مبعوث زوما فإن الفشل في حل القضية الفلسطينية يعود إلى عدم لعب القوى الغربية الرئيسية دورا حقيقيا في إيجاد حل، ولذلك فهو يرى أن على أفريقيا المشاركة لتقديم شيء ملموس كحركة أفريقية وكجزء من حركة عدم الانحياز، وكجزء من المجلس العام للأم المتحدة.

وكشخص زار المنطقة مرارا كنائب لوزير الخارجية وكمبعوث خالص وكونه عضوا في المؤتمر الوطني الأفريقي كان منفيا في حقبة الأبارتايد في لندن، فإن باهاد شاهد وحشية النظام العنصري والاحتلال. ويقول "إن وضع الفلسطينيين لا يمكن مقارنته بالوضع في جنوب أفريقيا، فهو بطبيعته أسوأ مما عانينا نحن. نعم صودرت أراضينا عام 1913، وبعدها كان عندنا نظام سيئ، ولكنه لم يتم تطبيقه بشكل منهجي وبمستوى التمييز الذي يمارس اليوم ضد الفلسطينيين".

مع هذا، ومع وجود دعوات من جمعيات المجتمع المدني، فإن المؤتمر الوطني الأفريقي لم يقطع العلاقات مع إسرائيل. ويرى باهاد أنه ليس الوقت المناسب لفعل هذا لأن ذلك سيقلص من نفوذ جنوب أفريقيا في المنطقة "ولن يسمح لنا بالتواصل مع كلا الطرفين، الإسرائيليين والفلسطينيين. ولذلك ومن منظور تكتيكي، أرى أن قطع العلاقات الدبلوماسية ستكون كارثة، حيث سنحتفل جميعا ليوم واحد، وماذا بعد ذلك؟ وقد تم دعوة سفيرنا عدة مرة للتشاور وهذا لم يكن شيئا جديدا".

يذكر أن هناك نقاشا يدور في جنوب أفريقيا هذه الأيام حول محاكمة المواطنين الذين يقاتلون في صفوف الإحتلال الإسرائيلي، حيث كان برلمان جنوب أفريقيا قد صادق على قانون يطالب المواطنين بالحصول على موافقة من السلطات الجنوب أفريقية قبل الانضمام لأي جيش أجنبي. وقال باهاد إن اثنين من جنوب أفريقيا يقاتلان في صفوف الإحتلال الإسرائيلي ووضعا صورا على (تويتر) وسيتم توجيه تهم لهما. وأشار إلى أن ذلك القانون ليس خاصا بإسرائيل بل ستوجه تهم مشابهة لمن ينضم إلى جيوش في العراق وأوروبا أيضا، مشددا على أن "دستورنا وقوانيننا واضحة في هذا الشأن، وآمل أن تقوم الحكومة باتخاذ إجراءات ضد أي شخص يقاتل في صفوف أي جيش أجنبي".

الفشل في حل القضية

ويقول باهاد إنه "مقتنع تماما" بأن التطرف في الشرق الأوسط  ومنطقة الصحراء الإفريقية والساحل "له علاقة بالفشل في إيجاد حل للقضية الفلسطينية".. فـ"داعش" في العراق وسوريا و"بوكو حرام" في نيجيريا و"الشباب" في الصومال، كلها نشأت للتغيير وحل مشاكل عن طريق القوة العسكرية.

وأوضح أن المؤتمر الوطني الأفريقي يعارض سياسة تغيير الأنظمة سواء أكانت تتفق مع الحزب الحاكم أم لا، وذلك لأنها تتسبب في زعزعة الاستقرار في شمال أفريقيا ومنطقة الصحراء والساحل. فمنذ الإطاحة بالقذافي في ليبيا تدفقت الأسلحة على مالي وغيرها من الدول الأفريقية.

ويقول باهاد: "إن لم نتعامل مع الأسباب الجذرية فأعتقد أننا سنشهد امتدادا خطيرا للتطرف في كل قارتنا. والحقيقة أن أوروبا ليست محصنة ضد تفاعلات ما يحصل في قارتنا وفي الشرق الأوسط الآن. ولذلك فإن من مصلحتنا أن نعمل لإيجاد حل طويل الأمد للتطرف". وترى حكومة جنوب أفريقيا أن حل مشكلة التطرف لا يتأتى بأساليب عسكرية.. فبحسب باهاد "يجب أن يكون هناك عودة إلى التفكير الاستراتيجي لكيفية التعامل مع التهديدات للسلم والأمن الدولي. وإن لم نفعل ذلك فنكون نضع ضمادات على المشكلة بدلا من التعامل مع جذور المشكلة".

المقاطعة

وأحد أساليب التغيير السلمي في فلسطين هو مقاطعة البضائع الإسرائيلية، وهي الحملة التي تقف وراءها حركة دولية للمقاطعة من أجل تحقيق العدالة للفلسطينيين. وتعرف جنوب أفريقيا جيدا فعالية هذا السلاح، حيث يعتقد أن المقاطعة العالمية لمنتوجات جنوب أفريقيا خلال حقبة الأبارثايد كان أحد الأسباب الرئيسية في انهيار نظام الأبارثايد.

وبحسب عزيز باهاد، فإن كل الدول الرئيسية ما عدا الدول الإسكندنافية كانت خلال فترة الأبارثايد ضد المؤتمر الوطني الأفريقي والحركات التحررية والوطنية، وفعلت ما بوسعها لضعضعتها مع إبقاء علاقات جيدة مع نظام الأبارثايد. "ولولا الحملات ضد الأبارثايد التي عزلت نظام الأبارثايد تماما -إلى أن أعلنت الأمم المتحدة بأن الأبارثايد جريمة ضد الإنسانية- فلا أظنه كان ممكنا لنا تحقيق الديمقراطية قبل 20 عاما، وكان الأمر ليتطلب منا نضالا دمويا، ولكان تحقيق الديمقراطية تطلب سفك دماء كثيرة وفقدان أرواح كثيرة. ولذلك كانت حركة التضامن ضرورية جدا لضمان سماع الحكومات للشعب".

فلماذا إذن كانت حركة التضامن مع جنوب أفريقيا أقوى من الحملة في فلسطين؟ عن هذا يقول باهاد، إنه كان هناك الكثير من المبعدين الجنوب أفريقيين، وخاصة في لندن التي كنت قلب الحركة التي انتشرت فيما بعد لبقية أوروبا وأمريكا. كما أن الجنوب إفريقيين تمكنوا من الرد على شيطنة النظام لحركات التحرر متهما إياها بأنها أدوات بيد الإمبريالية السوفييتية، ويسيطر عليها الحزب الشيوعي، وذلك بسب حجم الحركة والمقاومة السياسية التي خاضتها خلال السبعينيات، والتي جمعت الاتحادات العمالية والشبابية والقيادات الدينية والحركة الرياضية معا.

قصة فلسطين

"وتبدو رواية القصة الحقيقية للفلسطينيين أكثر صعوبة لأن العديد من الناس في أوروبا لا يزالون يشعرون بالذنب لما حصل خلال الحرب العالمية الثانية ويرفضون تفهم أن انتقاد إسرائيل ليس معاداة للسامية، ولذلك هناك توجه للاستنتاج بأن الفلسطينيين لم يتمكنوا من رواية قصتهم".

ولكن لا يزال بالإمكان إحداث تغيير بمعاونة المجتمع الدولي حيث قال نلسون مانديلا: "حريتنا ليست كاملة دون حرية الفلسطينيين".

ويقول باهاد، إن هذا كان "تصريحا مهما جدا وأعتقد أنه عندما قال مانديلا ذلك فإنه كان يعش الجانب العالمي الذي نشأ عليه معظمنا في الحركة، وهو تعبير انعكس في معظم تصريحاتنا عندما كنا في المنفى"، فلم يكن مانديلا يقول رأيه الخاص عندما قالها بل "كان يعكس وجهة نظر المؤتمر الوطني الأفريقي، وهو ما يتناغم مع ما يطلبه الجنوب أفريقيون الذين يسعون لحل سياسي يتم التفاوض عليه".