خبر فرق النصر- يديعوت

الساعة 10:31 ص|08 سبتمبر 2014

فرق النصر- يديعوت

بقلم: افرايم هليفي

(المضمون: يحسن أن تفكر اسرائيل بخيارات اخرى سوى الحرب والاستعداد للجولة القادمة مع حماس - المصدر).

 

هل انتصرت اسرائيل في عملية الجرف الصامد؟ وهل هُزمت حماس؟ إن تاريخ الصراع بين اسرائيل وأعدائها يدل على أن جوابي هذين السؤالين لا يتعلق بعضهما ببعض. وإنه من المحتمل أن يكون الطرفان انتصرا أو خسرا. وقد نعرف الجواب فقط حينما تنتهي محادثات القاهرة. في الخمسين يوم قتال بين اسرائيل وحماس عرف الطرفان ارتفاعات وانخفاضات. وقد أراد نتنياهو في الاسبوعين الأولين أن يوقف المواجهة العنيفة على أساس مبدأ "الهدوء مقابل الهدوء"، لكن توجهاته لم تُستجب. واستقر رأي المجلس الوزاري الامني المصغر مع ازدياد اطلاق الصواريخ ومحاولة حماس استخدام أنفاق القتال على "الارتفاع درجة" والعمل البري في داخل قطاع غزة وهو اجراء كانت اسرائيل تفضل الامتناع عنه. وبعد أن انتهى القتال اضطرت حماس الى التخلي عن أكثر المطالب التي اشترطتها لوقف اطلاق النار ومنها اقامة ميناء ومطار. وصدق رئيس الوزراء حين قال إن حماس لم تُحرز أي واحد من مطالبها لكن ذلك ليس المعيار الوحيد الذي يُحدد بحسبه من انتصر.

 

في حرب يوم الغفران التي استمرت أقل من نصف مدة الجرف الصامد انتهى اسبوع القتال الاول حينما نجح جيشا مصر وسوريا في التقدم الى سيناء وهضبة الجولان وأوقعا من الجيش الاسرائيلي مئات الخسائر من الأرواح وأسقطا ثلث قوة سلاح الجو – 80 طائرة – ودمرا نحوا من 800 دبابة. وفي نهاية الحرب كان الجيش الاسرائيلي على الضفة الاخرى من قناة السويس على شريان النقل الرئيس عند مدخل القاهرة وكانت دمشق مستهدفة لمدافعنا. إن انتهاء الحرب بنصر واضح لاسرائيل لا يمنع مصر من أن تحتفل كل سنة بنصرها في "حرب اكتوبر". وقد كان نصر الجيش الاسرائيلي حادا ساحقا لكن الحكومة التي قادت الى هذا النصر اضطرت الى الاستقالة بضغط الرأي العام الذي أعطى نتيجة المعركة النهائية تفسيرا آخر.

 

وفي هذه المرة ايضا كما في حرب يوم الغفران مُنح كل طرف امكان أن يعرض الرواية التي يريدها. ولا مُخالف عن أن حماس ضُربت ضربة عسكرية شديدة جدا فقد قتل ألف من مقاتليها وفيهم قادة كبار منها. لكن في نظر الغزي الذي يقعد عند أسفل بيته المدمر تشمل صور المعركة ايضا ما يوصف بأنه فرار مواطني اسرائيل من بيوتهم على طول حدود القطاع، وتوقف جزء مهم من النقل الجوي الدولي في مطار بن غوريون مدة 36 ساعة عقب اصابة قذيفة صاروخية واحدة لـ ييهود. وتخلت اسرائيل مسبقا عن هدف القضاء على حماس باعتبارها جسما مقاتلا برغم أن الحرب دارت في ظروف اقليمية ممتازة وفي وقت كان فيه العالم غارقا في صراعات اخرى.

 

إن قدرة الطرفين على أن يزعما بصدق ما النصر مهدت بعد حرب يوم الغفران طريق القيادتين الاسرائيلية والمصرية لتحريك مسيرة انتهت الى اتفاق سلام. ولا تشبه نتيجة معركة الجرف الصامد نتيجة حرب يوم الغفران، وفشل حماس أكبر من فشل مصر في 1973، أما قدرات اسرائيل في مواجهة حماس فأكبر من قدراتها في مواجهة مصر وسوريا في تلك الحرب.

 

ويوجد سؤال آخر لا يقل أهمية عن سؤال من انتصر: لو أن رئيس الوزراء علم أن المعركة ستدوم خمسين يوما، ولو علم ماذا ستكون نتائجها – السلبية والايجابية – فهل كان يقود مجريات الامور بصورة مختلفة حتى نشوب عملية الجرف الصامد؟ لا يوجد من يقدم جوابا متفقا عليه عن ذلك. لكن من المناسب أن نفكر في ذلك في الوقت الذي نحرك فيه الامور نحو جولة اخرى ستحين في وقت ما في المستقبل مثل رد فعل شَرْطي.

 

يحسن بعد ثلاث جولات بلا حسم أن نفكر في البحث عن خيارات اخرى سوى حصر العناية فقط في الحاجة الى ضمان نتيجة أفضل في المرة القادمة. وهذا هو الفرق بين "العيش على السيف الى الأبد" وكأنه قضاء وقدر وبين اختياره طوعا.