خبر سيبقى محمد بعد روغيل -هآرتس

الساعة 09:40 ص|07 سبتمبر 2014

بقلم: جدعون ليفي

        (المضمون: لن يغادر العرب من مواطني اسرائيل ومن سكان الضفة وقطاع غزة الى أي مكان مهما جهد اليمينيون الاسرائيليون فعليهم أن يعيدوا النظر في خططهم للمستقبل - المصدر).

        لنبدأ بالمبدأ وهو أن العرب سيبقون. سيبقى العرب حتى لو زاد كبار القوميين الاسرائيليين سطوة وهيمنة فأصبح افيغدور ليبرمان رئيس الدولة ورئيس الوزراء معا، وأصبح نفتالي بينيت وزير الدفاع والخارجية، وأصبح ياريف لفين وزير القضاء والتنوير والاخلاق، وأصبح ايتمار بن غبير وزير الداخلية والأمن الداخلي، وأصبحت ميري ريغف وزيرة الثقافة والفنون وأصبح "الظل" وزير الشؤون الاستراتيجية. وسيبقون حتى لو أصبحت اسرائيل أكثر عنصرية ويهودية وسيبقى العرب حتى لو غادر روغيل ألبير (وكثيرون أخيار مثله).

        سيبقى عرب 48 وعرب 67؛ سيبقى عرب اسرائيل والقطاع والضفة وكل عرب المنطقة جميعا. ولن يتحقق الى الأبد الحلم الاسرائيلي اللذيذ وهو أن يُروا يتلاشون على نحو من الأنحاء، فهم لن يغادروا ولن يُطردوا والعرب هنا لأجل البقاء والصمود.

        مع خفوت حلم الدولتين الذي من جملة اسبابه اولئك الاشخاص الاسرائيليون الذين ذُكرت أسماؤهم أعلاه، كان يجب على اسرائيل أن تفكر فيما تفعله بهذه الأنباء؛ وكان يجب على القوميين خاصة الذين يفعلون كل شيء ليعيشوا في دولة واحدة كبيرة مع العرب، ويلا لهم من مُحبين للعرب، كان يجب عليهم أن يكونوا أول من تقلقهم الأنباء العاصفة عن بقائهم. وكان يجب أن يكونوا رأس حربة المناضلين لاجل تحسين العلاقات بالعرب ولمحاولة أن يُقبلوا في المنطقة، المحاولة على الأقل. ويجب عليهم وهم الذين لم يريدوا دولتين وسيحصلون على دولة واحدة بيقين أن يدركوا أن هذه الدولة ستكون مثل يوغسلافيا إن لم تكن مثل الصومال اذا لم يسارعوا الى فعل شيء ما للتقرب على نحو ما من جيرانهم الذين لا يحسبون لهم حسابا لكنهم قريبون جدا. وكان يجب عليهم أن يصبحوا كتيبة حُماة اللغة العربية بالطبع، وأن يصبحوا من مورثي تراث النكبة، بالطبع. وكان يجب عليهم أن يناضلوا بكل طريقة ظلم عرب اسرائيل وسلب الفلسطينيين في المناطق لأنه منذ اللحظة التي يتغلغل فيها الى الوعي الاعتراف بأنهم باقون يجب التفكير في المستقبل المشترك، أليس كذلك؟ ومنذ اللحظة التي يتبين فيها أن الحديث عن بيت مشترك كما تريدون أيها المؤمنون بفكرة ضم الاراضي الأعزاء، فيجب التفكير في العيش معا. هل هذا ما أردتموه، لا؟ سيبقى خمس مواطني الدولة هنا ولن يمكن بعد أن يُحشروا في ركن أضيق مما حُشروا فيه. هل تريدون مليوني فلسطيني أو ثلاثة ملايين فلسطيني من الضفة. فاسلكوا من فضلكم بمقتضى ذلك. هذا ما تريدونه، فقد انتصرتم فامضوا الى ذلك وابدأوا النظر في خطتكم بجد.

        هذه بالطبع أحلام يقظة؛ فما زال القوميون يؤمنون بأنهم اذا استمروا على جعل حياة الفلسطينيين مُرة وعلى التنكيل بمواطني الدولة ورعايا الاحتلال وضربهم وإذلالهم وقتلهم واعتقالهم فقد تحدث معجزة فيغيبون عن أنظارهم، فيموت اللص ويموت الكلب ويكون ترحيل طوعي أو غير طوعي أو تطهير عرقي أو حرب يأجوج ومأجوج أو شيء ما أو معجزة ما، ولكن هذه المعجزة لن تحدث.

        ماذا نفعل اذا أيها اليمينيون الأعزاء؟ وما الذي يخطر ببالكم حينما تقولون إن هذه لنا وتلك أيضا، وإن الخليل لنا الى الأبد وإن الناصرة يهودية؟ هل تريدون فصلا عنصريا؟ لن ينجح. وهل تريدون ترحيلا؟ لن يُقبل. هل تريدون استسلام العرب وموافقتهم المستكينة على البقاء مواطنين من النوع و في اسرائيل ورعايا بلا حقوق في المناطق الى أبد الآبدين؟ لم يحدث مثل ذلك قط في التاريخ. ماذا كان سيحدث لو شذ اليمينيون عن عادتهم ولو مرة واحدة وفكروا في مدى بضع سنوات الى الأمام؟ ما هي الدولة التي يريدونها لأنفسهم، وما هي العلاقات التي يريدونها؟ وما هي خطتهم؟ وما هي استنتاجاتهم؟ لا يجب أن نجادلهم، يجب فقط أن نسألهم ببساطة: ماذا سيكون هنا. سنشتري نظريتكم في حرص شديد ونتبنى بحماسة رؤياكم وسيكون كل شيء لليهود فقط كما تريدون جدا – فماذا سيكون هنا؟ وماذا سيكون مصير العرب؟ لكن الحقيقة هي أن اليمين لا يشغل نفسه بسخافات من هذا النوع، فهو ما زال يؤمن ايمانا عميقا في سريرته بمعجزة التلاشي. لكن ألبير يغادر الآن ومحمد يبقى وسيبقى هنا ايضا بعدنا.