خبر الفلسطينيون حققوا فوزا إستراتيجيًا في غزة ..روبرت فيسك

الساعة 10:25 ص|06 سبتمبر 2014

انتصر الفلسطينيون حيث إنهم لا يزالون موجودين في غزة، وحركة حماس لاتزال هناك. لم يكن نصراً باهراً، لكن هذا هو ما احتفل به فلسطينيو غزة أخيرا. كانت هناك حالة من عدم التصديق في وسائل الإعلام الدولية عندما دوت الألعاب النارية فوق تلك الأرض المدمرة. فماذا كان لديهم ليتباهوا به بعد سقوط أكثر من 2100 شهيد، أغلبيتهم من المدنيين، وإصابة 100 ألف بجروح؟ نهاية عمليات القتل الإسرائيلية؟ إحلال السلام؟

الإجابة على ذلك تكون بالنفي. لكن في الواقع، فازت حماس بانتصار طبعاً، قالت إسرائيل انه ينبغي نزع سلاح حماس، ولم يحدث ذلك. وقالت إنه ينبغي سحقها وتدميرها واجتثاثها، ولم يحدث ذلك. وأعلنت إسرائيل أنه ينبغي تدمير جميع الأنفاق، غير أنه لم يتم تدميرها، ومصادرة كل الصواريخ وذلك لم يحدث. فلماذا سقط بالتالي 65 جنديا إسرائيليا؟ ومن المخابئ تحت الأرض، بالمعنى الحرفي للكلمة، صعدت القيادات السياسية لحماس والجهاد الإسلامي الذين كان إخوتهم يشاركون، ضد رغبة إسرائيل والولايات المتحدة، في محادثات السلام في القاهرة.

حقيقة واقعة

وبشكل لافت للانتباه لم تكن هناك احتفالات في إسرائيل. الحكومة اليمينية المتشددة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالغت مرة أخرى بمطالب النصر، وانتهى بها الأمر بوقف آخر لإطلاق النار، يتسم بقوة وضعف الهدنة المتقلبة المماثلة التي تلت حرب غزة 2009 وحرب غزة 2012. على الصعيد المادي، فاز الإسرائيليون، فكل تلك الأرواح المبددة والمباني المهدمة والبنى التحتية المدمرة لا تشير إلى أن الفلسطينيين قد «انتصروا»، لكنهم على المستوى الاستراتيجي انتصروا، وهم لايزالون موجودين في غزة وحماس لاتزال موجودة هناك، والحكومة الائتلافية للسلطة الفلسطينية وحماس تبدو أنها لاتزال حقيقة واقعة.

قيل مرات عدة إن مؤسسي دولة إسرائيل واجهوا مشكلة، تتمثل بأرض اسمها فلسطين. ولقد تعاملوا مع تلك المشكلة ببرودة وقساوة وضراوة. لكن مشكلتهم الآن تتمثل في الفلسطينيين. قد تكون أرضهم قد استولت عليها إسرائيل، وما تبقى من أراضيهم قد تآكلت بفعل المستعمرات الإسرائيلية، لكن الفلسطينيين البؤساء لن يرحلوا. وقتلهم بأعداد كبيرة، لاسيما أمام كاميرات التلفزيون في العالم، يعد أمراً مفرطاً وغير معقول.

تداعيات أخرى

لكن العالم سوف يتأمل بأشياء أخرى هناك. والمتحدثون باسم حماس على سبيل المثال، كانوا يتحدثون عن دمار إسرائيل والصهيونية. الانتصار الأكبر الذي شهده العالم، بالتأكيد! والأمر الغريب يكمن في أن الولايات المتحدة تستعد لقصف الإسلاميين في سوريا بعد قصفهم في العراق، فيما يفوز الإسلاميون في غزة أخيرا. وهذا الأمر بالتأكيد جدير بالتأمل.

تعلم الدرس

هناك خسائر عسكرية في الحرب الأخيرة في غزة. فقد ارتقى حوالي 500 من مقاتلي حماس، فيما قد يكون ارتقى مئتان في حرب غزة 2008-2009. لكن في تلك الحرب السابقة، لم يقتل إلا ستة جنود إسرائيليين، فيما قتل في هذه العملية ما يصل إلى 10 أضعاف أعداد الجنود الإسرائيليين. بعبارات أخرى، يفترض أن حماس والجهاد الإسلامي تعلمتا كيفية خوض القتال. وامتدت صواريخ غزة عبر ألوف الأميال المربعة في إسرائيل على الرغم من «القبة الحديدية». فيما مضى، كان عليك أن تعيش في سيدروت لتكون في خطر، أما الآن، فتجد رحلتك وقد ألغيت من مطار بن غوريون.