خبر مصاب آخر في الحرب الثالثة على غزة- نظرة عليا

الساعة 08:51 ص|04 سبتمبر 2014

العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحده

بقلم: عوديد عيران

الحروب بين اسرائيل وجيرانها مثلها مثل السلام.ترفع دائما منسوب التوتر بالعلاقات بين اسرائيل والولايات المتحده، الحروب تضع الولايات المتحدة امام المفارقات النابعة من الايمان بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها مقابل عدد الضحايا وبالذات الاطفال والنساء ممن لا علاقه لهم بشكل مباشر بالارهاب.

من وجهة نظر الولايات المتحدة، هناك مكان بل حاجه بانتقاد استخدام القوه ضد اهداف مدنيه. كل عمليات السلام بالسابق كشفت عن خلافات في الرأي بين قيادتي الدولتين بعدة مسائل أساسيه وبالذات بموضوع الأرض. منذ حدد وليام روجرز وزير الدولة عام 1969 جملة(حدود 1967 مع تغيير بسيط وغير مهم) لم تتغير المواقف الامريكية بهذا الموضوع وهناك شك ان تتغير ايضا بالمستقبل. لذا بالامكان الافتراض ان موضوع الارض، والذي يشمل بداخله مسالة المستوطنات والقدس سيبقي جوهر الاحتكاك.

ان سياسة "البيت الابيض" حول العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين في فترة حكم اوباما الاولى وفشل الجهود السياسية بعد 9 اشهر للمبعوث الامريكي كيري بالسنوات 2013 - 2014، قد ساهمت بابراز هذا الشرخ. موظفين امريكيين رفيعي المستوى لم يخفوا انهم يحملون اسرائيل ونتنياهو مسؤولية فشل المفاوضات.

حرب غزة الثالثة اضافت بعدا جديدا للتوتر في العلاقات-بالذات على مستوى القادة. تسريب وثائق، اتهامات شخصيه متبادلة من قبل جون كيري ومن قبل نتنياهو وأيضا تأخير بسيط لموعد إرسال السلاح من الولايات المتحدة لإسرائيل، كل هذا خلق إحدى نقاط التردي الأعمق للعلاقات (حتى إن كانت التقارير الصحفية لم تظهر صورة كاملة لمستوى التنسيق، بما في ذلك بين نتنياهو وكيري أنفسهم) يمكن فهم إعطاء إسرائيل الأولوية لمصر بإدارة المفاوضات حول وقف إطلاق النار بعد عملية الجرف الصامد، كون مصر لديها أدوات تأثير على قيادة حماس. يمكن أيضاً فهم الرضا غير المخفي للقيادة الاسرائيلية من الائتلاف الخفي الذي تبلور بين دول بالمنطقة، ومن ضمنها اسرائيل، حول الخوف من زيادة قوة الحركات الإسلامية الأصولية (أنظر كلام رئيس الحكومة بالمؤتمر الصحفي بتاريخ 27 آب 2014) ولكن سيكون خطأ استراتيجي إذا افترضنا أن هكذا اتحاد يستطيع الصمود لفترة طويلة وبالذات إذا بقي الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني بدون حل.

        حتى وإن كانت الولايات المتحدة موجودة بعملية تقليص تواجد بالشرق الأوسط، لا يوجد لإسرائيل بديل سياسي أمني عن الولايات المتحدة، حقيقة أن الولايات المتحدة تمول معظم المشتريات العسكرية وجزء كبير من تطوير بنى عسكرية مختلفة، هذه الحقيقة هي الأقل أهمية بالعلاقات بين الدولتين. بنية العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة تعطي اسرائيل اطلاع دائم على تطوير وإنتاج السلاح الأكثر تقدما والذي لا يوجد له بديل. من الناحية السياسية لا يمكن اتمام عمليات سياسية سواء كانت ايجابية لإسرائيل أو تلك التي تهدف لمعاقبتها، بدون تدخل الولايات المتحدة. بدون الفيتو الأمريكي لمجلس الأمن التابع للولايات المتحدة، ستكون اسرائيل أمام خطوات صعبة للجالية الدولية وعلى الرغم من الامتعاض الكبير والمبالغ به من اسرائيل حول التنازلات لإيران من قبل من يجري المفاوضات وبضمنهم الولايات المتحدة، فإن الأخيرة ما زالت الكابح الأكثر فعالية لخطة السلاح النووي الإيراني.

        من هنا على اسرائيل الحذر بعدم شد العلاقة مع الحكومة الأمريكية والامتناع عن أية خطوات لا تناسب المصالح الواضحة للولايات المتحدة. ترتيب الوضع السياسي الأمني بين اسرائيل وغزة هو مصلحة من ضمن هذه المصالح. واضح أن مصر هي لاعب مركزي بهذه المسألة لكن مصر لن تستطيع تحمل الأعباء المالية المطلوبة لإعمار غزة ولن تستطيع بقواها الذاتية المساعدة بخلق سلطة جديدة في غزة، تستند بالأساس للسلطة الفلسطينية في رام الله. ترتيب قابل للبقاء في غزة لفترة طويلة يوجب تقدم بعملية سياسية بين اسرائيل والفلسطينيين. وتدخل أمريكي بهذه العملية أمر ضروري. سواء بوظيفة الوسيط المقبول أكثر من الوسطاء الآخرين أو بصفة المانع لمبادرات إقليمية ودولية من شأنها المس بإسرائيل. لمحاولة تنصيب أبو مازن في غزة لا يوجد فرص كبيرة بالنجاح، ولكنه لن ينجح بالتأكيد بدون أن يكون واضحا بالنسبة إليه وللفلسطينيين بشكل عام والغزيين بشكل خاص، ما هي الأفضلية له ولطريقه السياسية مقابل البديل الذي تطرحه حماس. يجب أن تحاول الولايات المتحدة أن تشكل رافعة للوضع الذي تشكل بعد خمسين يوم حرب في غزة مع استغلال تغيرات الحاصلة منذ فشلت المحاولة السابقة في نيسان من هذا العام.

الولايات المتحدة ومعها الشريكين الأساسيين للعملية اسرائيل والسلطة الفلسطينية يجب أن يتعلموا من التجارب السابقة. مارتين انديك الذي أدار طاقم المفاوضات الأمريكي حتى أسابيع قليلة، اقتبس بالآونة الأخيرة ألبرت آينشتاين الذي اعتبر أنه عدم العقلانية العودة مرة أخرى وأخرى لنفس العمل وتوقع نتائج مختلفة. يجب أن نأمل بأن الأطراف جميعها استوعبت ما معنى فشل محاولة التوصل لحل شامل لكافة المشاكل الأساسية للعملية السياسية وليس بالمراحل والخطوات الانتقالية التي تربط بمرحلة لاحقة بحل دولتين لشعبين. نظرية المراحل لحل الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي تمكن دمج غزة بهذا الحل. فلا يوجد فرق جوهري من الناحية القضائية السياسية الأمنية بين ميناء في غزة وبين مطار فلسطيني في الضفة الإثنين سيتمان فقط بالمراحل الأخيرة من رحلة ايجاد حل كامل وقابل للاستمرار للصراع.

        إن من بين المتغيرات الجديدة التي من شأنها أن تساعد على تجديد المفاوضات على هذا الأساس هي سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة بالشق السوري العراقي وخطورة أن يصل الحدود الشرقية لإسرائيل. وجود عنصر معادي لا يمنعه مانع أو كابح مثل داعش وعدم الاستقرار الذي خلقه وسيستمر بخلقه في المستقبل، هذا يلزمنا بالتفكير وإعادة تقييم لمسألة الحدود الشرقية حتى وإن كان الحل بعيد المدى ليس سيادة اسرائيلية. من هذه الناحية واضح أن حل مؤقت ومرحلي سيخلق الليونة المطلوبة من أجل اختيار ومتابعة التقدم لتطبيق حل كامل على أساس دولتين لشعبين على ضوء المتغيرات الحاصلة بالمنطقة.

        رغم التوجه الأمريكي لتقليص التواجد بالشرق الأوسط، أيضا بواشنطن يفهمون أن التغاضي الكامل عن الخطر الوجودي الذي يتسببه داعش لأنظمة معتدلة بالمنطقة هذا الخطر يناقض للمصالح الأمريكية مهما كانت قليلة. استمرار وجود الأمريكيين هو أيضا مصلحة اسرائيلية رغم الاحتكاكات والخلافات حول حرب غزة الثالثة، على اسرائيل أن تفضل أن يكون الدور الطليعي بالعمليات السياسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين للولايات المتحدة.

        قمة اسرائيلية أمريكية على مستوى الرئيس ورئيس الحكومة هي حاجة ماسة، يتم فيها تناول المسائل المركزية، الإقليمية والمهمة ووضع الحلول الممكنة والمنسقة للواقع الجديد بالمنطقة. رئيس حكومة اسرائيل عليه أن يبادر لهكذا قمة التي تساهم بالحفاظ على علاقات سليمة مع الحكومة الأمريكية وتمنع الإنجرار بهذه العلاقات.