خبر وفجأة قام الغوش- هآرتس

الساعة 08:49 ص|04 سبتمبر 2014

بقلم: جدعون ليفي

ينبغي أن نشكر حكومة بنيامين نتنياهو على استقامتها، فقد أقرت هذا الاسبوع بأن المستوطنات عقوبة وأصبح ذلك رسميا ايضا منذ الآن. وينبغي ايضا أن نطلب الى تلك الحكومة أن تأمر بوقف كل التحقيقات الحقيقية والمختلقة في عمليات "شارة الثمن"؛ فقد أصبحت هذا الاسبوع سياسة حكومية معلنة تجعل سائر الانتقامات جميعا قزما. واذا كان الحديث عن "شارة الثمن" فان تأميم نحو من 4 آلاف دونم لخمس قرى فلسطينية ردا على قتل الفتيان الثلاثة وشارة ثمن أثقل (وأكثر جناية) من كل ما يكتب من الشتائم ومن كل المساجد المحروقة والاطارات المثقوبة. وهو ايضا عقاب جماعي سافر يعتبر جريمة حرب بحسب القانون الدولي.

دعوا اذا تحقيق الصغائر ودعوا ايضا صيحات إنكار المصادرات، فانها لن تغير شيئا لأن المعركة حُسمت وانتصر المستوطنون وأصابت المستوطنات أهدافها ومات حل الدولتين، ومن لم يصدق فليسافر الى غوش عصيون.

        ليس واضحا متى وكيف أصبح الغوش شيئا مُجمعا عليه، فقد قام الغوش فجأة وشعر بأنه أصبح اتفاقا قوميا. وأصبح الجميع متفقين على أنه متفق عليه وأصبح الغوش من الأزل الى الأبد. وليس هو الغوش (الكتلة الاستيطانية) الوحيد المتفق عليه فمثله ايضا غور الاردن ومعاليه ادوميم ولا حديث عن اريئيل ايضا. وانظروا في الخريطة لتعلموا كيف أُميتت الدولة الفلسطينية التي كان يُتوهم أنها آتية. وربما يمكن أن يُقام فيما بقي موقع تسلية على هيئة فلسطين مصغرة لا أكثر. إن اربعة آلاف الدونم التي نُهبت، أي ألف دونم عن كل فتى اسرائيلي قُتل، لن تغير الكثير، لكن الحديث عن مساحة أكبر من مساحة جفعتايم البلدية، لكن من يهتم بذلك.

        ماذا يمكن أن نعد أيضا في وقت ستتحول فيه في غضون سنة أو سنتين جفعوت الى جفعتايم، وهي مدينة وأم (يهودية) اخرى في فلسطين المحتلة مع آلاف عائلات المستوطنين الطلائعية والقيمية والصهيونية، ومع مركز "بايس" وبركة سباحة، ومنتديات وجلسات، وكل ذلك على ارض مسروقة. تسميها مغسلة الكلمات "اراضي دولة"، عميقة في حضن الاجماع الدافيء اللذيذ الذي لا تعترف به أية دولة في العالم، ولا يمكن أن يوجد معيار عدل واحد يحتمله.       

        أُنشيء غوش عصيون المُجمع عليه بعد حرب 1967 باعتباره أم كل الاعترافات الاسرائيلية بحق العودة، لا حق العودة الفلسطينية بالطبع بل اليهودية فقط. فقد أُعيدت ارض احتلت في 1948 الى مالكيها بمقتضى القانون وعادت ذرياتهم جموعا الى ارضهم التي سُلبت، فيا له من عدل. صحيح أن مساحة الغوش اليوم سبعة أضعاف مساحته الاصلية، لكن من يهتم بذلك ايضا. فالشيء الأساس أن الأبناء عادوا الى حدودهم وأن حق العودة قد مُنح وبسخاء.

        لا يجوز لـ 650 ألف لاجيء فلسطيني خسروا عالمهم آنذاك، حتى أن يذكروا حقهم في العودة. لكن يجوز لقلة من أبناء الغوش العودة. إن العودة الى عين سوريم وكفار عصيون ومسئوت اسحق حق، أما العودة الى زكاريا والعجور وبيت نطيف المجاورة فكُفر لأنه هكذا هو العدل الاسرائيلي الذي لم يبحث لنفسه حتى عن تنكر في غوش عصيون.

        لكن الغوش لم يصبح مجرد منطقة مشاع فيها الظلم والسلب بل أصبح شيئا مُجمعا عليه. ولماذا؟ هكذا. لأنه هذا ما قاله المستوطنون وهذا ما قضى به الساسة وهذا ما كتب في الصحف وأذيع في التلفاز. ولم يُسأل الاسرائيليون قط لكنهم أصبحوا جميعا يعلمون أن الجميع موافقون لأنه هكذا قيل لهم، حتى إن الفلسطينيين والامريكيين موافقون، كما يقولون في اسرائيل. هل سمع أحدكم بـ إيفيه هناحل، ومعاليه عاموس ومعاليه رحبعام؟ هناك 20 ألف مستوطن و20 قرية دون إفرات المستقلة – وها نحو أولاء عدنا الى ألون شفوت وتشبثنا بتقوع وبات عاين كبؤبؤ عيوننا. فماذا عن الخط الاخضر؟ إنه فكاهة ذات لحية. الآن جاءت عملية مُجازاة حكومة خطبة بار ايلان ومحته من الخريطة محوا نهائيا (وكأن ذلك لم يحدث منذ زمن).

        إن الاسرائيليين الذين يردد أكثرهم قول "دولتين" يقولون في الثرثرة نفسها "كتلنا الاستيطانية". ويختنق الحلق بهذه الكتلة (الغوش) الخبيثة التي لم تُشخص بعد.