خبر رهانات نتنياهو وصورة النصر المفقود

الساعة 03:53 م|29 أغسطس 2014

وكالات

واصلت الصحف الإسرائيلية، اليوم الجمعة، في ملاحقها الأسبوعية خوض حسابات الربح والخسارة في العدوان على غزة وآفاق التحرك الإسرائيلي المستقبلي. وركّزت الملاحق على خطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في ظلّ الأزمة الداخلية التي يعاني منها بعد تراجع شعبيته وازدياد الانتقادات له، ورفض "تقييمه لنتائج العدوان"، ووصفته بـ"محاولات الخروج من الأزمة وإنكار الهزيمة".

وفي السياق، اعتبر المحلل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، شمعون شيفر أنه "ليس واضحاً ما هي صورة النصر التي أرادها نتنياهو من هذا العدوان، وما إذا كانت صورته المشتركة مع وزير الجيش موشيه يعالون، ورئيس الأركان بني غانتس هي الصورة التي يريدها أن تُحفر في مخيلة الإسرائيليين كصورة للنصر".

وتابع "مع أن مستشاري نتنياهو المقرّبين يلجأون اليوم إلى وصف الحرب بأنها حرب صغيرة، لن تخرج منها صورة نصر، والوقت كفيل في تحديد ما إذا كانت الصورة المشتركة لنتنياهو ويعالون وغانتس هي التي سنتذكرها من أيام الجرف الصامد".

وبحسب شيفر فإنه "في حال تشكّلت لجنة تحقيق لإدارة الحرب، سيكون عليها التأكد قبل كل شيء، من كيفية إدراك يعالون وغانتس ونتنياهو منذ مدة أن حماس تعدّ لحرب في يوليو/تموز، وأنها ستكرر نفس أساليبها في عدوان عامود السحاب، ومع ذلك وقعوا في خطأ كبير وهذا هو السبب في فشل سلاح الجو رغم إلقائه آلاف القنابل على غزة، في تقويض حكم وسلطة حماس".
ويشير إلى أن "تفاخر يعالون ونتنياهو بضرب حماس ليس في محلّه ففي نهاية المطاف بقي مع حماس نحو 6000 صاروخ، ناهيك عن أجهزة متطورة لإطلاق الصواريخ في أوقات محددة، وعن ذراع عسكرية ظل غالبية قادتها العسكريين على قيد الحياة، عدا عن الأنفاق التي لا تُحصى ولا أحد يعرف عددها".

وأضاف "في المقابل ظلّت إسرائيل رهينة استراتيجية دفاع سلبية، تعتمد على القبة الحديدية، بعد أن تنازلت عن مبادرات الهجوم التي يُمكن لها، ربما، منع وقوع هجمات شعواء ضدنا".
وإزّاء ادعاءات نتنياهو، بأن "حماس" لم تحصل على شيء يسأل شيفر "ما الذي حصلت عليه إسرائيل أو حققته؟ فالجواب على ذلك بائس للغاية، عشرات القتلى وفرار غالبية سكان الجنوب في غلاف غزة، وإلحاق ضرر كبير بصورة إسرائيل، وإذا أردنا الاستعانة بمصطلحات نتنياهو لن نحصل على شيء، وسيُعاد إعمار غزة بتبرّعات دولية، أما خسائرنا نحن فستعوّض من جيوبنا وعلى حسابنا".

ويلفت شيفر إلى أن "نتنياهو حاول الفرار من هذا الوضع واللجوء إلى مسألة الأفق السياسي، فهل كان حقاً يعتقد أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيسارع إلى أخذ مكان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في قطاع غزة؟". ويعتقد شيفر أن "العادة مع نتنياهو ستغلب في نهاية المطاف، فهو قبل بروفين ريفلين رئيساً لاسرائيل رغماً عنه، وبكارنيت فلوغ محافظة للمصرف المركزي الإسرائيلي رغماً عنه، وعليه فسوف يقبل مضطراً، شاء أم أبى، التفاوض مع مشعل".

ويتابع "مع ذلك سيسعى نتنياهو بعد كل هذا، إلى الهرب من المعادلة التي سيطرحها عليه المجتمع الدولي المتمثلة بالعودة إلى حدود 67 مقابل اعتراف الدول العربية في إسرائيل، وهذا أخطر شيء في هذه المعركة وصورة إنهائها. فنحن ندخل مرحلة من عدم اليقين الخطير للغاية. والسؤال هو ما الذي سيفعله نتنياهو إذا ما عرضت عليه شعبة الاستخبارات العسكرية، أمان، بعد أسبوعين معلومات تفيد بأن حماس استأنفت بناء قوتها وتصنيع الصواريخ وحفر الأنفاق، فهل ستعترف إسرائيل لأنها تفضل الحفاظ على الهدوء وضبط النفس؟".

في المقابل اعتبرت الكاتبة سيما كدمون في "يديعوت أحرونوت"، أن "حملة الجرف الصامد لم تنته ولم تكتمل". ودعت نتنياهو إلى عدم الالتفات إلى انتقادات وزرائه وأعضاء الكنيست، والمضي نحو مبادرة سياسية إقليمية يمكن لها أن تقدم حلاً لإسرائيل لأن عدم ذلك يعني في النهاية أن شيئاً لم يتمّ ولم حدث وأن دورة القتال ستتجدد.

وذكرت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها اليوم أن "إطلاق مبادرة سياسية وفتح أفق سياسي، يقوم بالأساس على الحديث مع دول محور الاعتدال العربي والسلطة الفلسطينية، سيكون المخرج الممكن لنتنياهو وإسرائيل، في الخروج من ورطة العدوان، ومن خطر المطالبة بمحاكمته ومحاكمة المسؤولين الإسرائيليين عن جرائم الحرب".

واعتبرت الصحيفة أن "من شأن هذه المبادرة أن تفتح فعلاً أفقاً سياسياً، يساهم في انقاذ الاقتصاد الإسرائيلي، وفي تحسّن مكانة إسرائيل الدولية والإقليمية، ويجنّبها ونتنياهو، الصراعات الدبلوماسية ومخاطر المحكمة الدولية في لاهاي".

ولم تخف الصحيفة احتمالات أن "يكون حديث نتنياهو عن الأفق السياسي مجرد رهان، ووسيلة للهروب إلى الأمم دون أن يكون جاداً في طروحاته، لكنها اعتبرت أن المعادلة لإخراج إسرائيل مما هي فيه، معروفة للجميع وواضحة: اعتماد وقبول مبادرة السلام العربية كأساس للمفاوضات مع السلطة الفلسطينية بقيادة عباس، وبدعم من دول الاعتدال العربي كالسعودية ومصر والأردن. وسيكون على نتنياهو أن يدفع ثمن هذا كله وهو إطلاق سراح أسرى ما قبل أوسلو وتجميد الاستيطان والتجنّد لإعادة إعمار غزة، وطبعا القبول بحل الدولتين".