خبر أوساط إسرائيلية تشكك في جدوى الاغتيالات: من أبو جهاد والشقاقي حتى رائد العطار…

الساعة 07:10 ص|29 أغسطس 2014

 

منذ بداياته شهد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تحولات وانعطافات كثيرة جدا لكن عقلية الاغتيالات وتصفية القيادات السياسية قبل العسكرية لم تبرح إسرائيل المتمسكة بنظرية «كي وعي الفلسطينيين» بحثا عن صور انتصار وكسر إرادتهم وإخضاعهم بالحديد والنار. وما زالت إسرائيل تكرّس ملايين الدولارات وأحدث التقنيات في مواصلة مسلسل جرائم القتل رغم تشكيك بعض المراقبين الإسرائيليين البارزين بجدوى الاغتيالات وخطورتها من ناحية تعميق الصدع بين الجانبين، وأحيانا بأخلاقيتها لا سيما انها تتسبب دوماً بقتل عدد كبير من المدنيين كما شهد قطاع غزة خلال العدوان الأخير عليها.

في مستهل العدوان الأسبق «عامود السحاب» اغتالت إسرائيل قائد قوات عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أحمد الجعبري سوية مع ابنه الذي رافقه داخل مركبته في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012. في بداية مشواره نشط الجعبري في صفوف حركة فتح وخلال مكوثه بالسجن الإسرائيلي بعد اعتقاله وهو بالثانية والعشرين من عمره درس لغة عدوه. واعتبرت إسرائيل ان الجعبري هو الدماغ المفكر خلف عملية أسر الجندي غلعاد شاليط.

وفي العدوان الراهن سعت إسرائيل للظفر بقيادات فلسطينية في غزة بحثا عن صورة انتصار علها ترفع فيها معنويات الإسرائيليين المحبطين والخائبين من نتيجة العدوان وهذا ما حاولت ان تفعله بعد نجاحها باغتيال ثلاثة من قادة القسام: رائد العطار، محمد أبو شمالة، ومحمد برهوم، بعد فشلها في اغتيال قائدها العام محمد ضيف في 20 أب/ اغسطس الجاري.

محمود المبحوح

غادر محمود المبحوح المسؤول الكبير في حركة حماس، القطاع في 1989 بينما كان الاحتلال يبحث عنه بـ «فتلة وسراج» للانتقام منه لمشاركته في عملية استهدفت بعض جنوده خلال الانتفاضة الأولى التي انطلقت في غزة عام 1987. وقام الموساد باغتياله في دبي في 20 كانون الثاني/ يناير 2010 بعدما أرسل فريقا من 26 عنصرا حملوا جوازات سفر مزورة أوروبية وأستراليا وكندية لقتله وفق تأكيدات الشرطة الإماراتية.

أحمد ياسين

اغتالت إسرائيل الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس بعد صلاة الفجر وهو على عربة المقعدين خارجا من المسجد في غزة في 20 آذار/ مارس 2004 بعدما كانت قد اعتقلته وحكمت عليه بالمؤبد واضطرت للإفراج عنه في عملية تبادل بين عميلين من عملائها الذين حاولوا اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس في عمان في 25 تشربن الاول/ أكتوبر 1997.

عبد العزيز الرنتيسي

لم يمض شهر على تولي الشهيد عبد العزيز الرنتيسي مهمته زعيما لحماس خلفا للشهيد الشيخ أحمد ياسين حتى اغتالته إسرائيل في 17 نيسان/ ابريل 2004 وقبل ذلك بشهور نجا من محاولة اغتيال عندما أطلقت نحوه مروحية أباتشي صاروخا. الرنتيسي الذي اعتقله الاحتلال عدة مرات كان أحد المبعدين لمرج الزهور في لبنان عام 1992سوية مع 400 زملائه المناضلين بأمر من رئيس حكومة الاحتلال اسحق رابين.

صلاح شحادة

وتجلت العقلية الإجرامية التي توجه الاحتلال في عملية اغتيال صلاح شحادة مؤسس كتاب القسام في 22 تموز/ يوليو 2002، بقنبلة زنتها طن ألقتها طائرة إف 16على بيته في حي الدرج المزدحم في مدينة غزة، فدمرتها بالكامل، فاستشهد ومعه 15 فلسطينيا بينهم 9 أطفال معظمهم من أفراد أسرته وأصابت 100 بجروح. حينما سئل قائد سلاح الجو الإسرائيلي وقتها دان حالوتس كيف يشعر حينما تلقي الطائرة قنبلة عملاقة كهذه على حي سكني لم يخجل بالقول متعجرفا: أشعر برجفة في جناح الطائرة.

يحيى عياش

يحيى عياش المكنى بـ «المهندس» طارده الاحتلال سنوات طويلة لاتهامه بالتخطيط لعمليات نوعية وعن صناعة الأحزمة الناسفة. وبحسب مصادر إسرائيلية فقد نجح بالإفلات من ملاحقته بواسطة التكتم الشديد وانتحال شخصيات مختلفة وبالتغرير بالمخابرات الإسرائيلية من خلال التحرك بسيارة ثبتت عليها لاصقة بالعبرية تقول «الشعب مع الجولان» التي وزعها المستوطنون تأكيدا على رفضهم إعادة الهضبة لسوريا. وفي مطلع 1995 انتقل عياش من الضفة لغزة لكن إسرائيل نجحت باغتياله بواسطة خمسين غرام ديناميت ضمنتها في جهاز هاتف محمول أهداه اليه أحد أقاربه من عملاء الاحتلال.

وهناك الكثير من كبار من قيادات حماس السياسية نذكرهم بعضهم بالاسم لطول القائمة.. ابراهيم مقادمة

وإسماعيل ابو شنب ويعيد صيام ونزار الريان وعزالدين الشيخ خليل..

د.فتحي الشقاقي

في عام 1995 وصل مؤسس الجهاد الإسلامي الشهيد فتحي الشقاقي لجزيرة مالطا قادما من العاصمة الليبية طرابلس بهوية مزورة واغتاله عميلان للموساد عندما أطلقا النار عليه من دراجة نارية وهو يسير في الشارع وقد فر العميلان بواسطة البحرية الإسرائيلية.

قادة فتح

وقبل ذلك بكثير وفي 1973 قاد إيهود باراك، رئيس حكومة اسرائيل لاحقا، عملية اغتيال ثلاثة من كبار قادة حركة فتح وهم كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار داخل منازلهم في بيروت وأمام أطفالهم وزوجاتهم.

وبعد ذلك بكثير امتدت يد الإجرام والاغتيال الإسرائيلية إلى نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية خليل الوزير (أبو جهاد) داخل منزله في تونس في نيسان 1988 بواسطة عملية كوماندوز كبيرة اعترفت بها إسرائيل فقط في 2012 . وقاد عملية اغتيال الوزير أمام زوجته وطفلته وزير الحرب الحالي موشيه يعلون الذي كتب نظرية «كي وعي الفلسطينيين» بالقوة تكملة لنظرية «الستار الحديدي» لأحد قادة الصهيونية من قبل النكبة زئيف جبوتينسكي.

على هامش مشاركتها في تشييع جثمان الشاعر الفلسطيني سميح القاسم في الجليل قبل أسبوعين اعتبرت انتصار الوزير (أم جهاد) زوجة ابو جهاد لـ «القدس العربي» سياسة اغتيال إسرائيل للقيادات الفلسطينية جريمة حرب، مؤكدة انها رؤية خاطئة ونظرية فاشلة لان الأم الفلسطينية أكبر من إسرائيل وتستطيع ان تنجب الأطفال مناضلي الغد الذين لن يفرّطوا بالحق الفلسطيني وان نظرية «كيّ الوعي» الإسرائيلية ستعود كيدا مرتدا على واضعيها.

وهذا ما تقر به أوساط إسرائيلية من سنوات عادت لتشكك بجدوى عمليات اغتيال القيادات الفلسطينية وبأهميتها الإستراتيجية ومن أبرزها قائد البحرية وقائد الشاباك سابقا الجنرال بالاحتياط عامي أيلون. منذ سنوات ينشط أيلون من أجل تسوية الصراع بطرق سياسية موضحا في محاضراته وكتاباته ان الاغتيالات لا تحقق سوى «فشة خلق» وتعود بالمضرة على إسرائيل. وينوه إلى ان إسرائيل قتلت عباس موسوي ظنا منها ان ذلك سيضعف حزب الله ليحدث العكس بخلافته من قبل حسن نصر الله أمينا عاما لحزب الله.

وعن اغتيال أبي جهاد قال أيلون للقناة العاشرة قبل أيام ان إسرائيل ارتكبت خطأ إستراتيجيا لان الوزير كان الوحيد القادر على مواصلة طريق التسوية بعد رحيل عرفات والقادر على توقيع إتفاق معها.

وهذا ما أكدته صحيفة «هآرتس» في افتتاحيتها قبل أيام مشددة على ان الاغتيالات ليست سياسة وانها تعود بالضرر على إسرائيل مشيرة إلى ان قتل قادة حماس لم تؤد لتليين مواقفها وترويضها، بل بالعكس دفعت للواجهة محمد ضيف، معتبرة رفع الحصار عن غزة مصلحة إسرائيلية أيضا لا سيما عندما يندرج في نطاق تسوية شاملة.