خبر إسرائيل ما بعد العدوان: جدار نتنياهو يتداعى

الساعة 12:23 م|27 أغسطس 2014

القدس المحتلة

يلتزم رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الصمت، منذ ظهر أمس الثلاثاء، بالرغم من إقراره اتفاق وقف إطلاق النار، من دون عرض الاتفاق على الحكومة الإسرائيلية المصغّرة "الكابينيت"، في الوقت الذي يواصل فيه معارضوه داخل الحكومة انتقاد نتائج العدوان، إلى درجة إعلان وزير السياحة، عوزي لانداو، صباح اليوم الأربعاء، أن "إسرائيل فقدت قوة ردعها، وأن الإرهاب خرج منتصراً".

لكن أكثر ما يصف الحالة الإسرائيلية، خلاف مظاهر الفرح في قطاع غزة، هو دعوة رئيس المجلس الإقليمي سكان مستوطنات الجنوب في إسرائيل "أشكول"، وهي المستوطنات "اليسارية" التوجّه، إلى عدم العودة إلى بيوتهم.

وأعلن حاييم يالين، أنه "ليس مستعداً لأن يجازف بحياة سكان المستوطنات". ودعا الجميع إلى الانتظار خارج بلداتهم، في وسط إسرائيل والشمال، أياماً أخرى قبل العودة. وكشف عن انعدام ثقة جمهور سكان المستوطنات الجنوبية في الحكومة، التي دعاها إلى عقد اجتماعاتها في قلب المستوطنات الحدودية، تحت القصف، وليس في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب أو في القدس المحتلّة، "قبل أن تدعو السكان إلى التحلّي بالصبر وطول النفس"، حسب قوله.

وفي موازاة موقف سكان المستوطنات، تفاوتت تحليلات غالبية محللي الشؤون السياسية والعسكرية والحزبية، في إسرائيل، في شأن الاتفاق. فقد رأى عاموس هرئيل، في صحيفة "هآرتس"، أن ما حصل هو "تعادل في أحسن الأحوال"، بعكس ما اعتبره زميله في الصحيفة، أمير أورن، الذي أقرّ بـ"هزيمة إسرائيل". وأشار الكاتب ناحوم برنيع، في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن "ما حصل هو قليل جداً ومتأخر جداً، ويُثبت أن حكومة إسرائيل، صاحبة الجيش الأقوى في المنطقة، لم تتمكن من إخضاع منظمة إرهاب محلية".

في المقابل، رأى زميله المحلل العسكري في الصحيفة، أليكس فيشمان، أن "الشرق الأوسط لم يشهد حرباً زائدة لا لزوم لها، منذ فترة طويلة، كما كان في حرب الجرف الصامد". وفي حسابات موازين الربح والخسارة، سعى بعض المعلقين في دولة الاحتلال، إلى التشبث بحقيقة "توجيه ضربات قوية لحركة حماس"، لكن غالبية المحللين أجمعوا على "سوء إدارة الحرب"، وعجز إسرائيل عن حسم المعركة عسكرياً.

وإذا كان لانداو قد أكد في مقابلة لإذاعة إسرائيل، أن "قوة الردع الإسرائيلية قد تحطمت، وأن الجيش لم يحقق الأهداف التي أُعلن عنها في مطلع العدوان"، فقد عاد فيشمان ليشير إلى أن "حكومة إسرائيل حدّدت للمستوى العسكري أهدافاً سياسية وعسكرية في هذه الحرب، لم يتحقق 50 في المئة منها، وأهمها محاولة الحفاظ على الانقسام الفلسطيني، والفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية".

وفي الحسابات الداخلية الإسرائيلية، رأى يوسي فيرتير، في "هآرتس"، أن "نتنياهو، الذي عمل عشرات السنوات على بناء صورته، باعتباره الأول في مواجهة الارهاب وقتاله، وعدم الرضوخ له، سيكون مضطراً اليوم إلى بذل جهود كبيرة لإعادة بنائها، بعدما تحطمت". وفي السياق، لفت برنيع إلى أن "سكان إسرائيل، اكتشفوا أنه لا يوجد لديهم رئيس حكومة، فما حصلنا عليه في القاهرة هو نسخة ثانية مكررة من عامود السحاب". ويتابع برنيع أن "الأسوأ هو ما أظهرت الحرب من أنه لا يوجد قائد لإسرائيل". وكشف أن "المواجهة ضد حماس كانت التحدّي العسكري الأول لنتنياهو على امتداد حكمه، ولم يكن القائد السياسي الذي توقعه الإسرائيليون، وبدلاً من الحصول على زعيم وسياسي يعرف ماذا يريد، ويتخذ القرارات، ويجري الحوار الصادق والحقيقي مع جمهوره، حصلوا على ناطق محنك، لا أكثر".

وأضاف برنيع: "صحيح أن التوتر والاحتكاك رافقا المواجهات العسكرية كافة التي خاضتها إسرائيل، لكن ما برز هذه المرة، هو كسر قواعد اللعبة، وفقد وزراء في الكابينيت ما تبقى لهم من ثقة في نتنياهو. وفقد رئيس الحكومة ما كان لديه من استعداد لمشاركتهم بما يحدث وبما يجول في خاطره، حتى أن الوزراء عرفوا بالاتفاق عبر وسائل الإعلام. إنها نهاية مذلة لعملية معينة".

وتدلّ تحليلات وتعليقات الصحافة الإسرائيلية، على عمق البلبلة في الجانب الإسرائيلي، خصوصاً في ظل انكسار الثقة بين الحكومة الإسرائيلية من جهة، وسكان الجنوب، بل حتى في وسط إسرائيل، في كل ما يتعلق بأداء الحكومة خلال العدوان.

ومن المتوقع أن تسفر تداعيات العدوان، مع بدء تفاقم الأوضاع الاقتصادية، إلى التسريع في نشوب أزمة داخلية في الائتلاف الحكومي، في ظلّ سعي وزراء "البيت اليهودي"، بقيادة نفتالي بينيت، و"إسرائيل بيتنا"، بقيادة أفيغدور ليبرمان، الى تخليص أنفسهم من مسؤولية فشل العدوان، وإعداد العدة لتحميل نتنياهو المسؤولية الكاملة، تحديداً في طريقة اتخاذه قرار وقف إطلاق النار من دون عرض الاتفاق للتصويت على "الكابينيت"، والاكتفاء برأي المستشار القضائي للحكومة، بأنه "سبق للكابينيت أن فوّض نتنياهو، ووزير الدفاع، موشيه يعالون، صلاحية اتخاذ القرار".