خبر الجميع ينتظرون مشعل - هآرتس

الساعة 08:26 ص|26 أغسطس 2014

ترجمة

الجميع ينتظرون مشعل - هآرتس

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: أصبحت مكانة مشعل في قطاع غزة بسبب الاغتيالات خاصة أقوى من مكانة سائر القادة في غزة، هذا الى أنه يملك ميزة اخرى بسبب قربه من الاموال التي تعد بها قطر - المصدر).

إن الحاجة الى الحصول على موافقة رئيس المكتب السياسي لحماس بقيت كما يبدو هي العقبة الاخيرة في الطريق الى اعلان هدنة اخرى بين اسرائيل والمنظمات الفلسطينية في قطاع غزة. ويبدو أننا شاهدنا هذا الفيلم مرارا كثيرة في الشهر والنصف الاخيرين، فهناك أنباء ليلية متفائلة عن موافقة تلوح تباشيرها ومعها حملة ضغوط ضخمة على خالد مشعل على أمل أن يضم موافقته على ذلك. وتشارك الآن في محاولات اقناع مشعل الولايات المتحدة ومصر اللتان تستعملان تأثيرهما في مضيفته قطر، وفي إثرهما ايضا السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية التي هي أصغر.

وُصف لقاء مشعل ورئيس السلطة محمود عباس في الدوحة في نهاية الاسبوع الماضي بأنه كان متوترا وصعبا جدا. إن عباس المعني بتخليص سكان غزة من ازمتهم وباعادة السلطة الى بعض ما كان لها من منزلة في القطاع مع ذلك، خائب الأمل بسبب العناد الذي يظهره زعيم حماس. وعلى حسب المعلومات الاستخبارية الاسرائيلية يسود غزة يأس عميق، وتُثار على مشعل مع تقدير متشائم يرى أنه سيُحتاج الى عشر سنوات على الأقل لاصلاح الاضرار، تُثار عليه دعاوى تقول إن رفضه أن يوافق على هدنة طويلة في الاسبوع الماضي أفضى الى موجة الاغتيالات الاسرائيلية لكبار قادة الذراع العسكرية. وقد خلفت هذه الاغتيالات فراغا ما في قيادة الذراع التي يبدو أنه يصعب عليها شيئا ما أن تؤدي عملها وأن تتصل بالاقسام الاخرى من حماس.

تتخذ القرارات في حماس بحسب تراث طويل باعتبارها جزءا من مسار تفكير وبت جماعي بمقتضى "الشورى". واصبحت منزلة مشعل الآن بسبب الاغتيالات خصوصا أقوى اذا قيست بالقطبين الآخرين وهما القيادة العسكرية والقيادة السياسية للمنظمة في القطاع نفسه. ويبدو أن له ميزة اخرى وهي قربه من صنبور المال التي تعد قطر بفتحه لتعمير القطاع.

تتحدث الصيغة الجديدة التي اقترحتها مصر، والتي يتم التباحث فيها في الايام الاخيرة، عن اعلان هدنة لزمن غير محدود، ويفترض بعدها فورا أن تدخل حيز التنفيذ اتفاقات تكون نسخة من التسوية التي صيغت بعد عملية عمود السحاب في تشرين الثاني 2012: فتح محدود لمعبر رفح الى مصر، وتسهيلات في المعابر بين القطاع واسرائيل، وتوسيع ملحوظ لامكانات صيد السمك قبالة ساحل غزة. وأبلغت اسرائيل حماس بواسطة مصر أنها لن توافق على اجراء تفاوض آخر في القاهرة ما لم توجد هدنة مطلقة.

وبعد دخول الهدنة حيز التنفيذ بشهر يتوقع تباحث آخر في القضايا الاخرى المطروحة واحدى المركزيات فيها مسألة انشاء ميناء، وما زالت حماس تصر على هذا الطلب في حين ما زالت اسرائيل ترفضه. وفي مقابل ذلك يتوقع أن يتبخر الطلب المعلن لرئيس الوزراء نتنياهو أن يتم تجريد القطاع من السلاح. ويبدو الآن أن اسرائيل ستكتفي آخر الامر بتفاهمات مع مصر تتعلق باستمرار اغلاق الانفاق في رفح على نحو يجعل من الصعب على حماس أن تهرب قذائف صاروخية جديدة الى القطاع أو أن تحصل على وسائل لتجديد الانتاج المحلي. واذا كان بعض الوزراء في اسرائيل تخيل تسوية تخرج بمقتضاها شاحنة محملة بالقذائف الصاروخية مقابل كل شاحنة اسمنت تدخل القطاع فلا يتوقع أن يتحقق ذلك في الجولة الحالية.

وعلى خلفية خيبة الأمل المتوقعة من التسوية التي تصاغ (اذا أحرزت) ومن الصورة التي استطاعت بها حماس أن تضغط على نقاط ضعف الدولة واقتصادها طوال الحرب، أخذت المعركة السياسية تزداد سخونة وستُسل السكاكين بعد قليل استعدادا لليوم الذي يلي الهدنة. إن أكثر النقد موجه الى نتنياهو لكن تقوى الى جانب العاصفة السياسية المتوقعة ادعاءات وزراء واعضاء كنيست من اليمين في الاساس على أداء الجيش الاسرائيلي في القتال يتعلق الادعاء الرئيس الذي كان يطفو بين آن وآخر مدة شهر تقريبا بعدم استعداد هيئة القيادة العامة بالتوصية بعملية برية كاسحة لهزم حماس، ويترجم ذلك بحسب ما يقول المتحدث الى اتهامات بعدم الابداع وعدم التسامي بل بالاستكانة.

لكن القيادة السياسية والعسكرية في التباحث بين الحسم العسكري والاستنزاف اختارتا الامكان الثاني، وما زال التفكير الغالب هناك يرى أن اسرائيل برغم كلفة الاستنزاف قادرة على أن تصمد لذلك أفضل من حماس وأن حماس برغم الاضرار بالاقتصاد لا تنجح في الحقيقة في اصابة الدولة بالشلل شمالي خط أسدود، وهذا عزاء قليل فحسب لكن اطلاق النار لا يصيب مواقع البنية التحتية الاستراتيجية، فما زال مطار بن غوريون يعمل كالعادة، وتجري الحياة في مركز البلاد وشمالها كالمعتاد تقريبا.

توجد نقطة الضعف في هذه النظرية بالطبع في الشلل المطلق للحياة في بلدات غلاف غزة، فهناك تكفي رشقات فتاكة من أسهل سلاح تملكه حماس وهو قذائف الهاون لابعاد أكثر من نصف سكان الكيبوتس عن ديارهم الآن، ولا يستطيع أحد هناك أن يرى كيف سيبدأون السنة الدراسية بعد أقل من اسبوع. ووجه في الايام الاخيرة نقد في وسائل الاعلام الى اجلاء النساء والاولاد عن الكيبوتسات باعتباره خطوة هجرة بل استسلام، لكن اسرائيل فعلت ذلك مدد قصيرة في بلدات الجليل ايضا في مواجهات عسكرية مع م.ت.ف ومع حزب الله بعدها في لبنان منذ ثمانينيات القرن الماضي فما تلاها. ويبدو الاجلاء الجزئي عملا معقولا في هذه الظروف بشرط ألا تطيله الدولة كثيرا وأن تهتم بامداد السكان بوسائل لوجستية واقتصادية مناسبة.

ويوجد خطر آخر في احتمال أنه يصعب على اسرائيل مرة اخرى أن تفهم سر حماس. فحتى لو كانت كل الفصائل الفلسطينية بل كل الاعضاء الآخرين في قيادة حماس يؤيدون هدنة طويلة فليس من المؤكد أن يقتنع مشعل، ويجب أن نعود الى خطبة مشعل في بداية المعركة التي رسم فيها اهدافا طموحة للحرب كان يمكن أن نصفها لا بأنها محاولة فقط لاختراق الحصار الاسرائيلي – المصري للقطاع بالقوة بل حتى أنها حرب استقلال حماس وغزة. فقد حدد هناك سقف عال سيصعب على مشعل أن يتنازل عنه برغم الثمن الذي دفعته حماس منذ ذلك الحين (وربما بسببه، بقدر ما).