تقرير الاحتلال يبحث عن « الضربة القاضية »

الساعة 11:14 ص|24 أغسطس 2014

نضال وتد

يتخبط الاحتلال في فشله في حسم عدوانه وكسر المقاومة الفلسطينية. وتُترجم تداعيات هذا الفشل بتصاعد الاحتجاجات ضدّ الحكومة الإسرائيلية، والتي بلغت حدّ اتهام وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه ياعلون، أمس، بالهروب من الميدان، خوفاً على حياته، في مقابل مطالبته السكان، في المستوطنات الجنوبية، بالعضّ على شفاههم والصمود.

ووصف أحد سكان "كيبوتس" ناحل عوز، ينون بن دافيد، تصريحات ياعلون هذه بالوقحة، مطالباً الحكومة بالسماح لسكان المستوطنات الجنوبية بالفرار والنزوح، لأنه "إذا كان يحق لياعلون، ورئيس الأركان، ومعهما سيارات مصفحة، الهروب، فلماذا لا يتاح ذلك للسكان؟".

وتعبّر هذه الاتهامات عن الأزمة بين سكان مناطق غلاف غزّة وبين الحكومة الإسرائيلية، خصوصاً إثر تجدد القصف على تلك المناطق، بعدما عاد سكانها إليها قبل أسبوع، نزولاً عند تعليمات الجيش وقيادة الجبهة الداخلية، ليخيب أملهم ويفرّوا من جديد إلى وسط فلسطين المحتلة وشمالها.

وترافقت هذه الحالة مع انتقادات شديدة لأداء الحكومة الإسرائيلية في العدوان، خصوصاً بعدما اعترف وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أمس، بأن الحكومة الإسرائيلية لم تحدد أهدافاً لهذا العدوان، وهو قولٌ ينسجم مع تصريحات وتعليقات عدد من المعلقين الإسرائيليين، كان أبرزها ناحوم برنيع، الذي أكّد أنّ العدوان هو الأطول في تاريخ الاحتلال، وأن إسرائيل نفذت 5000 غارة وقصف جوي على قطاع غزة خلال 45 يوماً من العدوان، "وهو رقم يستحق ذكره في سياق حرب عالمية، وليس في سياق حملة على منظمة إرهابية محلية"، على حدّ تعبيره.

وفي السياق نفسه، اعتبر المحلل العسكري في "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أنّ إسرائيل بعد 48 يوماً من العدوان، بدأت تبحث عن ضربة قاضية لحسم المعركة، غير أنّه أشار إلى أنه "ما كان يجب انتظار مقتل طفل بقذيفة صاروخية كي يبدأ الجيش بشنّ حرب على القذائف قصيرة المدى، التي لا يمكن توفير إنذار مسبق يسمح بالاختباء منها".

وكشف فيشمان عن أن 20 جندياً إسرائيلياً، من أصل 60، قتلوا لغاية الآن بنيران هذه القذائف، التي باتت تشكل نقطة الضعف الرئيسية في حماية مستوطنات غلاف غزة.

من جهته، اعتبر يوسي يهوشواع في "يديعوت أحرونوت"، أنّ مجريات العدوان تبيّن بشكل لا لبس فيه أن الحكومة والجيش الإسرائيلي فقدا الجرأة والشجاعة في شنّ حرب برّية، ولو كانت محدودة، ووصل الأمر، حسب تعبير يهوشواع، إلى انقلاب الصورة، إذ بات المدنيون هم من يقف في صف المواجهة، بينما ينتظم الجيش في الخط الثاني خلف المدنيين.

ورأى يهوشواع أن حركة المقاومة الفلسطينية، "حماس"، تمكّنت عملياً من إجبار سكان منطقة كاملة وواسعة في فلسطين المحتلة على النزوح، بينما يقف جيش الاحتلال "القوي" متفرجاً، ولا يوجد أي رمز أو مؤشر أكبر من ذلك لوصف قيام "منظمة إرهابية" بأسر نصف سكان الدولة، من حقيقة عدم قدرة وزير الأمن على التجول بحرية في مختلف أنحاء البلاد. وأشار إلى أنّ "ياعلون لم يكتف بإلغاء زيارته لكيبوتس ناحل عوز، الذي قتل فيه طفل جراء قذيفة صاروخية، بل اقترح على السكان تقديم المساعدة لهم بالنزوح عن المكان".

وقال المحلل الإسرائيلي إن ياعلون ورئيس أركان الجيش كانا ألقيا بكل ثقلهما وأمانيهما على الاستخبارات، وعلى القصف الجوي، وعليه تم تحويل الميزانيات لهذه الغاية، فيما بقيت القوات البرية خارج الصورة. وخلص إلى أن "الكلمة الثانية في المسمى الرسمي للجيش هي (الدفاع)، ولكن الجيش، الذي يفترض فيه الدفاع عن مواطني الدولة، ليس قادراً على تنفيذ هذه المهمة، بدليل نزوح سكان المستوطنات في منطقة غلاف غزة وبقائها خالية من السكان".

 ولم يفت يهوشواع أن يشير إلى مسؤولية ياعلون عن هذا الفشل، غير أنّه أضاف أنّ من يدفع الثمن "ليسوا سكان الجنوب فقط، وإنما أيضاً سكان الشمال، فحزب الله يراقب ويتابع حالة التردد الإسرائيلية، وقد تلقينا أمس تذكيراً بذلك على هيئة صاروخ أطلق من لبنان؛ فالخطر الرئيسي الذي يهدد إسرائيل، لمن نسي ذلك، يكمن في الأساس في الجبهة الشمالية، ففي تلك الجبهة نتحدث عن مائة ألف صاروخ وليس عن 9000 صاروخ فقط، كما توفر لحماس قبل بدء الحرب. صواريخ حزب الله تصل لمدى أبعد، وهي أثقل، وأكثر دقة وفتكاً".