خبر بفضل ذلك الاحباط.. هآرتس

الساعة 09:19 ص|24 أغسطس 2014

بفضل ذلك الاحباط.. هآرتس

بقلم: ب. ميخائيل

(المضمون: إن عمليات الاحباط المركز (اغتيالات قادة حماس وغيرهم) غير مجدية تواصل بها اسرائيل ما بدأه الانتداب البريطاني في فلسطين - المصدر).

اجتمعت القيادة الامنية في مكتب المندوب السامي هارولد ماك مايكل. وكان هناك قائد الجيش البريطاني في فلسطين، وقائد الشرطة ورئيس الـ سي.آي.دي بالطبع ايضا.

وكان من الواضح للحاضرين أنه حان الوقت لفعل شيء ما، فقد زاد الارهاب وسُفك الدم وتغضنت الاسارير في لندن ايضا، فيجب الضرب. وفي ذلك اليوم ايضا جاءت آخر الامر المعلومة الاستخبارية المطلوبة وهي العنوان الخفي لاسوأ قادة الارهاب.

كان التباحث قصيرا وحُسم الامر. وهز المندوب السامي رأسه بالموافقة فخرجت القوات للتنفيذ.

وأحاط ضابط الاستخبارات جيفري مورتون ورجاله بالبيت الصغير في شارع مزراحي 8ب في حي فلورنتين في تل ابيب. ونظر مورتون الى الطابق الأعلى وكانت كل أحاسيسه تهمس له بأن فريسته لن تهرب منه هذه المرة، فالمعلومات الاستخبارية صحيحة كما يبدو.

ووجدت في الهواء رائحة موت مقززة.

وصعد رجال الاستخبارات ببطء ولم يجهدوا أنفسهم بطرق الباب. بل اقتلع الباب من مكانه بضربة قوية ودخلت القوات مندفعة الى الأمام والمسدسات مسلولة. فجمدت صاحبة البيت أمامهم فاغرة العينين. ونظر مورتون نظرا خبيرا في أرجاء الغرفة ووقف عند أبواب خزانة الملابس.

"هل أنت مستعدة لمغادرة الغرفة من فضلك يا سيدتي..."، قال مورتون لصاحبة البيت بأدب بارد. وخرجت فوجهت المسدسات الى الخزانة.

"أُخرج من فضلك مرفوع اليدين يا سيد شتيرن"، قال المفتش موجها حديثه نحو الخزانة. فخرج من الخزانة ابراهام يئير شتيرن، زعيم "ليحي".

"ها نحن نلتقي آخر الامر"، قال مورتون، "ومن المؤكد أنك ستحاول الفرار الآن، أليس كذلك يا سيد شتيرن؟".

وقبل أن يفهم زعيم ليحي معنى هذا السؤال الغريب رفع مورتون مسدسه فأطلق رصاصتين على شتيرن واحدة في الرأس واخرى في القلب.

ولم تصدر عن قائد ليحي تنهدة ومات. وكان ذلك في 12/2/1942. وتحدث الاعلان الرسمي لسلطات الاحتلال البريطاني عن اعتقال الارهابي الخطير الذي كان يرأس "عصابة شتيرن". وجاء في الاعلان أن شتيرن حاول في اثناء العملية أن يفر فأطلقت عليه النار فمات.

وفي تلك الليلة لم يغمض لمورتون جفن. فقد كان القتل بدم بارد قاسيا حتى على أعصاب ذلك الرجل الصارم.

"ليته كانت لي طائرة صغيرة بلا طيار فقط"، همس في نفسه في الظلام، "أو مروحية أو طائرة إف16... ومن المؤسف جدا أنهم لم يخترعوا بعد صواريخ الليزر الذكية، اذا كنت أستطيع أن أقوم بعملي كله من داخل المروحية أو من المكتب وأنام الآن مثل طفل صغير".

أجل كانت قاسية حياة جنود الاحتلال قبل 72 سنة.

وبات مورتون يتقلب في فراشه يطلب السكينة لنفسه. "لا يجوز لي أن أنسى أن ذلك الرجل كان مشاركا في عمليات ارهابية مزعزعة؛ قنابل في اسواق واطلاق نار على سابلة وسطو على بنوك بل قتل عدد من أبناء شعبه هو"، همس ذلك المفتش في نفسه، "ولا شك ايضا أنه في الوقت الذي لقي فيه شتيرن حتفه كان مشغولا بالتخطيط لاعمال ارهابية اخرى. ولهذا من الجيد أنني أحبطه على نحو مُركز جدا، وقد كان ذلك بلا شك عملا نبيلا للدفاع عن النفس".

وغرق المفتش آخر الامر في نوم متقطع.

وسكّنت الايام التي تلت الاحباط جأش مورتون كليا، فقد برهنت له على مبلغ كون عمليته ناجعة ومباركة. فقد تفككت ليحي تماما بعد قتل شتيرن وسلم رجالها أنفسهم الى الشرطة وتفرقوا أيدي سبا. وسارعت الايتسل والهاغاناة ايضا الى تسليم اسلحتهما الى الشرطة السرية وأدى رجالهما يمين الولاء للتاج البريطاني. وفي غضون شهر أغلقت كل مؤسسات الاستيطان العبري وتخلى الشعب اليهودي عن طموحه الى دولة مستقلة وتم تغيير كلمات نشيد هتكفاه (الأمل) بحسب ذلك.

إن ما تلا ذلك معلوم: فبفضل ذلك الاحباط المركز والذكي في شارع مزراحي 8ب، ما زال الانتداب البريطاني يحكم فلسطين – ارض اسرائيل الى هذا اليوم.