خبر يذيقونهم الموت.. يديعوت

الساعة 02:41 م|22 أغسطس 2014

يذيقونهم الموت.. يديعوت

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: اصبح كبار قادة الذراع العسكرية لحماس بعد شهر ونصف شهر في الملاجيء تحت الارض يخطئون اخطاءا ينتظرها منهم الشباك وأمان الاسرائيليان. لكن صورة النصر النهائية لم تحرز الى الان وسيستمر القصف من الجو وسياسة الاغتيالات الى ان يقول رجال حماس في غزة "حسبنا" ويطلبوا تسوية سياسية - المصدر).

بدأ الفصل الثالث من سيمفونية "الجرف الصامد" غير المنتهية هذا الاسبوع بمحاولة استعادة البداية الصارخة الحادة الوقع لعملية عمود السحاب وهو ضربة جوية واسعة في مركزها القضاء على رئيس اركان حماس. الذي كان آنذاك احمد الجعبري، وتمت هذه المرة محاولة اغتيال محمد ضيف. وكان يمكن أن تحدث الضربة المعنوية المؤلمة لحماس والصدمة الساحقة للجمهور في القطاع لاسرائيل نقطة خروج كريم من هذه المعركة لكن ذلك لم يحدث الى الآن.

وهنا يكمن احد اخفاقات عملية الجرف الصامد المركزية غير المتوقعة وهو انها لن تنتهي ببساطة. فلا يوجد نظام انهاء سياسي ولا حسم عسكري ولم يحلم احد من القادة الكبار الساسة والعسكريين الذين دخلوا هذه المعركة بأن هذا هو ما سيحدث وانها ستطول اكثر من شهر ونصف دون ان ترى نهاية في الافق.

بيد ان الضيف لم يكن الاخير في السلسلة. ويبدو انه منذ بداية الهدنة الحالية اصبحت قيادة حماس العليا تخطيء فجأة. وكان الجيش الاسرائيلي والشباك يبحثان عنهم منذ اليوم الاول بيد انهم كانوا حتى ذلك الحين مختبئين في ملاجيء تحت الارض وحموا انفسهم. ولم يستعملوا الهواتف وقطعوا الاتصال ونقلوا رسائل بطرق مشفرة. وكان من الدعاوى العظمى على الجيش الاسرائيلي في العملية الحالية انهم لم ينجحوا في ضرب قادة كبار لكن تبين ان كل ما كنا نحتاج اليه هو القليل من الصبر.

كان الحديث عن حرب بالعيون اي من يكون اول من يطرف جفنه. وقد اختبأوا في الملاجيء المحصنة وانتظر رجال الشباك في غرف القيادة. وبعد اكثر من اربعين يوما تحت الارض نفد صبرهم فبدأوا يخطئون اخطاءا تسارع اسرائيل الى استغلالها لضبطهم والقضاء عليهم واحدا بعد آخر.

اصبحت توجد ثلاثة نجاحات محققة في الايام الاخيرة: رائد العطار ومحمد ابو شمالة ومحمد برهوم. وقد كان العطار قائد منطقة رفح من المسؤولين عن خطف جلعاد شليط وشارك في عمليات كثيرة قتل فيها اسرائيليون. وخلدته عدسات التصوير مع الجعبري حينما نقل شليط من غزة الى مصر. واعتبر أبو شمالة "قائد منطقة الجنوب" في حماس الذي كان مسؤولا بصورة مباشرة عن موت جنود كثيرين وعن تسلل 13 مخربا في نفق خلال العملية الحالية.

كان يكثر الحديث في قيادة الجنوب عن القائدين الكبيرين اللذين اصيبا، فقد كانا يسيطران على المنقولات من سيناء الى غزة، وكانا مشاركين في اطلاق الصواريخ على ايلات، ولم يكن المصريون بأقل بحثا عنهم منا. وقد كان جنوب القطاع مملكتهما. فالحديث عن انجاز عظيم جدا وعن اصابة مباشرة لشخصين قديمين ذوي تجربة كانا مشاركين في اقسى العمليات على الجيش الاسرائيلي في القطاع. وقد لا تكون تلك صورة انتصار لكن من المؤكد انها ضربة قوية لجناح المنظمة الارهابية.

صورة يقظة

في ساعات الصباح من الثاني عشر من حزيران 2006 عقد اجتماع عاجل في مكتب عمير بيرتس الذي كان وزير الدفاع آنذاك وكان موضوع البحث في ذلك اليوم محاولة اغتيال الضيف الليلية، وعرض غادي آيزنكوت الذي كان رئيس شعبة العمليات آنذاك على الحاضرين تقديرا مصدقا يقول ان المطلوب الكبير قد قتل. وقبل الاحتفال والاعلان الرسمي بلحظة واحدة أدخلت الى الاجتماع قصاصة فيها اول نبأ عن اختطاف اهود غولد فاسر والداد ريغف فانفض الحاضرون فورا الى اعمالهم. وكان من حسن حظنا ان استقر رأيهم على تأجيل التباحث في موت الضيف الى ساعة متأخرة.

ولماذا كان ذلك من حسن حظنا؟ لانه لم تكد تمضي بضع ساعات حتى صدر عن غزة الاعلان الرسمي الآتي: "الضيف حي"، وجاءت البراهين ايضا بعد ذلك. وصاروا في الجيش الاسرائيلي يحذرون منذ ذلك الحين ويترددون ولا يصدرون تصريحات قبل الاوان.

بقيت الانباء متضاربة عن مصير الضيف حتى لحظة طباعة هذا العدد، لكنهم في الجانب الاسرائيلي يقرأون ما يجري في الجانب الفلسطيني ويصغون الى التصريحات ويشعرون بأن الرجل انهى حياته. ويمكن ان نقول الان ان اغتيال الضيف يمكن ان يأتي المعركة غير المنتهية هذه التي تبحث لنفسها عن رموز بصورة انتصار، ويمكن ان يعيد الى الخطة العسكرية هالة المباغتة والمراوغة والاصالة وسعة الحيلة التي نحبها جدا.

نجا الضيف ذو الارواح التسعة من محاولة الاغتيال الخامسة بعد ان عرف الشباك نقطة ضعفه ألا وهي الشوق الى العائلة. وليس هو أول زعيم ارهاب يقع في الشرك التاريخي "ابحث عن المرأة". فقد لقي حتفه قبله رئيس اركان حزب الله عماد مغنية حينما خرج من زيارة حميمة لسيدة في حي فخم في دمشق. واغتيل احمد الجعبري رئيس اركان حماس السابق في سيارته مع ابنه بعد ان خرج من بيت زوجته. ولم يثبت الضيف ايضا للاغراء وزار زوجته وابنته في شقة خفية اعدت لهم في حي الشيخ رضوان. فقد كان الشباك يرصد تلك الشقة وانتظر ان يخطيء الضيف الخطأ الانساني المطلوب، ويبدو أنه جاءت دلائل تشير الى أنه قد وصل الى المبنى. وفي الساعة التاسعة والنصف ليلا صدرت الاشارة فاطلقت على المبنى تسعة صواريخ على الاقل ردمته على ساكنيه. فهم لم يخاطروا ولم ينتظروا خروجه.

ان الضيف هو اكثر الاشخاص تماهيا مع ذراع حماس العسكرية، فقد كان بين مؤسسيها وكان يرأسها منذ عشرين سنة تقريبا. وهو الذي انشأ مبدأ القتال بسلاح مائل المسار على اسرائيل وهو الذي يقف من وراء حفر الانفاق في غزة وانشاء شبكة الانفاق الهجومية التي تمتد 50 – 60 كم على طول الحدود مع اسرائيل وعرضها. وهناك عشرات الآبار ومدينة تحت الارض تحت القطاع تزيد مساحتها على 100 كم.

ان الضيف مسؤول عن عدد لا يستهان به من العمليات التي نفذتها حماس ضد اسرائيل ونتذكر هنا جيدا المنتحرين الذين ارسلهم الى الحافلات في القدس في 1996 انتقاما لاغتيال صديقه ومرؤوسه "المهندس" يحيى عياش.

لا شك الآن في ان حماس ستبذل جهدا لتنفيذ عملية انتقام لموت ابن الضيف وزوجته. وستستمر اسرائيل من جهتها على البحث عن كل قادة الذراع العسكرية لانه لا توجد سبيل اخرى لصدهم.

ويستعد الجيش الاسرائيلي مقابل ذلك مع دعامة دفاعية لمنع وقوع صواريخ وعمليات ارهاب داخل اسرائيل فوق الارض أو تحتها، ومع دعامة هجومية مستعدة لتنفيذ اجتياح في داخل القطاع وسيطرة على اراض. ويجوز لنا ان نفترض انه اذا لاحظ الجيش محاولات من حماس لتجديد حفر الانفاق على الحدود الجنوبية او بناء خطها الامامي مجددا فسيحدث دخول بري لفرق قتالية من الالوية في هذه المرة ايضا.

لا يؤمنون الان ايضا في الجيش الاسرائيلي بحل احتلال القطاع. وفي جهاز الامن غير قليل ممن يعتقدون انه ما زال يمكن التوصل الى انهاء الحدث بتسوية تخدم المصلحة الاسرائيلية. ويقولون ان حماس معنية بتسوية. فاذا عرضت عليها اسرائيل ومصر خطة ليست فيها عناصر اذلال واذا اظهرت اسرائيل "سخاء المنتصرين" فستوافق حماس – بواسطة السلطة الفلسطينية – مع كل ذلك على المخطط المصري الذي يضمن لها تسهيلات اقتصادية وتعميرا.

سبقوا الاحداث بنصف سنة

ان الهجوم الجوي في عملية الجرف الصامد هو تكرار عام لخطة اهداف عمود السحاب والرصاص المصبوب مع فرق واحد وهو انه اذا كانت القوة الجوية في العمليات السابقة والدقة وعدد الاهداف والمعلومات الاستخبارية عنها قد فاجأت العدو فانه كان هذه المرة يعرف الحيلة واستعد استعدادا افضل لتلقي الضربة. في المرحلتين الاولى والثانية من عملية الجرف الصامد هوجمت من الجو قيادات ومصانع وبيوت لم يوجد فيها احياء. فقد تبين ان حماس تعلمت الدروس فيما يتعلق بحماية رجالها والاستمرار على اطلاق القذائف المائلة المسار على اسرائيل فاهتمت بوجود قواعد اطلاق كثيرة في حين كان جزء كبير من القذائف الصاروخية ينقل من مكان الى آخر بالانفاق تحت الارض.

وهكذا لا تنجح الخطة التي عرضها الجيش على المستوى السياسي الى الآن في اخراج حماس عن اتزانها. وما زال الجيش يفعل الشيء نفسه دون عنصر المفاجأة ومع الكثير من اطلاق النار ومن نتائج ذلك عدد اكبر من المواطنين الجرحى مع اصابات اقل لمراكز القيادات والسيطرة على المنظمة الارهابية.

كانت خطة عمليات الجرف الصامد وما زالت شفافة جدا وهي لم تطبخ كما ينبغي في جزء منها ايضا. في 21 من تموز بعد ان بدأت العملية البرية بايام معدودة اعلن وزير الدفاع ان هدم الانفاق سينتهي في غضون يومين أو ثلاثة على الاكثر. ولم يخمن ولم يراهن. فالحديث عن مدة معقولة يفترض ان يتم فيها جيش منظم مستعد لعملية من هذا النوع، القضاء على 30 نفقا كان يملك معلومات استخبارية سابقة عن اكثرها.

لكن كما كان رئيس الاركان دان حلوتس ووزير دفاعه بيرتس يؤمنان قبيل حرب لبنان الثانية بأن جيشهما البري حاد كالسكين، ووجدا هيئة قيادة عامة متعبة من جهة التفكير وقوات غير مدربة تدريبا كافيا، انتظرت يعلون ايضا مفاجأة غير صغيرة، فلم يكن وزير الدفاع يعلم مبلغ عدم استعداد الجيش لعملية كهذه – لا من جهة التخطيط ولا من الجهة اللوجستية. فكيف حاول الجيش أن يعوض عن عدم نضج الخطة  - باستعمال قوة كبيرة جدا – 12 لواءا و3 قيادات فرق.

صحيح ان رئيس الاركان اصدر في كانون الاول 2013 امرا بالاستعداد للقضاء على الانفاق في نهاية 2014. لكن ماذا يفعل وعملية الجرف الصامد قد وقعت في تموز قبل انتهاء الاستعدادات بنصف سنة تقريبا. ان الارتجال الذي سمي "العملية البرية للقضاء على الانفاق" هو ضوء احمر للجيش، الان ايضا. فلا تبنى المعركة على هذا النحو.

ولم يعلم وزير الدفاع ايضا انه ليس للجيش اصلا امر عسكري منظم يتناول تدمير الانفاق برغم ان الجيش لقي في 2006 الانفاق الدفاعية التي انشأها حزب الله. ويستعمل غير قليل من القرى في جنوب لبنان اليوم ايضا مواقع عسكرية لحزب الله محفورة تحت الارض. وليس للجيش الاسرائيلي اليوم ايضا مهما يبدو ذلك داحضا، ليس له أي تصور عام أو طريقة أو نظرية قتالية لعلاجها بصورة ناجعة. وقد كتبت في الحقيقة كراسات ارشاد في هذا الشأن في آب 2012 لكن يبدو ان عملية ادخال هذه المادة في النفوس كانت بطيئة هذا اذا لم نشأ المبالغة.

وصار معلوما اليوم ان الجيش الاسرائيلي لم يكن ينوي في الاصل ان يعالج الانفاق في العملية الحالية. وقبل ان بدأت العملية البرية بايام معدودة كان عند قادة الالوية الميدانية اوامر عملية مختلفة مع اهداف مختلفة. وحينها بدلت قيادة الجنوب الخطة البرية من الهجوم الى الدفاع بحيث وجب تغيير التصور العام في الاذهان.

تكون في معركة الهجوم في حركة وتكون انت المبادر وقد كانت الخطة الاصلية في الحقيقة الوصول الى نقاط سيطرة وضرب العدو في نقاط تؤلمه. لكن المعركة الدفاعية اكثر تعقيدا لانك انت الذي تصدر مبادرة العدو وتكون هدفا ساكنا له.

وكانت طرق تدمير الانفاق ايضا غير منظمة واشتملت على استعمال 5 اطنان من المتفجرات لكل كيلومتر واحداث آبار على المسار يوضع في داخلها اطنان من الالغام والمواد المتفجرة الاخرى. وهذه تقنية اشكالية تحتاج الى زمن طويل وهي غير منطقية في حراك ميدان القتال. وكان يجب على الجيش ان يكون اكثر تقدما وتطورا في هذا المجال مما رأينا في عملية الجرف الصامد، منذ زمن.

وتوجد علامة سؤال اخرى: فقد كان احد اهداف العملية الجوية التي سبقت البرية تدمير على فوهات الانفاق. لكن الذي يتجه الى معركة برية هدفها العثور على الانفاق وتفجيرها لا يفترض ان يهاجم ابارا موجودة في مبان لان ذلك ينشيء عائقا لا داعي له ويجعل الامور صعبة على القوة المقاتلة التي يفترض ان تعثر على البئر. وقد عرض تدمير الانفاق على انه خطة فاجأت حماس وسلبتها كنزا استراتيجيا لكنها فاجأت وزير الدفاع والوحدات المقاتلة قبل الجميع. وان عدد المختصين في سلاح الهندسة بالانفاق قياسا بعدد الانفاق التي خرجوا لتدميرها بائس حقا.

دخل الجيش في عملية تدمير ثلاثين نفقا وهو يملك كمية بائسة  من وسائل الحفر والمواد المتفجرة السائلة. ولم يمكن مقدار المعدات من تدمير اكثر من نفقين او ثلاثة بعمل على مدار الساعة في غضون يومين. ووقفت الوية كاملة مدة اسبوع ونصف او اسبوعين تنتظر قرب نفق تحت اطلاق النار وفي اثناء القتال حتى تصل اليها معدات التدمير. فهل هذا جيش ذو ميزانية تبلغ 60 مليار شيكل يستعد لمحاربة الانفاق؟.

ليست لهم رؤية عرْضية

ان رئيس الاركان وهيئة القيادة العامة هما الجهة المهيمنة بتأثيرها في الحكومة التي تقرر الخروج للحرب. ان الحكومة انشأت لنفسها في الحقيقة مجلس الامن القومي باعتبار ذلك جزءا من دروس حرب يوم الغفران التي ازدادت قوة بعد حرب لبنان الثانية. لكن لا يستطيع أي مجلس ان يعادل في وزنه هيئة قيادة عامة ذات تصميم. ولا يوجد رئيس حكومة يحتار بين توصيات الجيش وتوصيات مجلس الامن القومي فلا يختار لابسي البزات العسكرية آخر الامر. وذاك ان الجيش يملك اجساما مثل أمان وشعبة العمليات ولانه يتولى المسؤولية عن العمليات.

ولهذا سيكون الجيش والشباك والموساد في الحياة الاسرائيلية مهيمنة ابدا على مسار اتخاذ القرارات الامنية. ولهذا لا يستطيع الجيش ان يزعم ان المستوى السياسي هو الذي املى عليه الخطة البرية لتدمير الانفاق فهو الذي جاء الحكومة بهذه الخطة ووجه اليها دون ان يكون مستعدا لها كما ينبغي.

كان يمكن ان نتوقع من الجيش الاسرائيلي ان تكون عنده معدات ملائمة وان تكون القوات مدربة على المهمة وان تكون معلومات استخبارية وتقنيات قتالية. لكنه لم يوجد من كل ذلك سوى لمسات وتناولات ضئيلة. فاذا تلقى الجيش غدا امرا بالهجوم على الانفاق القتالية في داخل غزة فهل يملك المعدات الملائمة؟.

ليس واضحا لماذا اعتقد الجيش انه سينجح بالاجراءات التي نفذها حتى الان في اخراج حماس عن اتزانها واضعافها اضعافا يجعلها تطلب الهدنة. وتثور الان علامات سؤال لا شك في انها ستثور في التحقيقات ايضا، عن قضايا اساسية في القيادة والسيطرة. ويتبين ان قيادة المنطقة الجنوبية قد اختارت القيام بالمعركة الدفاعية في ثلاث قيادات للفرق النظامية اختصت واحدة منها فقط بمنطقة قطاع غزة اما الاخريان فجاءتا من قيادة المركز ومن قيادة الشمال. وقد جبى منهما دخولهما المعركة في ظروف لا تعرفانها، جبى كلفة التعلم.

فعلى سبيل المثال ادركوا بعد معركة الشجاعية فقط انه لا يجوز ادخال ناقلات جنود مدرعة لينة ليست من مركبات النمر أو اخزريت الى تلك المنطقة. وهم في قيادة المنطقة الجنوبية يعرفون هذا الدرس منذ اكثر من عشر سنين منذ ان انفجرت ناقلات الجنود المدرعة في مخيم اللاجئين الزيتون وفي محور فيلادلفيا.

ربما كان يوجد منطق عملياتي في كثرة القيادات على منطقة مكتظة غير كبيرة كتلك لكنه حدث هنا خلل تنظيمي لأنه لم يوجد مستوى اوسط يرتب الامور بين فرق المناطق الثلاث. ووجد رجال قيادة الجنوب انفسهم يصرفون جل انتباههم الى ادارة تكتيكية للمعركة البرية بدل الاشتغال بالرؤية الواسعة لادارة المعركة كلها.

لكن لا تستطيع اية مشكلة تنظيمية ان تفسر ما حدث في مناطق الاحتشاد خارج القطاع اذ اصيب نحو من ربع القتلى بقذائف هاون في داخل اسرائيل. ومنذ اللحظة التي بدأ فيها العملية البرية وبدأت فيها القوات تدخل وتخرج، انتقلت القيادات الامامية الى مناطق الاحتشاد قرب الحدود في مدى قذائف الهاون فاصابتها النيران.

وبعد ذلك تحولت تلك المناطق الى مفترق لقاء لعشرات المدنيين الذين جاءوا ليزوروا الابناء والاصدقاء ولمجرد الفضوليين والمتبرعين ايضا. وتوجد في الحقيقة اوامر عسكرية واضحة بهذا الشان لكن لم يجهد احد نفسه بتطبيقها وهذه مشكلة انضباط في سلسلة القيادة عرضت حياة الناس للخطر دون حاجة.

هذه بضعة امثلة فقط لدروس عسكرية مهنية موضوعة على باب الجيش، فمن اراد استطاع ان يجد علاقة بينها وبين حقيقة انه توجد اليوم صعوبة في اقناع حماس في التوصل الى تسوية. وقد كنا الى الان نوزع الاوسمة ونقبل ونعانق المستوى المقاتل، وبحق. فقد حان الوقت الان لدروس بيتية سريعة لان العملية القادمة اصبحت على الابواب.