خبر هزيمة في غزة، انتصار في القاهرة-يديعوت

الساعة 09:33 ص|18 أغسطس 2014

هزيمة في غزة، انتصار في القاهرة-يديعوت

بقلم: أفرايم هليفي

رئيس الموساد الاسبق

(المضمون: خرجت حماس مرضوضة ومضروبة أكثر من أي وقت مضى ولكن محادثات القاهرة قد تنتهي بنتيجة سياسية معاكسة: اسرائيل انتصرت في المعركة ولكنها خسرت في الحرب - المصدر).

 

في حملة "الجرف الصامد"، رفع الجيش الاسرائيلي الى القيادة السياسية جملة كبيرة من الانجازات البائسة. أولها هو استخدام بطاريات "القبة الحديدية"، التي حمت السكان المدنيين بشكل شبه تام. والقدرتان الاستراتيجيتان اللتان بنتهما حماس وطورتهما – الترسانة الصاروخية من جهة ومنظومة الانفاق الهجومية من جهة اخرى – تقلصتا بحجوم كاسحة.

 

لقد خرجت حماس مرضوضة ومضروبة أكثر من اي وقت مضى، جريحة ونازفة في ميدان المعركة، عديمة كل قدرة على الدفاع عن سكان غزة الذين دفعوا أساس الثمن في الطرف الاخر. لا حزب الله ولا ايران هرعا الى نجدتهما. فقد امتنعا عن الانجرار الى المعركة وقدما تفسيرات هزيلة لخيانتهما "المقاومة الفلسطينية" دون ذكر السبب الاساس: الردع من الجيش الاسرائيلي في الشمال أثبت نجاعته.

 

لقد انجرت حماس وشركاؤها الى القاهرة في الظروف السياسية الاصعب من ناحيتهم. فقد رد طلبهم لاجراء مفاوضات تحت النار، واسرائيل أملت بنجاح شروط البداية. ولم يسمح لزعماء المنظمة السياسيين – خالد مشعل الذي يمكث في المنفى في قطر واسماعيل هنية في القطاع – بدخول مصر للمشاركة في المفاوضات، واضطرت حماس الى الارتباط بوفد برئاسة رجل السلطة الفلسطينية. وفوق كل شيء اضطروا الى طأطأة الرأس امام القيادة المصرية الجديدة، التي اخرجتهم عن القانون كمنظمة ارهابية. ومحاولة حماس ادخال صديقتيها الاخيرتين في العالم، تركيا وقطر، الى المفاوضات فشلت تماما، رغم أنها حظيت في البداية بتفهم أمريكي. هزيمة إثر هزيمة.

 

ولا يزال، رغم الانجازات المثبتة في ميدان المعركة والنجاحات البادية للعيان في الغلاف السياسي، فان حملة "الجرف الصامد" لم تنتهي بعد. في ساعة كتابة هذه السطور لا نعرف اذا كانت المحادثات في القاهرة ستعطي اتفاقا ما، اذا كانت المعارك ستستأنف أم سيسود وقف نار في المنطقة وكأنه لا حسم. وبجد لماذا؟

 

رغم كل ما قيل عن خسائر حماس الجسيمة، السياسية والعسكرية، بقيت تقف على قدميها بصفتها المحاور الحقيقي لاسرائيل في القاهرة. من مكانتها الدون والضعيفة، في عزلتها البارزة، لا تزال مغروسة عميقا في

 

قطاع غزة، ومحاولة "استنساخ" المجال السياسي للفلسطينيين وتحميل فتح على ظهر حماس في غزة ليست قابلة للتنفيذ. كل "ترتيب" يتحقق في محادثات القاهرة سيؤدي لزمن طويل الى اعتراف اسرائيلي بحماس كلاعب شرعي في المعادلة التي بين اسرائيل والفلسطينيين. ستكون هذه خطوة هامة في الطريق الى تسليم اسرائيلي بوجود حكومة الوحدة الفلسطينية والفهم بانه رغم انجازات حملة "السور الواقي" قبل اكثر من عقد من الزمان، لا تزال حماس حي بل واحيانا يرزق في يهودا والسامرة. فالحكومة لا تسارع الى السير في هذا الطريق، وعليه فان رسائلها العلنية للجمهور تشدد أساسا على البعد الامني لمحادثات القاهرة.

 

حماس معنية بالخروج من المعركة مع "انجاز" ما يبرر لها أمام سكان غزة قرار محمد ضيف ورفاقه القتال لاكثر من شهر والتسبب بدمار هائل في القطاع. ولهذا فان المنظمة معنية بانهاء القتال منذ الان.

 

اذا لم يتحقق اتفاق في القاهرة، فمعنى الامر سيكون أن اسرائيل تعتزم العودة الى المعركة العسكرية آجلا أم عاجلا في ظل محاولة انهاء مهامة تصفية حماس في الانفاق التي تحت مستشفى الشفاء. أما وقف النار عمليا، دون تسوية، فمعناه ان الجيش الاسرائيلي لم يحقق انجازات كافية في ميدان المعركة. وسيفهم العالم العربي بان اسرائي ربما انتصرت في المعركة ولكنها خسرت في الحرب. وبتعبير آخر: استبدلت الانجاز العسكري بنتيجة معاكسة على طاولة المفاوضات.

 

وسيكون هذا ايضا المسمار الاخير في نعش السلطة الفلسطينية التي ستتضرر مكانتها المهزوزة على أي حال لدرجة الانهيار. مثل هذه النهاية معناها دولة واحدة من البحر الى النهر.