خبر الحرب على غزة أجبرت « مدرسة أوسلو » على تغيير إستراتيجيتها بالتفاوض

الساعة 02:24 م|17 أغسطس 2014

وكالات

لطالما اتهم أصحاب مشروع التسوية مع الاحتلال، المقاومة الفلسطينية بسعيها إلى تخريب اتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال في الثالث عشر من أيلول (سبتمبر) من العام 1993م، وذلك من خلال تنفيذ عمليات فدائية تتعارض ونص هذا الاتفاق، ولطالما بقيت هذه المقاومة ملاحقة من قبل أصحاب هذا المشروع قبل أن يدركوا أخيرًا أهمية المقاومة في انتزاع ما تم توقعيه مع الاحتلال، وان المفاوضات دون قوة تكون دون جدوى.

وتحتضن العاصمة المصرية مفاوضات غير مباشرة بين دولة الاحتلال والوفد الفلسطيني الموحد والذي يضم كافة الأطياف السياسية المؤيدة والمعارضة لاتفاق أوسلو وذلك بعد جولة من الصراع في قطاع غزة استمرت لأكثر من شهر من اجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار دائم بين الطرفين.

ويتعرض قطاع غزة ومنذ السابع من تموز (يوليو) الماضي لعملية عسكرية إسرائيلية كبيرة، وذلك بشن آلاف الغارات الجوية والبرية والبحرية عليه، حيث استشهد جراء ذلك 1985 فلسطينيًا وأصيب الآلاف، وتم تدمير مئات المنازل، وارتكاب مجازر مروعة.

وما كان لهذا الوفد الفلسطيني الموحد أن يكون بهذه التشكيلة دون أن تكون هناك مقاومة قوية تفرض نفسها على طاولة المفاوضات التي خلت على مدار أكثر من عقدين منها حيث كان المفاوض الإسرائيلي يتلاعب بنظيره الفلسطيني دون أن يحرك الأخير ساكنا ويفرض عليه ما يريد لنكون أمام اتفاق أوسلو الذي كان بمثابة "الكارثة" على الفلسطينيين بحسب المراقبين.

إنهاء حالة التفرد ويرى الدكتور احمد حمّاد أستاذ الإعلام في جامعة الأقصى بغزة أن هذه هي المرة الأولى منذ بدء مفاوضات التسوية بداية تسعينيات القرن الماضي تكون بهذه الطريقة سواء على صعيد الوفد المشكل من مختلف الفصائل أو على صعيد إجراء المفاوضات مع استمرار المقاومة على الأرض.

وقال حمّاد لـ "قدس برس": "الحالة الفلسطينية لم تتعود على أمر كهذا وعاشت طوال أكثر من عقدين من الزمن في حالة تفرد بالقرار السياسي من قبل جهة بعينها تقرر ما تراه دون الرجوع للشعب الفلسطيني قبل أن تكتشف الخطأ الكبير الذي وقعت فيه وأوقعت الشعب الفلسطيني فيه".

وأضاف: "ما كان يمكن أن تتم المفاوضات بهذه الطريقة دون أن تكون المقاومة حاضرة بكل قوة على أن يسندها العمل الدبلوماسي من اجل الوصول إلى اتفاق مشرف".

واعتبر الأكاديمي الفلسطيني أن ما يجري في القاهرة من مفاوضات غير مباشرة هو تكميل لإنجازات المقاومة الفلسطينية، وليس له علاقة من قريب أو بعيد باتفاقات التسوية السابقة، مشيرًا إلى أن هذه المفاوضات وعلى مدار أكثر من عشرين عامًا لم تمنح الفلسطينيين أي شيء بسبب المماطلة والمراوغة الإسرائيلية، محذرًا في الوقت ذاته من عودة هذه المراوغة مرة أخرى مع تمديد التهدئة لأكثر من مرة ووقف نيران المقاومة.

عنصر المقاومة وأضاف حمّاد: "ما يجرب حاليًا على الأرض في القاهرة مخالف تمامًا لما كان مطروحًا سابقًا سواء في مدريد أو أوسلو أو باريس وهي ما اسماه مدرسة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والتي تعتمد على المفاوضات دون قوة تسندها، ولكن الآن وبعد هذا الدور للمقاومة في حرب غزة تيقن أصحاب هذه المدرسة انه من الممكن الموائمة ما بين المقاومة والعمل الدبلوماسي بحيث يكملان بعضها البعض".

ومن جهته حذّر مركز الشؤون الفلسطينية الذي يتخذ من لندن مقرًا له مما اسماه "المحاولات الحثيثة لسلطة رام الله لإعادة إنتاج اتفاق أوسلو المشؤوم"، الذي أسقطته إرادة الشعب الفلسطيني في انتخابات كانون ثاني (يناير) 2006 وتضحيات ودماء الشعب الفلسطيني والذي تبرأ منه حتى موقعوه.

واعتبر المركز في بيان له أن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس السلطة محمود عبّاس مساء السبت (16|8)، والتي أكد فيها على تمسكه بالمبادرة المصرية كمبادرة وحيدة وان هدفه الأول هو وقف إطلاق النار، ما هي إلا محاولة للالتفاف على شروط المقاومة والتي أصبحت شروط الشعب الفلسطيني، ورجوع للخلف للتمسك بمبادرة رفضتها قوى المقاومة ومن ورائها الحاضنة الشعبية ودفنتها قبل شهر من اليوم، غاب فيه عبّاس عن المشهد تماماً ليعود اليوم بمثل هذه التصريحات الخطيرة البعيدة كل البعد عن نبض الشارع الفلسطيني الملتف حول المقاومة ومطالبها.

وقال: "كما أن التصريحات التي صدرت عن رئيس الوفد المفاوض في القاهرة عزام الأحمد قبلها بيوم (15|8)8 والتي قال فيها "ما يتفق عليه سيكون خاضعا للاتفاقات الموقعة" وتذكيره المتواصل والمتكرر باتفاق أوسلو المشؤوم، وتكرار عبارة السلطة الشرعية والرئيس الشرعي، ما هي إلا محاولة انتاج وإعادة تدوير لاتفاق أوسلو لجر الجميع لمربع السلطة، ومحاولة لسرقة انجاز الشعب الفلسطيني وانتصاره في المواجهة الأخيرة التي دفع ثمنها وما زال من دمائه وأشلائه".

ركوب الموجة وأضاف: "سلطة رام الله التي أدانت المقاومة لأكثر من أسبوع بعد بدء العدوان ووصفت المقاومين بتجار الحروب ومديري مراكز وأنفاق الدعارة، كما ورد على لسان مسؤوليها في أكثر من مناسبة، حاولت وما زالت ركوب موجة المقاومة، مبرزة شعارات الوحدة الوطنية، التي تنسفها ممارساتها العملية على الأرض في الضفة الغربية المحتلة، حيث ما زالت سياسات الاستدعاء والاعتقال والمصادرة والقمع متواصلة ضد كل من يتضامن مع أهلنا في غزة، وكذلك التنسيق الأمني مع الاحتلال، ناهيك عن رفض تلك السلطة التوقيع على اتفاق روما الخاص بالانضمام لمحكمة الجنايات الدولية لملاحقة مجرمي الحرب من قادة الاحتلال".

وطالب مركز الشؤون الفلسطينية أعضاء الوفد الفلسطيني في مفاوضات القاهرة من قوى وفصائل المقاومة بأخذ أكبر درجات الحيطة والحذر من محاولات السلطة ، وأن يبقوا الأمناء على مطالب الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة وفق قوله.