خبر في يدي حماس ..يديعوت

الساعة 10:51 ص|15 أغسطس 2014

بقلم: ناحوم برنياع

          (المضمون: نجح نتنياهو خلال العملية الاخيرة في أن يجعل جميع الوزراء في المجلس الوزاري المصغر ضدا عليه. إن حماس هي التي تُصرف الامور الآن ولا يعدو سلوك اسرائيل أن يكون ردا على ما تفعله حماس وتقرره - المصدر).

          لم يكن نتنياهو منذ زمن وحيدا وضائعا بهذا القدر. فقد ألغى هذا الاسبوع اجتماعات المجلس الوزاري المصغر والمنتديات الاخرى التي اعتاد أن يدعو الوزراء إليها. ولم يُبلغ أحد من الوزراء سوى يعلون عما يحدث وما لا يحدث في التفاوض في القاهرة. ولم يبعثه على ذلك الخوف من التسريبات بل الحيرة. وكان يستطيع أن يغمض عينيه ويتخيل ماذا كان سيقول في التفاوض مع حماس لو أنه كان وزيرا في الحكومة أو رئيسا للمعارضة. كان سيقول إن ذلك خزي وعار وهزيمة وسقوط اخلاقي، وكيف سننظر في وجوه القتلى.

          إن وزراء المجلس الوزاري المصغر الذين أيدوه في اثناء العملية خسروه قبيل الهدنة. وقد أثارت تسيبي لفني هنا اقتراحها انشاء مظلة دولية تضمن دخول السلطة الفلسطينية الى غزة بعد أن أدركت أن نتنياهو ليس معها؛ وأثار يئير لبيد في وسائل الاعلام اقتراحه مجلسا عاما دوليا لتعمير غزة بعد أن أدرك أن نتنياهو قطع صلته به.

 

          قال أحد الوزراء إنه لأول مرة منذ نشأت الحكومة أصبح يوجد لها مجلس وزاري مصغر مُشكل، فقد نجح نتنياهو في أن يُشكل الجميع ليكونوا ضده. وقد حدث له في المجلس الوزاري المصغر ما حدث له في كتلة الليكود في الكنيست. وحينما استقر رأيه هذا الاسبوع على لقاء كل وزير على حدة أسرع الوزراء الى أن يقارن بعضهم مع بعض بين ما قاله. وقد أشبهوا أولادا يتحدون معا على أكثر الاولاد إثارة للعصبية في الفصل الدراسي.

          تنقل طائرة مديرين كل يوم اعضاء فريق التفاوض الى القاهرة، وحينما هبطوا هنا في مساء يوم الاربعاء كانوا على يقين من أن التفاوض قد تفجر، فلم يكن اتفاق ولا تمديد للهدنة. لكن المصريين زادوا آنذاك الضغط على ممثلي حماس وحذروهم من أنهم يمسون بمكانة مصر، وهددوا بتصفية الحساب معهم. وبعد بضع ساعات من العذاب استجاب رجال حماس فتفضلوا بتمديد مدة الهدنة خمسة ايام.

          حينما تحتار حماس يتعوجون في اسرائيل. وقد بدأوا في صباح يوم الاربعاء يجندون رجال الاحتياط، وأوضح الاستيضاح أن الحديث عن رجال خدمة احتياطية سيحلون محل احتياطيين آخرين حلوا محل رجال الخدمة النظامية في الضفة وحدود لبنان. وبدأ الحديث بعد ذلك عن اعادة قوات الى غلاف غزة، لكنه كان حديثا ويُشك في أنه وُجدت قوات هناك. وفي الليل وبرغم القذيفة الصاروخية التي أطلقتها حماس، نقل كلام نتنياهو رسائل مطمئنة. وحينما تبين لهم أن الجمهور يصعب عليه أن يفهم أصدروا بعد منتصف الليل اعلانا عكسيا يقول إن نتنياهو وجه الجيش الاسرائيلي الى أن يرد ردا قاسيا مؤلما على اطلاق الصواريخ.

          إتضح شيئان في ليل يوم الاربعاء وهما أن الصدام العسكري في الجنوب قد انتهى من وجهة نظر اسرائيل وأن متخذي القرارات غير مستعدين لأن يأمروا الجيش الاسرائيلي بتجديد اطلاق النار؛ والثاني أننا في يدي حماس فاذا أرادت أطلقت النار علينا واذا أرادت كفت عن ذلك. وقد خرجت حماس مع تعادل في غزة وانتصرت في القاهرة.

 

          ما زالوا يأملون في الجيش الاسرائيلي أنه حينما يدرك السكان في غزة نتائج العملية سيُبعدون حماس عن الميدان. والشعور بالمرارة بين السكان كبير وقد يُترجم ذات يوم الى لغة الفعل.

          وقد لا يُترجم. لكن المؤكد أن حماس تحظى في القاهرة بشرعية دولية. ويتحدث رئيس "الشباك" يورام كوهين واللواء يوآف مردخاي باللغة العربية مع نظرائهما من الاستخبارات المصرية وأمن أبو مازن الوقائي، لكن الكلمة الاخيرة هي لممثلي حماس.

          لم تأت هذه النكبة من السماء بل هي نتيجة سياسة خاطئة للحكومة. صحيح أنه لم يكن هناك داع للاستمرار على القتال وليس للجيش الاسرائيلي مهمة لها تأثير حقيقي، وكلفة معركة تهزم حماس باهظة جدا لاسرائيل. كان الخطأ في سعي نتنياهو الى تسوية مع حماس لأنه لا يتم التوصل الى تسوية مع منظمة ارهابية. وحينما نصر على التسوية ندفع ثمنا باهظا لأنه لا تسوية بلا تخلي وتنازل وبلا مس بمصالح قومية. وقد أراد نتنياهو الوضوح فحصل على الاذلال. وأرسل الفريق الاسرائيلي الى مهمة لا يمكن سوى الخسارة فيها.

       عظام في الحلق

 

          إستدعى نتنياهو هذا الاسبوع للتشاور سفير اسرائيل في واشنطن، رون دريمر. إن دريمر، وهو فتى يهودي جمهوري من ساحل ميامي، يُحسن تمثيل نتنياهو في خطب في الكنس لكن يصعب عليه أن يُحدث الديمقراطيين في وزارة الخارجية والبيت الابيض. ولا يتحمل تبعة الازمة في العلاقات لكنه غير قادر على اصلاح ذلك.

 

          نشرت أمس صحيفة "وول ستريت جورنال"، وهي صحيفة مناصرة لاسرائيل، نشرت نبأ عن أن البيت الابيض أوقف شحنة مرسلة الى اسرائيل من صواريخ "هل فاير" للمروحيات الحربية بزعم أن اسرائيل تستخدم السلاح الامريكي استخداما لا تناسب فيه. وهذا النبأ جزء من حملة دعائية محسوبة ترمي الى التفرقة بين ادارة اوباما وحكومة اسرائيل.

          يبدو أن الامور انقلبت رأسا على عقب لأنه اذا كان سُمع في الماضي انتقاد لاسرائيل على لسان الرئيس اوباما ووزير الخارجية كيري ورئيسة مجلس الامن القومي رايس وآخرين، لكن كانت المساعدة العسكرية سخية والتعاون كاملا والدعم تاما، فان التصريحات الآن جد حذرة وجد مهذبة لكنه لا تتم الموافقة بصورة آلية في الامور العملية على أي شيء، فيُفحص عن كل طلب على حدة، والشك كبير. وتُذكر هذه الفترة بالايام التي تلت اعتقال جونثان بولارد لكن مع فرق واحد وهو أن العظام في حلق الادارة الامريكية ليس جاسوسا ضُبط بل هو رئيس حكومة اسرائيل لكن مع آلاف الفروق.

          لا عجب أنه بعد أن تحدث لبيد بالهاتف الى كيري أبلغ نتنياهو الوزراء أنه يحظر عليهم أن يتحدثوا الى وزير الخارجية الامريكي. وهو يُفسر كل حديث من هذا النوع بأنه محاولة للالتفاف عليه وبأنه مؤامرة عليه.

          أصبحوا في اسرائيل يدركون الآن أن الادارة الامريكية لا تنوي أن تستعمل حق النقض لكل اقتراح غير مريح لاسرائيل يُثار في مجلس الأمن. وهذه ضربة تعيدنا سنين كثيرة الى الوراء وهي أشد علينا من اللجنة السخيفة للامم المتحدة.

 

       بشرى مفرحة

          إن استقرار رأي مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة على انشاء لجنة للتحقيق في عمليات اسرائيل في العملية في غزة هو بشرى مفرحة لحكومة اسرائيل ورئيسها. فقد فشل المجلس وكان كتاب تعيين اللجنة منحازا واعضاؤها مشكوكا فيهم. وهيأ ذلك لنتنياهو شيطانا يمكن أن يوحد عليه جموع بيت اسرائيل. إننا نفاوض ارهابيي حماس لكننا نقاطع منافقي الامم المتحدة.

 

          لو كانت الامم المتحدة حكيمة لكانت عينت للجنتها خبراء بالقانون مناصرين لاسرائيل. لأنهم ما كانوا يستطيعون مع كل مناصرتهم أن يُحللوا كل ما أصاب غزة هذا الشهر. وقد عرّف أحد الاسرائيليين ما حدث هناك بأنه عربدة اطلاق نار. وهو غير معدود في جمعية لحقوق الانسان.

          إن تعيين لجنة الامم المتحدة يُسهل على حكومتنا لسبب آخر وهو أنه يجعل التحقيق في العملية في البلاد صعبا. وكل جهة رسمية ستُدعى الى التحقيق ستجند أفضل جهودها لتدفع عن الحكومة النقد الخارجي، وكان الاعلان الذي أصدره مراقب الدولة هذا الاسبوع جزءً من حملة صرف الانتباه هذه. ويجب على مراقب الدولة أن يفحص لأن هذا عمله. لكن تفويضه لا يشمل سوى الاطراف أما المسائل الثقيلة فليست من شأنه.

          إن مجلس الامم المتحدة هو في الحاصل العام مؤسسة علاقات عامة. والتهديد الحقيقي وسلاح يوم القيامة موجود في المحكمة الدولية في لاهاي لأن التجريم هناك سيجعل قادة الدولة وضباطها مجرمين مطلوبين.

          هل ينوي أبو مازن أن يشكر اسرائيل في لاهاي؟ إنه يقول في أحاديث مع دبلوماسيين اجانب ما يلي تقريبا: لا أريد التوجه الى لاهاي؛ سأتجه الى هناك اذا لم تدع لي الضغوط الداخلية خيارا.

          وهو لن يتجه الى هناك لأنه التزم بذلك لاوباما. والانطباع الذي حدث عند من تحدثوا اليه هو أنه يوجد سبب آخر وهو أنه يخشى شكوى مضادة تورطه هو والسلطة.

          منذ آذار 2013 وضعت في لاهاي شكوى كهذه صاغها محاميان خاصان هما مردخاي تسيبين وأوري يفلونكا. وتنسب الشكوى الى أبو مازن مسؤولية عن اطلاق قذائف صاروخية من غزة وخطف مدنيين وسيارات مفخخة وعمليات انتحارية. وقد أصبح أبو مازن مسؤولا عن ذلك من وجهة نظر المشتكيان بعد أن اعترفت الامم المتحدة بالسلطة التي يرأسها أنها دولة مراقبة. ولهذا فان شكوى أبو مازن الى المحكمة ستفتح الباب للتباحث في الشكوى المضادة.

 

          لا يسارع الفلسطينيون الى التوجه الى لاهاي لكنهم بدأوا في هذا الاسبوع حملة دعائية مجددة على شراء منتوجات اسرائيلية في الضفة. وأصحاب الحوانيت الذين يلتزمون بعدم بيع منتوجات اسرائيل يحصلون على تخفيض ضريبي كبير. والوعي الذي يصاحب الحملة الدعائية يئن تحت ثقل الشعور، فهناك ولد غزي مسكين وبيوت مدمرة وقذائف مزينة بنجمة داود وبشعارات شركات مثل شتراوس وتنوفا وشعارات المنتوجات الفلسطينية المنافسة. وقد سجلت شركات غذاء اسرائيلية انخفاضا كبيرا لمبيعاتها في الضفة إن لم يكن ذلك بسبب غزة فانه بسبب الاعفاء من الضريبة.

 

       تغليف غزة

          يمتد عند أسفل غرفة الطعام في نير عوز مرج كبير كما يناسب الكيبوتس. وقد حُفر في وسط المرج بئر صغيرة الى جانبها كومة تراب. إن هذا هو ما بقي من صاروخ غراد الذي سقط هناك خلال العملية. ولم يسبب السقوط ضررا حقيقيا سوى تهشيم نوافذ غرفة الطعام لكن قذيفتي هاون أصابتا اسطبلا قتلتا 100 عجل ودمرت قذيفة اخرى سيارة لأحد رجال الخدمة الاحتياطية ظن أنه يوقف سيارته في مكان آمن، في الطريق الى وحدته. وقد بلغ أول نفق هجومي تم الكشف عنه في كانون الثاني 2013 الى منطقة بين السياج الحدودي وجدار الكيبوتس. وكُشف عن ثلاثة أنفاق اخرى قرب نير عوز في اثناء القتال. ويفصل 2 كم فقط بين جدار الكيبوتس والحدود، ويفصل 2.5 كم بين بيوت الكيبوتس وقرية حماس خربة خزاعة.

          إن نير عوز كيبوتس على الجدار مثل ناحل عوز ومثل كفار عزة ومثل نيريم وكيسوفيم وعين هشلوشة ومثل صوفا وكرم سالم وغيرها. وتسقط قذائف الهاون عليه دون انذار كالمطر في يوم خريفي. حينما زرت الكيبوتس في اثناء القتال كان من المغري متابعتها. وقد وقعت تسع قذائف في الساحة ووجدت 21 قذيفة اخرى قرب الكيبوتس. فقد أراد رجال حماس ضرب "نير ليت" وهو مصنع الاصباغ عند مدخل الكيبوتس وكادت قذيفة هاون تنجح في ذلك.

          في يوم الخميس الماضي نشرت أمانة سر الكيبوتس عريضة كانت غير عادية في الخطاب الذي صاحب عملية "الجرف الصامد". ورد فيها أن "نير عوز يرى الجيش الاسرائيلي شريكا كاملا ولحما من لحمه. إن الكيبوتس يحتضن بحرارة وبلا تحفظ الجنود الذين يقفون الى جانبه.

          "وبرغم ذلك تعلمنا تجربة الماضي أنه لا غطاء للوعود بأن يُحفظ الهدوء في غلاف غزة زمنا طويلا، ولن يحل تعزيز الحماية العسكرية وحده مشكلاتنا الامنية، فقد فشلت محاولات حكومات اسرائيل المتكررة حل المشكلات الامنية بالقوة العسكرية. فالحل السياسي فقط سيضمن السلام والأمن زمنا طويلا".

          ولم تمر هذه العريضة في هدوء فقد انقض عليها متحدثون من اليمين كانوا يتمتعون طول العملية بسيطرة شبه مطلقة على الخطاب العام؛ ووجد في نير عوز ايضا من اعتقدوا خلاف ذلك فهم يرون أن تهديد الانفاق مشعور به أكثر من احتمالات السلام.

          عمر نير عوز 59 عاما. والمؤسسون وهم من خريجي هشومير هتسعير هم ناس أقوياء وذوو علم. ومكانهم الطبيعي في احزاب اليسار، فقد حصلت ميرتس في الانتخابات الاخيرة على 35 بالمئة من الاصوات، وحصل حزب العمل على 27 بالمئة منها، وحصلت قوائم يسارية اخرى على 12 بالمئة ولبيد على 8 بالمئة ولفني على 7 بالمئة. واكتفى الليكود والبيت اليهودي كل واحد بـ 3 بالمئة.

          إلتقيت في يوم الثلاثاء اربعة من القدماء في غرفة أمانة السر. إن أوري دان وهو في السبعين من عمره، وهو خريج لواء المظليين 55، هو مُركز الأمن في الكيبوتس.

          قال: "بادرت الى اعلان الرأي ذاك. واعتقدت أنني اذا كنت أنا العارف بما يحدث مبلبلا قليلا فان البلبلة في الدولة أكبر بأضعاف. فيجب صنع نظام.

          "هذه فترة اختبار لليسار. والتحدي هو أن تقول ما تعتقده لا حينما يكون مريحا فقط بل حينما يكون الواقع غير مريح على الخصوص. تحدثت الى جنود كثيرين كانوا هنا وكان لدى الجميع شعور باضاعة فرصة. وسألتهم: ماذا تعتقدون يجب العمل. فأجابوا: القضاء عليهم وتدمير غزة حتى آخر بيت فيها.

          "لا أعتقد كذلك. اعترضت على نفتالي بينيت حينما زارنا هنا وقلت له إن دولة اسرائيل تخطيء منذ ثلاثين سنة. حينما كنا نحكم غزة أتيحت لنا فرصة لتطويرها لكننا لم نفعل شيئا. وحماس هي التي انتصرت وهي التي ستعمر غزة.

          "اعتقدت أنه يوجد من وراء استعداد حكومة اسرائيل لاعلان هدنة شيء من الحكمة السامية وأن الهدنة ستكون مقدمة لشيء ما. لكن ليس ذلك هو ما يحدث.

          "كان الجيش على ما يرام. فالاخفاق سياسي. وقد خشيت الحكومة أن تُحدث في غزة دمارا يجعلها قبيحة في العالم. لكننا أصبحنا قبيحين في النهاية مع كل ذلك. فما كنا نستطيع أن نفعله لم نفعله، وما تم فعله لم نفعله نحن".

          كان عوديد لبشيتس إبن الـ 74 في الماضي مراسلا محققا في صحيفة "عل همشمار" وفي صحف الحركة الكيبوتسية. وهو مظلي متقاعد ايضا، قال: "لست مسالما فأنا سأحارب اذا دُعيت الى القتال. لكن الحروب لا تحل شيئا في رأيي؛ فلا حل بالقوة للصراع بيننا وبين جيراننا.

          "إن الردع في الشرق الاوسط لا يصمد أكثر من سنتين. في 1949 وقعنا على اتفاقات وقف اطلاق نار. وبعد سنتين هاجمنا الفدائيون؛ وفي 1967 هزمنا الجيوش العربية وبعد ذلك بسنتين بدأت حرب الاستنزاف. وحدث الشيء نفسه في كل العمليات التي قاموا بها في غزة.

          "أين حصلنا على أكبر عدد من سنوات الهدوء؟ في اتفاقات السلام فقط. فهناك 35 سنة مع مصر و20 سنة مع الاردن.

          "حينما أحرزت هدنة في العملية الحالية قال رئيس الاركان وقائد المنطقة للسكان إنه يمكن أن يعودوا الى بيوتهم. وكانا يعتقدان أننا اذا ضربناهم ضربة أقوى من ضربة حزب الله في الضاحية فلن تتجرأ حماس على اطلاق الصواريخ، لكنهما اخطآ.

          "ومع ذلك أنا راضٍ جدا عما فعله الجيش الاسرائيلي. وقد كانت له عدة مهام هي تدمير الانفاق ووقف القذائف الصاروخية وقتل أكبر عدد ممكن من المخربين وتدمير ترسانتهم، وقد فعل ذلك".

          وسألته: ما الذي تعتقده في غزة؟ فقال: "لم ننفصل عن غزة قط. وقد حولنا غزة الى سجن. إننا نجلس خارج السجن وندع لهيئة السجناء أن يديروه لكننا لا ندع أحدا يخرج. ولهذا فان تباكي الاسرائيليين الذين يدعون أنهم ضحايا – أننا خرجنا من غزة ورد الفلسطينيون علينا باطلاق الصواريخ – هو أكذوبة. إن حماس أطلقت القذائف الصاروخية لأنها لم تعد تستطيع احتمال الحصار".

       التقطير ومُطلق الصواريخ

          كان آريه ايتسيك إبن الستين عاملا في دبابة في اللواء 7. وهو في الكيبوتس مُطبب يسافر الى كل مكان على دراجة نارية صغيرة تعمل مثل عيادة متنقلة.

          زحزحته الحرب الى اليمين. وهو يقول: "تبدأ مشكلتنا من أننا نسمي القذائف الصاروخية التي تسقط علينا قطرات، ونسمي أول مطر اطلاقا. ويجب أن يكون الامر عكس ذلك.

          "منذ أن أصبح عندي أحفاد اصبحت أنظر الى الوضع بصورة مختلفة، وحينما أسير معهم في الكيبوتس أبحث طول الوقت عن أقرب ملجأ.

          "اذا دخلنا غزة فيجب أن نفعل ذلك بصورة جيدة. دخلنا وخرجنا وذيلنا بين رجلينا، وانتظرت عملا عسكريا يجعل الجميع يصرخون باعجاب، لكن هذا العمل العسكري لم يكن. فنحن نتلقى الضرب تباعا ولا نمضي حتى النهاية".

          وسألته: هل تعتقد أنه كان يجب على الجيش الاسرائيلي أن يصل الى مستشفى الشفاء. فقال: "لا في الحقيقة، لكن كان يجب أن يكون الرد أعظم أثرا".

          إن شلومو مرغليت إبن الـ 77 عضو في النواة التأسيسية للكيبوتس. قال: "أحدثت الانباء في وسائل الاعلام انطباع أننا جميعا نهرب. وليس ذلك دقيق. فقد بقي نصف الكيبوتس في الحرب، ويوجد الآن هنا حضور كامل. ومع ذلك يوجد لدينا شعور بأننا لحم للمدافع وبأن دمنا أقل حمرة من دم سكان تل ابيب.

          "لست مناصرا لنتنياهو بالضبط، ولكنني اعتقد مع ذلك أنه تصرف بمسؤولية. وقد حاولت حماس واليمين أن يجراه الى الداخل لكنه لم يُجر.

          "في البلاد تطرف لليمين ولليسار ايضا. واذا قضى علينا شيء فان هذا هو الذي سيقضي علينا".

          وسأل لبشيتس: "من الذي قتله اليسار؟". فقال مرغليت: "ليس القتل كل شيء".

          قال آريه ايتسيك: "حينما سمعت مع سقوط قذائف الهاون أن اليسار خرج للتظاهر على العملية غضبت وحولني ذلك من اليسار الى الوسط".

          وقال شلومو مرغليت: "تحولت زوجتي التي كانت من قواتنا الى اليمين، فهي غير مستعدة للعيش مع حماس".

          لكن يوم الثلاثاء كان هادئا وعادت العائلات. وتم في غرفة الطعام عشاء احتفالي. لم توجد خطب ولا اعلانات لكن الجميع جاءوا. ورأوا في لوح الاعلانات عند المدخل دعوة الى لقاء سياسي، فعيساوي فريج عضو الكنيست العربي من ميرتس سيزورهم في يوم الخميس. والقصد كما كتب الى تشجيع الرفاق وتقويتهم.